- أسعار الشاليهات والمزارع تُشكّل أولوية وتعميق أثرها مالياً وتنموياً بإنشاء مُنتجعات وأماكن سياحيّة
- 121.7 مليار دينار قيمة أملاك الدولة المُقدّرة في الميزانية
- 125 مليوناً عوائد تعادل 6 في المئة من الإيرادات غير النفطية 2023 / 2024
- الزيادة المُرتقبة قد تُضاعف تسعير بعض العقود مرة أو اثنتين أو ثلاثة وربما أكثر
- تقدير الأصول العامة محاسبياً بالمعايير السوقية العادلة سيضاعف قيمتها الدفترية
- تعزيز الأثر المالي والكفاءة التشغيلية للأصول يتماهى مع رؤية «كويت 2035»
- تحسين خدمات الأصول بإعادة تقييمها وتنظيمها وتوسيع مناحي استثمارها
- تركيز على القطاعات التي تُولّد أعلى عائد وهيكلتها لا تُؤثّر سلباً على الاقتصاد
- إحكام الرقابة على الموجودات وتطوير الأصول الضائعة وليس العائد المالي فقط
- تشكيل لجان مُتخصّصة يُخرج أملاك الدولة من أروقة السياسة لصياغة تنموية حقيقيّة
تنامى في الآونة الأخيرة حديث حكومي، عن التوجه لإعادة هيكلة أملاك الدولة بمنظور تنموي يراعي جميع الآثار الاقتصادية والمالية والاجتماعية والاستثمارية، واتساقاً مع هذا التوجه تم إسناد مهمة تقديم المعالجة المُستحقّة لهذا الملف حيوي الأثر، والذي برز أخيراً كأولوية حكومية تنموية إلى وزيرة المالية وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية المهندسة نورة الفصام.
وما يعكس إستراتيجية هذا التوجّه أكثر استجابة الفصام السريعة، بتشكيل لجان عدة لهذا الغرض، أولها لإجراء جرد دقيق وشامل للتقييم العادل لأصول كل وزارة أو إدارة حكومية، وآخرها جاء نهاية الأسبوع الماضي بهدف تنظيم استغلال أصول هذا القطاع، من خلال حصر مهام وصلاحيات الوزارات في ما يخص أملاك الدولة العامة والخاصة، مع دراسة إمكانية ضم اختصاصات وتنظيم إدارة استغلال هذه الأملاك تحت مظلة حكومية واحدة، فماذا تخطط الفصام بهذا النطاق؟ وماذا لديها من أوراق اقتصادية وتنموية تزكي جهودها؟
ضآلة العائد
مبدئياً، تظهر الأرقام أن إيرادات أملاك الدولة الإجمالية من وزارات وهيئات والتي تقارب قيمتها المقدرة 121.7 مليار دينار، حققت في السنة المالية 2023- 2024 نحو 125 مليون دينار، أي نحو 6 في المئة من إجمالي الإيرادات غير النفطية في الميزانية، وهي عوائد لا شك أنها ضئيلة، حتى لو تمت مضاعفتها أكثر من مرة، وفي هذا الخصوص كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أبرز ملامح الهيكلة المرتقبة، مشيرة إلى أن الهدف الأوسع يرتكز على تعزيز الكفاءة التشغيلية لهذه الأصول، وزيادة إيراداتها، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة التي تتماهى مع رؤية «كويت جديدة 2035».
لكن تظل هذه العبارات مُنمّقة، وتبقى الإجابات التفصيلية على الأسئلة المثارة في هذا الخصوص، وتحديداً التي تتعلق بآلية تحقيق هيكلة أملاك الدولة المثلى، وأولوياتها، والعائد المالي والتنموي المتوقع منها للخزينة العامة ولجمهور المستفيدين، فضلاً عن الآثار السلبية المتوقعة اقتصادياً من رفع أسعار هذه الأصول، لا سيما التضخمية؟ أو باختصار من هم الخاسرون والرابحون من إعادة تسعير أملاك الدولة بالورقة والقلم؟
وبالطبع تتزايد أهمية هذه الأسئلة أكثر لا سيما لدى المختصين، وكذلك مستثمرو الأملاك حالياً، والمحتملون، وربما لدى مسؤولي «المالية» أنفسهم خصوصاً من الصف الثاني بإدارة أملاك الدولة؟
أجوبة واضحة
إلى ذلك يكون منطقياً تفتيت هذه الأسئلة لتحظى بأجوبة أكثر تحديداً سواء للغاية أو الآلية، وبهذا الشأن أوضحت المصادر المسؤولة أنه لا يوجد خاسرون من إعادة هيكلة أملاك الدولة، باعتبار أن التوجه العام يرتكز على تعزيز أثرها المالي والتنموي، والذي تم تجاهله لعقود، دون مراعاة استحقاق مواكبة التطورات الجوهرية التي طرأت على هذه الأصول، وتحديداً لجهة فقدان العائد الكبير الذي يمكن أن تحققه الدولة من تطوير هذا القطاع، وكذلك المكاسب المرجوة لجميع الأطراف ذات العلاقة، وعلى رأسها المواطن متوسط ومحدود الدخل.
وبينت المصادر أن تشكيل لجان متخصصة لإعادة هيكلة أملاك الدولة، يخرج هذا الملف الحيوي من أروقة السياسة إلى سكة التنفيذ لإقرار صياغة تنموية حقيقية، تراعي تحقيق عوائد اقتصادية غير مستغلة، مباشرة وغير مباشرة، ما يرسخ مبدأ رئيس، يتمثل في تحسين خدمات هذه الأصول بإعادة تقييمها، ومناحي استثمارها، وبالتالي إعادة تنظيمها، وإعادة تخصيصها، مع التركيز على قطاعات الأصول التي تولد أعلى عائد.
كفاءة تشغيلية
وأشارت المصادر إلى أن ما يزيد وهج هذا التحرك أنه يحقق فوائد متعددة الرؤوس التنموية، فمن ناحية يسهم في زيادة الإيرادات غير النفطية في الميزانية العامة، كما يشكل إحدى معالجات اختلالات الاقتصاد المزمنة إلى جانب رفع حجم القطاع الخاص المنتج في الناتج المحلي الإجمالي، بما ينسجم مع رؤية الكويت 2035، فضلاً عن رفع الكفاءة التشغيلية للأملاك العامة، بما يعود بالنفع المالي والسياحي والاستثماري، إلى جانب إتاحة فرص أوسع لمجتمع الأعمال وللمبادرين من الشباب الكويتيين.
وذكرت أن هيكلة أملاك الدولة تؤدي لتحقيق العدالة المحاسبية في تقييمها، ومن ثم تبويبها حسب القيمة السوقية الحقيقية قيمة وتأجيراً، حيث يتوقع أن تفضي الهيكلة المرتقبة لمضاعفة القيمة الدفترية لهذه الأصول بناء على المعايير السوقية الحالية، مضيفة أن ما يعزز جهود الهيكلة المرتقبة استهدافها إجراء جرد دقيق وشامل للتقييم العادل لأصول كل وزارة أو إدارة حكومية، وذلك لإحكام الرقابة على الموجودات الفعلية ومدى مطابقتها للسجلات، ودرجة توافقها مع الاحتياجات الفعلية لأداء الأعمال أو الإنتاج، حتى تكون هناك قرارات مالية صحيحة، لا سيما في شأن الأصول الضائعة، وليست المالية فقط.
محل دراسة
وحول العائد المالي المتوقع من هيكلة أملاك الدولة؟ أوضحت المصادر أن قياس الأثر المالي الحقيقي لا يزال محل دراسة شاملة من المسؤولين عن هذا الملف، على أساس أن إعادة هيكلة أملاك الدولة مرتبطة بتقديم حلول متصلة بمسائل اقتصادية واجتماعية، وأن تسعير بعضها قد يتضاعف مرة أو مرتين وربما 3 أو أكثر، وذلك حسب القطاع، لكنها رجحت ألا تقل العوائد الإضافية المرتقبة للميزانية العامة سنوياً عن نصف مليار دينار وذلك بأسوأ السيناريوهات.
أما عن سيناريوهات الأولويات المطروحة، فلفتت المصادر إلى أن هناك أكثر من مسار على الطاولة، متوقعة أن تكون بداية الإصلاح من بوابة القطاعات «المظلومة» تشغيلاً وعائداً، خصوصاً الأراضي وعقود الانتفاع، والتي تتصدرها مناطق الشاليهات، والحيازات الزراعية والحيوانية، وغيرها من القطاعات المنسية.
سقف الزيادة
وقالت المصادر إن معدل زيادة عائد الدولة المستقبلي من هذه القطاعات متباين، وقد يصل سقف بعضها 50 في المئة، مشيرة إلى أن تحديد معدل زيادة المنفعة يتوقف على مدى العدالة وتأثيره اقتصادياً على القطاعات ذات الصلة وعلى المواطن، ومستهدفات الدولة من تنميتها، تحقيقاً لمفهوم الأثر الأوسع المستهدف من هيكلة أملاك الدولة.
ولفتت إلى أن خطة تطوير هذه الأصول من قبيل نطاق الشاليهات والمزارع لا تقوم فقط على زيادة العائد المجرد من معالجتها، بل تشمل خطة شاملة تضمن تحسين جودة خدماتها واستحداث أخرى جاذبة، من قبيل إنشاء منتجعات وأماكن سياحية تؤدي لاستقطاب جانب من السياحة الخليجية، لا سيما العائلية إلى الكويت، وتوطين الأموال التي ينفقها الكويتيون على السفر للخارج سنوياً والتي قاربت 4.39 مليارات دينار في 2023 وفقاً لبيانات ميزان المدفوعات.
منظور اقتصادي وتنموي شامل
قالت المصادر المسؤولة لـ «الراي» إنه عندما يُعاد استثمار أملاك الدولة بمنظور اقتصادي وتنموي شامل، لا تتوقّف عدالة رفع قيمة المنفعة من هذه الأصول عند الحدود المالية، بل تتجاوزها لتكون النتيجة الحتمية توفير استثمارات محلية واعدة تنموياً، تستقطب رؤوس الأموال الجادة وتطرح فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لمجتمع الأعمال ومنهم الشباب الكويتيون. وأضافت أن منفعة المستثمر من هذه الخطوة تتعاظم في أنها تضعه أمام أصول مدرة للدخل المستدام، مدعومة بتحسين الخدمة والمناخ الاقتصادي، معززة ببيئة استثمار منتجة للفرص الحقيقية، ومناخ أقل بيروقراطية في الإجراءات الحكومية، ومتدني المخاطر، ما يشجع على التوسع في الاستثمارات التنموية».
دعم أكثر عدالة وتركيز
على المستحقين
بالنسبة لمكاسب المواطن متوسط ومحدود الدخل من إعادة هيكلة أملاك الدولة، ذكرت المصادر أن هذه الشريحة تشكل أحد أبرز المستفيدين، حيث ستحظى بخدمات متطورة وتنافسية، تواكب تلك المقدمة بالأسواق الجاذبة للسياحة، وبتكلفة عادلة تناسب ميزانية مختلف الشرائح المجتمعية، مع مراعاة تناسق هيكل الرواتب مع هذا التطوير. وحول ضمان وصول الدعم عموماً لمستحقيه من المواطنين كما يتم التأكيد عليه حكومياً باستمرار في أكثر من مناسبة، قالت المصادر إن الدعم المقدم مستقبلاً سيكون أكثر عدالة، مضيفة أن ذلك سيتحقق من خلال تقنينه، وزيادة أثره المجتمعي ببلوغه مستحقيه.