- تجهيزات طرح أول إصدارات «التمويل والسيولة» مرجحة قريباً
- التوقعات تشي بأن تغطي الاحتياطيات الاستثنائية الإنفاق الحكومي
- الاستدانة من الخارج ترتكز على تنويع قاعدة المستثمرين جغرافياً ومؤسسياً
- بنوك الكويت تتمتع بفوائض سيولة عالية لكن عين الرقيب مفتوحة على ديمومة بقية الخطوط
- عبء الدَّين الحكومي سيظل منخفضاً... وصافي أصول الدولة كبير جد بالمستقبل المنظور
في إطار تحركات الجهات المعنية بقانون التمويل والسيولة نحو إطلاق الدَّين العام إلى حيز التنفيذ، قالت مصادر ذات صلة إن هناك أكثر من سيناريو مقترح في خطة تحديد حجم القرض السيادي المرتقب طلبه كمرحلة أولى خلال السنة المالية الحالية 2025 - 2026، وآلية توزيع أنصبته بين السوقين المحلي والعالمي، مشيرة إلى أن السيناريو الرئيس لإطلاق الحكومة صافرة بدء الاقتراض، يدفع بأن تتكوّن الشريحة التمويلية عن السنة المالية الحالية من 2 مليار دينار، يتم اقتراضها من السوق المحلي، إلى جانب أخرى توازي 3 مليارات من الأسواق العالمية.
وأشارت المصادر إلى أن هذه السيولة ستوجه لتمويل عدد من المشاريع التنموية، خصوصاً المدرجة في ميزانية السنة المالية الحالية، متوقعة أن يكون أول إصدارات «التمويل والسيولة» قريباً، حيث تكشف المناقشات المفتوحة في هذا الخصوص عن الدخول في مراحل متقدمة لذلك.
وحسب تصريح سابق لمدير إدارة الدَّين العام في وزارة المالية فيصل المزيني، من المرتقب أن تبلغ شريحة الاقتراض الأولى 2.3 مليار دينار، على أن تُستكمل الشرائح الأخرى بين 3 إلى 6 مليارات خلال الفترة نفسها من السنة المالية 2025 - 2026.
وأكدت المصادر أن الاقتراض من السوق المحلي لا يقل أهمية عن الأسواق العالمية، ويعكس ثقة كبيرة في حجم الفوائض المصرفية المتاحة للإقراض إلا أنه نظراً لقرب انطلاقة جملة مشاريع تنموية بموازاة الدَّين العام وقانون التمويل العقاري المرتقب إقراره، من الضروري الحفاظ على سلامة مخزون السيولة المصرفية، من خلال عمل توزان بين ما يمكن أن تسحبه الحكومة من أموال متوافرة بالسوق المحلي لمقابلة احتياجاتها التمويلية، ومراعاة قدرة الفوائض المتاحة بالفعل لتغطية جميع القطاعات الاقتصادية دون تأثر، لافتة إلى أن غرض الجهات الرقابية من هذه المعادلة ضمان كفاءة فوائض السيولة المصرفية المحلية، حيث عين الرقيب مفتوحة على ضمان ديمومة تدفقها باتجاه بقية خطوط التمويل المفتوحة اقتصادياً والتي ستفتح مستقبلاً.
وأشارت المصادر إلى أنه من هذا المنطلق تتنامى ترجيحات حسبة اقتراض 2 مليار دينار من السوق المحلي و3 مليارات من السوق العالمي في السنة المالية الحالية، لافتة إلى أن الاستدانة من الخارج ترتكز على تنويع قاعدة المستثمرين جغرافياً ومؤسسياً.
وبيّنت، أن لدى الكويت حالياً فرصة كبيرة للتوجه لأسواق الدَّين العام التي لم تطرق أبوابها منذ 8 سنوات سواء المحلية أو العالمية، والاستفادة بفروق أسعار فائدة ضيقة نسبياً، مدفوعة بأصول كبيرة تتجاوز تريليون دولار يمتلكها صندوق الاحتياطي العام، واحتياطات ضخمة بشكل استثنائي، ورصيد هائل من النفط والغاز الذي ينتج بتكاليف منخفضة، إلى جانب مستويات دخل عالية للغاية، مع توقعات بتحقيق الكويت فوائض كبيرة بالحساب الجاري، منوهة إلى أنه يقابل ذلك حالياً مستويات دَّين عام متدنية للغاية، خصوصاً عند قياس نسبتها إلى الناتج المحلي والتي يلحظ بلوغها 2.9 في المئة، مقابل 50 أو 60 في المئة في دول أخرى.
وتدفع هذه المعطيات وكالات التصنيف العالمية وآخرها «موديز» إلى ترجيح مقدرة الكويت على مواجهة خطر عجز الموازنة الذي قد ينتج عن انخفاض أسعار النفط عن المتوقع، فيما توقعت أن تغطي احتياطيات الكويت المتنوعة الإنفاق الحكومي أو جزء كبير منه، وأن يظل عبء الدَّين الحكومي منخفضاً، وأن يظل صافي أصول الدولة كبيراً جداً في المستقبل المنظور.
وذكرت المصادر أن معطيات القوة التي تميز الكويت يشجع أكثر على توجهها حالياً نحو أسواق الدَّين العالمي، لتستفيد من وضعها القوي تصنيفاً لدى المؤسسات العالمية، والذي يرجح زيادة تدفق المستثمرين على تغطية أي إصدارات للدين العام يمكن أن تطرحها البلاد في الوقت الحالي بأفضل تكاليف تمويل ممكنة، ما يعني محاسبياً واستثمارياً تقليل تكلفة الدَّين العام، ما تصب نتائجه في الصالح العام، منوهة إلى أن المعيار الحاكم لاختيار الوقت المناسب والمستثمرين يعتمد على وضع الأسواق، وعوامل الاقتصاد الكلي، وأسعار النفط، وتوجهات الأسواق العالمية والمخاطر المصاحبة للاقتراض، وغيرها من العوامل المساندة، وهو ما يتم العمل على قياسه حالياً من المعنيين بهذا الملف.
مسيرة «الدّين العام» تاريخياً
انطلقت المسيرة التاريخية لـ«الدين العام» في الكويت مع المرسوم بقانون رقم 50 لسنة 1987، وكان أول إصدار لأذونات الخزانة والسندات في منتصف الثمانينات، عندما واجهت الدولة عجزاً في الميزانية العامة وانخفاضاً حاداً في الإيرادات النفطية، ولما كان الدستور في مادته 136 نص على أن «تعقد القروض العامة بقانون»، صدر المرسوم بقانون رقم 50 لسنة 1987 بالإذن للحكومة بعقد قرض عام. وسمح القانون آنذاك للحكومة بعقد قروض لغاية 10 سنوات من تاريخ صدوره، وألا تتجاوز قيمة القروض 1.4 مليار دينار، ومع تدهور الأوضاع المالية للدولة في ذاك الوقت، اضطرت الحكومة إلى إصدار مرسوم بقانون رقم 13 لسنة 1989، الذي رفع الحد الأقصى لمبلغ القروض إلى مليار دينار.
وبعد الغزو العراقي الغاشم، وما ترتب عليه من أعباء مالية ضخمة، تحتم على الحكومة اللجوء إلى الاقتراض العام لتوفير الأموال اللازمة لتغطية النفقات المالية الكبيرة، ما اقتضى رفع الحد الأقصى لمبلغ القرض العام المقرر بالمرسوم رقم 50 لسنة 1987، والمعدل بالمرسوم رقم 13 لسنة 1989، فتم صدور مرسوم بالقانون رقم 7 لسنة 1991 لرفع الحد الأقصى للقرض العام إلى 10 مليارات دينار، وقد سمح القانون لأول مرة للحكومة بالاقتراض من الأسواق العالمية وبالعملات الأخرى.
ومع بداية الأزمة المالية العالمية في 2009 قامت الحكومة بإصدار مرسوم بالقانون رقم 3 لسنة 2009 لتمديد مدة الاقتراض 20 سنة تبدأ من تاريخ انتهاء المدة السابقة، وقد أضاف القانون «الصكوك الإسلامية» لتكون أداة من أدوات الاقتراض، إلا أن عدم صدور قانون ينظم الصكوك الحكومية حال دون استخدام هذه الأداة.
وفي 10 أبريل 2017 انتهت مدة الاقتراض المذكورة في المرسوم بالقانون رقم 50 لسنة 1987 والقوانين المعدلة له، وفي أبريل الماضي أقر قانون التمويل والسيولة الذي يسمح للحكومة جمع 30 مليار دينار، من إصدارات أدوات دَين على مدى 50 عاماً، لتعود البلاد معه إلى بيع أدوات دَين للمرة الأولى في 8 سنوات.