صناديق سيادية في الشرق الأوسط ومستثمرون كبار بدأوا تجنب أميركاً

13 hours ago 6

- إقبال على فتح حسابات باليورو على حساب الدولار
- تزايد البحث عن وجهات استثمارية أكثر استقراراً من الولايات المتحدة

كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» عن تحوّل في إستراتيجيات كبار المستثمرين في آسيا والشرق الأوسط، بما في ذلك صناديق الثروة السيادية، حيث يتجنبون الأصول الأميركية خوفاً من تقلبات السياسة المحتملة في ظل الإدارة الأميركية.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصادر مطلعة أن كبار المستثمرين في آسيا والشرق الأوسط، بما في ذلك صناديق الثروة السيادية، يعيدون توجيه استثماراتهم بعيداً عن الأسواق الأميركية، ويأتي هذا التحول نتيجة المخاوف من التقلبات السياسية المحتملة التي قد تصاحب الإدارة الأميركية، ما يدفع هؤلاء المستثمرين إلى البحث عن وجهات استثمارية أكثر استقراراً.

وأفادت صحيفة «فايننشال تايمز» نقلاً عن مسؤولين تنفيذيين في مجموعة «بارتنرز» السويسرية، أن بعض الصناديق الاستثمارية، خصوصاً من آسيا والشرق الأوسط، تسعى لتجنب الاستثمار في الأسواق الأميركية بشكل كامل. ويعود ذلك إلى حالة عدم اليقين المرتبطة باحتمال فرض تعريفات جمركية أو قيود تجارية واستثمارية جديدة.

تنويع الاستثمارات

وأوضح روبرتو كاغناتي، رئيس حلول المحافظ في المجموعة التي تدير أصولاً بقيمة تتجاوز 170 مليار دولار، نصفها في الولايات المتحدة، أن «عدداً متزايداً من المستثمرين الآسيويين يركزون على تنويع استثماراتهم بعيداً عن الأصول الأميركية»، في ظل التحديات الراهنة.

وأضاف أن كبرى المؤسسات الاستثمارية في الشرق الأوسط وآسيا، أصبحت أكثر حذراً تجاه الاستثمار في الولايات المتحدة، وذلك على خلفية المخاوف المرتبطة بالسياسات الأميركية، مشيراً إلى أن بعض المستثمرين بدأوا يفضلون فتح حسابات باليورو بدلاً من الدولار، تحسباً للمخاطر المحتملة الناتجة عن التعريفات الجمركية أو الحروب التجارية. كما لجأ آخرون إلى طلب حسابات إيداع لدى بنوك غير أميركية، خشية تصاعد التوترات.

وأوضح كاغناتي أن هذه المناقشات بدأت خلال العام الحالي، مدفوعة بتطورات الإدارة الأميركية، وأن هذه الحوارات شملت مجموعة من العملاء، بما في ذلك بعض صناديق الثروة السيادية، التي تسعى لتقليل تعرضها للمخاطر المرتبطة بالسوق الأميركي.

انقسام مالي

وقال إن النظام المالي العالمي أصبح أكثر انقساماً وأقل تكاملاً، مشيراً إلى أن هذا التحول ستترتب عليه تكاليف اقتصادية، موضحاً أن هذا الانقسام يأتي نتيجة تزايد الحذر بين المستثمرين من آسيا والشرق الأوسط تجاه السوق الأميركية.

ولفت كاغناتي إلى أن الصدمات السياسية التي شهدتها الولايات المتحدة، خصوصاً بعد إعلانات الرئيس ترامب بشأن الرسوم الجمركية وتوجيهاته نحو الاحتياطي الفيدرالي، قد تكون «غير معتادة»، لكنه أشار إلى أن مثل هذه التغيرات متوقعة عندما تتبنى إدارة جديدة أجندتها. وأضاف: «ربما كانت طريقة تنفيذ هذه السياسات بمثابة صدمة طفيفة، خاصة بالنسبة لسويسرا».

انخفاض الاستقرار

من جهته، أكد ديفيد لايتون، الرئيس التنفيذي للشركة، الذي يعمل بين مكاتب الشركة في كولورادو وزوغ القريبة من زيورخ، أن الشعور بانخفاض الاستقرار وزيادة التغييرات السنوية يدفع المستثمرين إلى البحث عن أسواق جغرافية أكثر استقراراً. وأضاف: «عندما يشعر المستثمرون بأن الاستقرار ليس مضموناً، يميلون إلى توجيه استثماراتهم نحو مناطق أكثر أماناً».

وأشار لايتون إلى أن الولايات المتحدة تواجه لحظة حاسمة لإثبات استقرارها الاقتصادي والسياسي، معرباً عن تفاؤله بقدرتها على تحقيق ذلك. ومع ذلك، أقر بوجود «العديد من الصدمات» هذا العام نتيجة سياسات الإدارة الجديدة وأجندتها.

من جهته، حذر رئيس قسم الملكية الخاصة في «بارتنرز»، وولف هينينج شايدر من أن الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة على سويسرا ستؤثر سلباً على شركة «بريتلينغ»، إحدى أبرز شركات الساعات الفاخرة في محفظة «بارتنرز»، موضحاً أن هذه الرسوم ستجبر الشركة على رفع أسعار منتجاتها في السوق الأميركية، ما قد يؤدي إلى انخفاض المبيعات في الولايات المتحدة.

وجهة جذابة

ورغم ذلك، أكد شايدر أن الولايات المتحدة تظل وجهة استثمارية «جذابة للغاية» لتخصيص رأس المال في القطاعات الرئيسية التي تركز عليها المجموعة، وهي التكنولوجيا، والرعاية الصحية وعلوم الحياة، والصناعات، والخدمات.

وأكد شايدر أن الولايات المتحدة تُعدّ السوق الأكبر والأكثر جاذبية للاستثمارات في قطاعي التكنولوجيا والصحة وعلوم الحياة، مقارنةً بأوروبا. وقال: «نرغب في الاستثمار في التكنولوجيا في أوروبا، لكن الولايات المتحدة تمثل سوقاً أكبر بكثير، سواء للشركات التكنولوجية أو الشركات متوسطة الحجم في قطاع الصحة، حيث تُعتبر سوقاً ضخمة».

وأضاف شايدر أن الولايات المتحدة لم تفقد جاذبيتها كوجهة استثمارية، مشيراً إلى تحديات تواجه بعض الاقتصادات الأوروبية الكبرى. وأوضح: «السؤال الذي يطرح نفسه أحياناً هو: كيف ستحقق الاقتصادات الأوروبية الكبرى معدلات نموها؟»، مستشهداً بالركود الاقتصادي الذي شهدته ألمانيا خلال 2023 و2024. فيما أكد أن هذه التحديات تُعدّ محور دراسة دقيقة للمستثمرين.

اذهب للمصدر