حماية «الحلال»... من صِراع الأجيال

2 days ago 6

- نقاش قانوني لإقرار تنظيم يُتيح اختيار بنك أو شركة أو مكتب محاماة أو محاسبة «أمين الثروة»
- مقترح بإنشاء صناديق تابعة لتملك وإدارة العقارات السكنية
- تأسيس شركات الـ «Trust» وفقاً لقانون الشركات لكن بغرض محدّد
- ألف دولار رأس المال الشائع والدولار يُجزّأ لألف نقطة والنقطة سهم
- «الأمين» يتلقى توجيهات الأعمال والأموال ممن يذكر اسمه في كتاب «الأمنيات»
- مكانة الشركات العائلية اقتصادياً تتطلّب من الجهات الرقابية تنظيم تعاقب إدارتها

وسط تسارع تحرّك الحكومة نحو تحديث بنية المنظومة التشريعية، وعلى رأسها القوانين الاقتصادية، تماهياً مع استحقاقات تنفيذ رؤية الكويت 2035، بدأت الجهات المعنية بحث إمكانية تنظيم تعاقب الشركات العائلية قانوناً، وذلك في مسعى للتغلّب على تحديات الخلافة في الكيانات التجارية، وضمان استمرارية أعمالها، لما تمثّله من أهمية تاريخية وتنموية للاقتصاد المحلي.

وفي هذا الخصوص، قالت مصادر ذات صلة لـ«الراي» إن هناك مقترحاً بإقرار قانون جديد ينظّم استمرارية أعمال الشركات العائلية ويحقق نموها، فضلاً عن حماية أصولها من التآكل بسبب الصراعات التي قد تطرأ مستقبلاً بين الأجيال، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقضايا الخلافة، والتي يمكن أن ينشأ معها نزاعات مدفوعة بتوقعات ومصالح وأهداف مختلفة لأصحاب المصلحة المختلفين، مثل المالكين الحاليين والخلفاء المحتملين، والموظفين من خارج العائلة، والشركاء الخارجيين.

مقاربة حكومية

وأشارت المصادر إلى أن المقاربة الحكومية التي يجري مناقشة استحداثها محلياً، تتعلق بإقرار قانون يسمح بتأسيس شركات الـ «Trust» أو ما تُعرف باسم «العهدة»، فما هي هذه الكيانات وما هدفها وما مدى أهميتها؟

كما درجت العادة بالخارج، يؤسس الأثرياء سواء أشخاص أو المجموعات العائلية كيانات تجارية يطلق عليها شركات العهدة، تكون ذات غرض محدد، حيث يجري تأسيسها لتكون دفاترها حاضنة لجميع أصول وثروات المجموعة العائلية أو الشخص الثري، والتحكم فيها بمعايير وإجراءات خاصة تضمن استمرار أعمال المجموعة على الوتيرة نفسها، وللعلم هذه الكيانات غير قابلة للإفلاس، ووفقاً للمتداول بالخارج يبلغ رأسمالها الاسمي ألف دولار، تتم تجزئة كل دولار منه إلى 1000 نقطة، وكل نقطة تمثل سهماً.

وحسب قانون الشركات بالكويت، لا يوجد ما ينظم تأسيس شركات «العهدة» بمفهومها الشامل، فيما يسمح الكتاب 11 من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال، بتأسيس شركات ذات غرض واحد تستخدم لنقل الأصول لأجل إصدار السندات والصكوك.

أوامر تنفيذية

وإذ أقرّ تنظيم قانوني لشركات العهدة محلياً سيكون لها أمين «Trustee»، ويجوز وفقاً لنموذج عملها، أن يكون شخصاً أو جهة واحدة، أو مجلس أمناء، وبالدول الأجنبية أمين العهدة عبارة عن مكتب محاماة أو مكتب محاسبي أو بنك أو شركة استثمار، أو مجلس إدارة مكوّن من أشخاص محددين، يتلقون التوجيهات والأوامر التنفيذية لتسيير الأعمال والأموال بعد وفاة مالك المجموعة من شخص أو أشخاص تتم تسميتهم في كتاب يسمى «الأمنيات»، أو ما يُعرف بـ «Letter of Wishes»، على أن تُدار الشركات التشغيلية التابعة وفقاً للإدارة التنفيذية القائمة عليها أو المستبدلة لاحقاً.

وأوضحت المصادر أن المباحثات المفتوحة في هذا الاتجاه تشمل بعض المقترحات، من قبيل تضمن القانون المرتقب السماح بإنشاء صناديق تابعة لشركة العهدة، يحق لها تملك وإدارة العقارات السكنية وكذلك التجارية والاستثمارية العائد ملكيتها للشركة العائلية، والتي تكون محل خلاف غير محسوم بين الورثة، منوهة إلى أنه في حال إقرار هذا القانون لن يضطر المهتمون بشركات العهدة إلى تأسيسها خارج الكويت، فيما يرجح حصول هذه الكيانات على بعض التسهيلات القانونية، منها عدم الحاجة لتسجيل عنوان محدد، وربطه بـ«الأمين».

وأفادت المصادر بأنه في هذه الحالة سيكون بإمكان رؤوس الشركات العائلية والأثرياء الذين لا يجدون الشخص المؤهل لخلافتهم، اختيار أمين لثرواتهم، مع تسمية ما يرونه مناسباً لتولي هذه المهمة، علماً أن ذلك قد يشمل أياً من أبناء الأسرة بغض النظر عن ترتيبه العائلي، أو قد يكون الأمر ممزوجاً بأشخاص من الخارج، تكون مهمتهم إدارة أعمال الشركة العائلية والحفاظ على أصولها، لمرحلة محددة، حتى يتهيأ الجيل اللاحق لتولي الإدارة بنفسه.

وبيّنت أن تنظيم مسألة تعاقب الخلافة في الشركات العائلية مع التخطيط المسبق للخلافة، يمكّن هذه الكيانات من تفادي الصراعات أو تقليلها، من خلال توضيح أدوار ومسؤوليات كل أصحاب المصلحة، ووضع معايير واضحة وعادلة لاختيار وتقييم الخلفاء، وإنشاء عملية صنع قرار شفافة وشاملة، يرده مجلس محدد المهام والمسؤوليات للإشراف على عملية الخلافة وحل أي نزاعات قد تنشأ، لافتة إلى أن التنظيم القانوني يضمن تفادي الاضطرار لترقية أفراد من العائلة، غير مؤهلين لإدارة الشركة، والتي تُعد من أبرز أسباب فشل استمرار الشركات العائلية.

مكانة الشركات

وأوضحت المصادر، أن تنظيم تعاقب الخلافة التجارية يؤثر إيجاباً على أداء الشركة العائلية وبقائها، كما أن إقرار قانون يسمح باختيار أمين للعهدة، يضمن الانتقال السلس والناجح للقيادة والملكية، ومن ثم استقرار الشركة العائلية ونموها والحفاظ على قدرتها التنافسية، في حين أن الصراعات تؤدي إلى سوء إدارة أو تأخر الخلافة، وبالطبع التعرّض لخسائر أو حتى الفشل، منوهة إلى أنه نظراً لدور ومكانة الشركات العائلية في الاقتصاد الكويتي، فإن ضمان نجاحها من الجهات التنظيمية والرقابية، أمر بالغ الأهمية.

الإمارات الأكثر استقطاباً لأصول أثرياء «العهدة»

تُعد الإمارات أكثر أسواق المنطقة استقطاباً لأصحاب الثروات الخليجيين لتأسيس شركات «العهدة»، وذلك لسببين رئيسيين، أولهما أن المؤسسين يدفعون ضرائب بمعدلات غير مؤثرة على أعمالهم، مستفيدين بكونهم مستثمرين أجانب وتحديداً خليجيين، وثانياً أن الإمارات تسمح لغير مواطنيها بتملك شركات بنسبة 100 في المئة.

ومن المحددات الرئيسية لتحديد مقر شركة العهدة جغرافية الأصول، بمعنى أنه إذا كانت الملكيات المراد نقلها للشركة موجودة في الكويت أو في الخليج يكون الترجيح لاختيار الإمارات عادة.

أما إذا كانت الأصول العائلية موجودة أو غالبيتها ترتكز في أوروبا أو أميركا، يكون تفضيل أصحابها لتأسيس الكيان في سوق هذه الأصول أو غالبيتها.

ويعول كثيراً على أن يؤدي إقرار تنظيم قانوني لشركات «العهدة» في الكويت إلى فتح باب تأسيس هذه النوعية من الشركات محلياً، وربما إحداث هجرة عكسية للكيانات المؤسسة بالخارج إلى الكويت، من خلال التخارج لصالح شركة العهدة المؤسسة محلياً، وفي هذه الحالة يكون عمل هذه الكيانات وفقاً لقانون الشركات الكويتي والتقاضي أمام المحاكم المحلية.

اذهب للمصدر