بقلم: يورو نيوز
نشرت في 23/07/2025 - 20:00 GMT+2
اعلان
في تصعيد لافت للنزاع التجاري بين بروكسل وواشنطن، لوّح الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية تصل قيمتها إلى 100 مليار يورو على مجموعة واسعة من السلع الأمريكية، تشمل طائرات "بوينغ" ومشروبات البوربون، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحلول نهاية الأسبوع المقبل.
وأكدت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، أنها ستدمج قائمتين سابقتين للسلع الأمريكية ضمن حزمة واحدة من الإجراءات الانتقامية، لتكون أكثر وضوحاً وفاعلية. ووفق الخطة، تشمل القائمة الأولى سلعاً بقيمة 21 مليار يورو تتضمن الدواجن والمشروبات الكحولية، بينما تضم القائمة الثانية – التي أُعدت حديثاً – بضائع بقيمة 72 مليار يورو من بينها السيارات والطائرات.
وفي حال وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على هذا التحرك، خلال تصويت مرتقب خلال الأيام المقبلة، فإن هذه الرسوم الجمركية قد تدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من 7 أغسطس.
وقال أولوف غيل، المتحدث باسم شؤون التجارة في المفوضية، إن "التركيز الأساسي للاتحاد الأوروبي ينصب على التوصل إلى حل تفاوضي مع الولايات المتحدة"، لكنه شدد على أن المفوضية "تواصل الاستعداد لجميع السيناريوهات بالتوازي"، مضيفاً: "لجعل التدابير الانتقامية أوضح وأكثر بساطة وقوة، سنقوم بدمج القائمتين في قائمة واحدة".
وبحسب مسؤولين أوروبيين، كان من المقرر أن يجري مفوض التجارة الأوروبي، ماروش شيفتشوفيتش، محادثات مع وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، قبل أن يقدم إحاطة لسفراء الاتحاد الأوروبي بعد ظهر الأربعاء.
ويأتي هذا التصعيد بعد أن رفض ترامب، قبل عشرة أيام، اتفاقاً مبدئياً كانت بروكسل تأمل في اعتماده، ملوّحاً في المقابل بفرض رسوم شاملة بنسبة 30% على جميع الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من أغسطس، ما زاد من توتر الأجواء في العواصم الأوروبية.
تصعيد ألماني-فرنسي وميل لاستخدام "الردع النووي" الاقتصادي
وفي تطور لافت، بدأت ألمانيا – التي لطالما دعت إلى اتفاق سريع لإنهاء الرسوم الجمركية التي أرهقت قطاعها الصناعي، خاصة بعد فرض رسوم بنسبة 27.5% على السيارات – تميل الآن إلى تفعيل "أداة مكافحة الإكراه" (ACI)، وهي تشريع أوروبي يُوصف بأنه "الردع النووي" الاقتصادي، ويتيح للاتحاد اتخاذ تدابير انتقامية تتجاوز الرسوم الجمركية لتشمل حظر خدمات أمريكية، وهو ما قد يُلحق ضرراً بالغاً بقطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
وتضررت شركات صناعة السيارات الأوروبية بشدة جراء الرسوم الأمريكية؛ فقد أعلنت شركة "ستيلانتس"، المالكة لعلامتي "جيب" و"فوكسهول"، أنها تكبّدت خسائر تُقدّر بـ300 مليون يورو نتيجة لهذه الرسوم، فيما أفادت "فولفو" بانخفاض حاد في أرباح التشغيل للربع الثاني من العام.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أوائل القادة الذين دعوا إلى تبني نهج أكثر صرامة في الرد على تهديدات ترامب. وناقشت باريس وبرلين بشكل مشترك تفعيل أداة ACI خلال اجتماع لسفراء الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي. وعلّق أحد الدبلوماسيين في بروكسل قائلاً: "كان هناك تحول واضح في النبرة، لكن من غير المؤكد ما إذا كانوا ينوون فعلاً الضغط على الزر".
وقال توبياس غيركه، كبير الباحثين في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الاتحاد الأوروبي أضاع فرصة للرد على ترامب عندما فشل في استخدام أداة ACI عقب قمة وزراء التجارة التي عُقدت الأسبوع الماضي، بعد يومين فقط من تلقيه رسالة تهديد من ترامب بشأن فرض رسوم بنسبة 30%.
وأضاف: "هناك شعور بأن الاتحاد الأوروبي لم يحسن استخدام أوراقه رغم امتلاكه أوراق قوة. كان ينبغي الرد فوراً على الرسوم الأمريكية. وبينما كانت عبارة 'التفاوض من موقع قوة' تتكرر في الخطب، لم تُترجم هذه العبارات إلى خطوات عملية".
ورأى غيركه أن الطريقة الوحيدة لكسر هذا الجمود تتمثل في عقد قمة مباشرة بين ترامب – الذي يزور اسكتلندا هذا الأسبوع – وقادة أوروبا، مثل الرئيس الفرنسي ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
قمة أوروبية – صينية وقلق من التفوق التجاري لبكين
تزامن هذا التصعيد الأوروبي – الأمريكي مع استعدادات الاتحاد الأوروبي لعقد قمة مع الصين يوم الخميس، يحضرها كل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، والرئيس الصيني شي جين بينغ.
وتُظهر الأرقام أن الصين ما زالت تحتفظ بميزان تجاري مائل لصالحها بشكل كبير في تعاملاتها مع الاتحاد الأوروبي، إذ بلغ فائضها التجاري خلال النصف الأول من عام 2025 نحو 143 مليار يورو، بزيادة 20% على أساس سنوي. وارتفعت صادراتها من السيارات الكهربائية الهجينة ثلاث مرات بين يناير ومايو، وهي فئة لا تشملها الرسوم العقابية التي فرضها الاتحاد في 2023. في المقابل، انخفضت واردات الاتحاد الأوروبي من السيارات الكهربائية بنسبة 32% خلال الفترة ذاتها.
وتواجه الصناعات الألمانية، وخصوصاً قطاع السيارات، تحدياً إضافياً نتيجة القيود التي فرضتها بكين على تصدير المعادن الأرضية النادرة، والتي تُستخدم في تصنيع محركات النوافذ وآليات فتح صندوق السيارة الخلفي.