- يسهل اعتبار التطورات الأخيرة عابرة ففي النهاية يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً
- كل 10 دولارات زيادة في النفط ترفع التضخم أوروبياً 0.4 في المئة وتخفض نمو الناتج المحلي 0.25 في المئة
- تباين مسار السياسة النقدية عالمياً يرجح لتحولات في تدفقات رأس المال ويؤثر على أسعار الصرف
في ظل مشهد اقتصادي عالمي يتسم بتقلبات غير مسبوقة، باتت التوقعات المستقبلية محفوفة بشكوك عدة. ومع اقتراب نهاية نصف العام 2025، تتجه الأنظار نحو مؤشرات النمو والتضخم التي تُعطي إشارات متضاربة أحياناً.
وعلى سبيل المثال، بينما تظهر بعض البيانات الأخيرة من الولايات المتحدة الأميركية استقراراً نسبياً في سوق العمل، مع انخفاض معدل البطالة إلى 3.9 في المئة في مايو 2025، ما يُعد مؤشراً إيجابياً على قوة الاقتصاد، إلا أن هذا الاستقرار قد يغذي المخاوف في شأن استمرار الضغوط التضخمية واحتمالية التعرض أيضاً لركود تضخمي.
في المقابل، شهد التضخم في منطقة اليورو تراجعاً إلى ما دون هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المئة في مايو، ما دفع البنك إلى الإشارة إلى أنه سيتوقف موقتاً عن دورة التيسير النقدي، وذلك بعد أن خفّض سعر الفائدة على الودائع للمرة الثامنة هذا الشهر.
هذه التباينات الإقليمية تُلقي بظلالها على توقعات البنوك المركزية العالمية.
ففي الوقت الذي تبدأ فيه بعض البنوك المركزية الكبرى، مثل بنك كندا الذي خفّض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أوائل يونيو 2025، في تخفيف سياستها النقدية، لاتزال بنوك أخرى، كالبنك الاحتياطي الفيدرالي، تلتزم الحذر وتؤجل قرارات خفض الفائدة، مُشيرةً إلى أن التضخم لم يُصبح مستقراً بما يكفي للقيام بذلك.
هذه التباينات تُشير إلى أن مسار السياسة النقدية عالمياً لن يكون موحداً، ما قد يُحدث تحولات في تدفقات رأس المال ويُؤثر على أسعار الصرف.
وحول التطورات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، قال موقع (KITCO) الإخباري في تحليل نشره حديثاً إنه رغم أن التوترات في الشرق الأوسط لم تدفع أسعار النفط إلى ما يزيد على 100 دولار، إلا أنها أدت إلى ارتفاع حادّ بنسبة مئوية مزدوجة خلال الشهر الماضي.
وأضاف أن هذا الارتفاع عزز أسعار السلع الأخرى القائمة على الموارد، خصوصاً المعادن مثل الألومنيوم، مشيراً إلى أن ما تشهده أسعار شحن ناقلات النفط من ارتفاع. كل هذا يُترجم إلى ارتفاع في التكاليف على الشركات، والذي يرجح أن ينتقل إلى المستهلكين.
ومن السهل اعتبار التطورات الأخيرة عابرة. ففي النهاية، يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً. ويتوقع البنك الدولي الآن أن يبلغ النمو العالمي 2.3 في المئة فقط في 2025، وهو أقل بكثير ما كان متوقعاً سابقاً. عادةً، يعني التباطؤ انخفاض الطلب على الموارد وانخفاض الأسعار.
لذا، يبدو أن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» سيكون في وضع جيد، أليس كذلك؟
الواقع، كما هو الحال دائماً، قد يكون أكثر تعقيداً. أولاً، من المقرر أن يكشف حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن مبادرة رئيسية لتعزيز قدراته في القمة المقبلة، والتي يرجح أن تدفع الدول الأعضاء إلى زيادة الإنفاق العسكري.
في غضون ذلك، تعمل الصين بنشاط على تحفيز اقتصادها رداً على الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة. ونتيجة لذلك، قد يزداد الطلب على النفط والمعادن والسلع الأساسية الأخرى بشكل كبير، وهنا يتساءل المقال، هل نحن بصدد ارتفاع عالمي في التضخم؟
من ناحيته حذّر «دويتشه بنك» أخيراً من أن كل زيادة قدرها 10 دولارات في أسعار النفط قد ترفع التضخم في منطقة اليورو 0.4 في المئة، وتخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي 0.25 في المئة بحلول نهاية العام.
على الصعيد العالمي، تُقدّم «أكسفورد إيكونوميكس» رؤية أكثر اعتدالاً، مُشيرةً إلى أن التضخم قد يمتد لفترة أطول من المتوقع إذا استقر سعر خام برنت حول 75 دولاراً للبرميل. لذا، قد لا يكون انتعاش أسعار النفط كارثياً حتى الآن، ولكنه ليس بالأمر الهيّن.
أما بالنسبة لتكاليف الشحن، فوفقاً للمعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المتحدة (NIESR)، فإن زيادة تضخم الشحن 10 نقاط مئوية قد تُضيف نحو 0.5 في المئة إلى التضخم في اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
والخبر السار أن التكاليف لاتزال، في الوقت الحالي، أقل من أعلى مستوياتها المسجلة العام الماضي، ومع ذلك، وبشكل عام، يُثير ارتفاع أسعار شحن النفط والمعادن قلق البنوك المركزية في الوقت الحالي، ما قد يُجبرها على اتخاذ موقف أكثر صرامة.
تراجع المخزونات الأميركية يرفع النفط
ارتفعت أسعار النفط أمس الخميس مواصلة تحقيق المكاسب لليوم الثاني، إذ أشار التراجع الأكبر من المتوقع لمخزونات الخام الأميركية إلى زيادة الطلب، في حين ظل المستثمرون حذرين في شأن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل والاستقرار في الشرق الأوسط. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 53 سنتاً، أو 0.8 في المئة، إلى 68.21 دولار للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 56 سنتاً، أو 0.9 في المئة، إلى 65.48 دولار. وارتفع الخامان القياسيان 1 في المئة أمس الأول متعافيين من خسائر تكبداها في بداية الأسبوع بعدما أظهرت البيانات طلباً قوياً في الولايات المتحدة. وقال المحلل في نومورا للأوراق المالية يوكي تاكاشيما «يشعر بعض المشترين بالارتياح إزاء الطلب القوي الذي عكسه انخفاض المخزونات في الإحصاءات الأسبوعية الأميركية». وأضاف «لكن المستثمرين لايزالون متوترين ويسعون إلى استيضاح وضع وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل»، وذكر أن اهتمام السوق يتحول الآن إلى مستويات إنتاج تحالف «أوبك+». وتوقع تاكاشيما عودة خام غرب تكساس الوسيط إلى نطاق يتراوح بين 60 و65 دولاراً، وهي مستويات ما قبل الصراع. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أمس الأول إن مخزونات النفط الخام والوقود في الولايات المتحدة انخفضت الأسبوع الماضي مع ارتفاع نشاط التكرير والطلب. وذكرت الإدارة أن مخزونات النفط الخام انخفضت 5.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 20 يونيو الجاري، وعلى غير المتوقع، انخفضت مخزونات البنزين 2.1 مليون برميل، مقارنة بتوقعات لزيادة قدرها 381 ألف برميل.