قانون «شركات المدن الإسكانية»... مُفتاح الحكومة المُستدام لحلّ الأزمة «المُزمنة»

1 day ago 5

تُسارع الحكومة الخطى نحو تحقيق نهضة الكويت اقتصادياً وإسكانياً، من خلال إقرار إصلاحات شاملة وبناء شراكات إستراتيجية مع القطاع الخاص، تستهدف إصلاح الخلل المزمن في سوق الإسكان، وتحسين فرص الأسر الكويتية في تملك «بيت العمر» بحلول مستدامة، قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية دون أن تضغط على الميزانية العامة، التي أرهقتها الآلية الحالية، وزادت طوابير الانتظار طولاً.

وآخر هذه الإصلاحات التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي على قانون شركات إنشاء المدن الإسكانية (رقم 118 لسنة 2023)، حيث يجمع وزراء سابقون وخبراء في القطاع العقاري والسكني على أنها تُشكّل نقلة نوعية في معالجة الأزمة الإسكانية من جذورها، بتملك المساكن المناسبة، وأن هناك تغييرات إيجابية كبيرة ستطرأ على مستقبل قطاع الإسكان في البلاد، تضمن تحسين جودة الحياة في البلاد، والقضاء على العقبات التي حالت كثيراً دون إسهام القطاع في التنمية الاقتصادية، وتكدس الطلبات الإسكانية لتصل نحو 98 ألف طلب.

وأكّدوا، في تصريحات متفرقة لـ«الراي»، أنها تُمثّل خطوة مدروسة جادة متعددة الفائدة، فمن ناحية تعالج تحدي الانتظار الطويل الذي أثقل كاهل المواطنين، ومن جهة أخرى تفتح آفاقاً جديدة لطرح حلول سكنية مستدامة تلبّي الاحتياجات المتنوعة للأسرة الكويتية، فضلاً على عكس توجه الحكومة في عقد شراكات إستراتيجية مع القطاع الخاص، ليتحول مع ذلك ملف الإسكان من مجرد قطاع بناء للمواطنين، إلى آخر تنموي يعتمد على مشروعات مدروسة ومعدة من أجل تبني خيارات سكن متكاملة للمواطنين، بحلول مستدامة، ما ينتج عنه تعزيز الدور الاقتصادي والاجتماعي للقطاع ككل.

وذكروا أن هذه التعديلات تُعد أكثر من مجرد نصوص قانونية، وأنها تعبّر عن رسالة أمل من القيادة السياسية لكل مواطن ينتظر «بيت العمر»، لتؤكد مع ذلك جدية الدولة في معالجة الملف عبر أدوات عصرية وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص.

فالح الرقبة: يقضي على ظاهرة الانتظار

فالح الرقبة

قال وزير العدل وزير الدولة لشؤون الإسكان الأسبق فالح الرقبة، إن التعديلات المرتقبة على قانون تأسيس شركات لإنشاء المدن الإسكانية، تسهم في تفعيل وتنفيذ القانون وتحقيق الأثر المطلوب منه، مؤكداً أن هذا التوجه سيسهم في حلّ المشكلة الإسكانية من جذورها ويقضي على ظاهرة الانتظار لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية.

وأضاف الرقبة أن القرار إيجابي وكان منتظراً، إذ يساعد في تحديد أوجه التعاون والشراكة مع القطاع الخاص، والاستفادة من القانون وتحويله إلى واقع من خلال إطلاق سلسلة مشاريع توافر الرعاية السكنية، دعماً لرؤى وخطط مجلس الوزراء التنموية، مبيناً أن القانون يسهم في زيادة أشكال وحدات الرعاية السكنية التي توفرها الدولة للمواطنين بالشراكة مع القطاع الخاص.

ولفت إلى أن الحكومة تسعى من خلال هذه التعديلات لتجاوز كافة التحديات التي تعترض توفير الرعاية السكنية للمواطنين سواء كانت تشريعية أو تنفيذية على أرض الواقع، موضحاً أن ذلك يصب في مصلحة مستحقي الرعاية السكنية، وكذلك يحدد واجبات والتزامات الشركات في تشغيل وإدارة وصيانة المشروع حتى انتهاء مدة العقد.

إبراهيم العوضي: الدولة بدأت تُغيّر فلسفتها

إبراهيم العوضي

لفت رئيس اتحاد العقاريين، إبراهيم العوضي، إلى أن التعديلات الجديدة على القانون جاءت بناءً على استطلاع آراء الجهات المعنية، سواء من الشركات العقارية أو الأطراف الأخرى ذات الصلة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة، إلى جانب إعلان المؤسسة العامة للرعاية السكنية عن رغبتها في طرح مشاريع جديدة، تعكس توجّه الدولة نحو تغيير فلسفتها في معالجة الأزمة الإسكانية، من خلال إشراك القطاع الخاص.

وأوضح العوضي أن التعديلات توافر خيارات إسكانية متنوعة، بما يلبّي احتياجات مختلف مستحقي الرعاية السكنية، سواء من حيث حجم الأسرة، أو أسلوب الحياة، أو القدرة المالية، وغيرها من المعايير، مشيراً إلى أن التعديلات فتحت المجال أمام دراسة الجدوى الاقتصادية لإنشاء أي مدينة أو منطقة سكنية، حيث تتكفل المؤسسة العامة للرعاية السكنية بجزء من تكلفة البنية التحتية والخدمات العامة، كما مُنحت المؤسسة صلاحية تحديد نمط الاستثمار.

وأكّد العوضي وجود رغبة كبيرة لدى القطاع الخاص في المساهمة بحل الأزمة الإسكانية، مشدداً على أن التعديلات الأخيرة تتماشى مع تطلعات المواطنين، وتوفر لهم بدائل سكنية متنوعة.

علي الموسى: رسالة أمل من القيادة

علي الموسى

أشار وزير الأشغال وزير الدولة لشؤون الشباب الأسبق علي الموسى، إلى أن التعديلات الأخيرة على قانون تأسيس شركات إنشاء المدن الإسكانية تمثّل نقلة نوعية طال انتظارها، موضحاً أنها ليست مجرد مادة قانونية، بل رسالة أمل من القيادة السياسية إلى كل مواطن ينتظر بيت العمر.

وأضاف أن هذا التوجه يُجسّد إرادة الدولة في فتح آفاق جديدة للرعاية السكنية، ويمثّل تحولات تشريعية تقود المرحلة بأدوات عصرية، وبشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، تضمن السرعة في الإنجاز، والجودة في التنفيذ، موضحاً أنه من «خلال موقعه كوزير وعضو مجلس بلدي سابق عايش حجم التحديات في ملف الإسكان، ويعرف أن الحلول لا تأتي من التمنيات، بل من قرارات جريئة كتلك التي نشهدها اليوم».

وأكد أن هذه الخطوة تُحسب للقيادة السياسية ومؤسسة الرعاية السكنية، لأنها لا تُعالج ملفاً فقط، بل تُعيد الثقة وتُحيي الأمل في كل بيت كويتي، مفيداً أن المطلوب اليوم أن تتكاتف الجهود لتنفيذ هذا التحول على أرض الواقع، بما يليق بطموحات المواطنين ومكانة الكويت.

محمد الجوعان: ضمانة لنجاح فكرة المُدن الجديدة

محمد الجوعان

أوضح عضو الجمعية الاقتصادية محمد الجوعان أن عقد الشراكات في إطار اتفاقيات تنظيمية مشتركة مع مشغلين عالمين وشركات تطوير عقاري كويتية متخصصة كفيل بضمان نجاح فكرة المدن الإسكانية الجديدة.

وقال الجوعان «إن استقطاب مطورين عقاريين سيزيد التنافسية بشكل ينعكس على الاقتصاد الوطني من جانب وعلى طبيعة الخدمات التي ينتظرها المواطن الكويتي من جانب آخر، إضافة إلى التخفيف عن كاهل الدولة وميزانيتها»، مشيراً أن تأسيس شركات متخصصة بالتعاون بين القطاعين العام والخاص وفي إطار شراكة مدروسة يمكن أن يوفر فوائد بالجملة للمواطن والسوق بشكل عام، فتلك الشركات سُتدار من قبل متخصصين، وبطبيعة الحال سيكون لها رأسمال موزع ما بين الدولة والمشغل، الأمر الذي يضمن أسهماً تشغيلية تُطرح في اكتتابات تمهيداً لإدراجها في بورصة الكويت عقب استيفاء المعايير والاشتراطات اللازمة، ما يوفر مناخاًً استثمارياً خدمياً متكاملاً محلياً.

وتابع الجوعان أن أغلب نماج المشاركة الناجحة محلياً جاءت في إطار توافق بين القطاعين العام والخاص، إذ إن الكفاءات الوطنية ستكون بحاجة لتدعيم من قبل مشغلين متخصصين ينقلون خبراتهم وتجاربهم إلى الكويت عبر شراكة مع كيانات محلية متخصصة بالتطوير العقاري.

وبيّن أن استقطاب كيانات لها تجارب عالمية سيقلّل المعوقات وسيسرّع من وتيرة الإنجاز، خصوصاً على مستوى الأبحاث والدراسات وآليات التعامل البيولوجي مع الأراضي المخصصة لتلك المشروعات، مشيراً إلى أن نجاح الفرصة سيكون سبباً في توفير فرص عمل بالجملة للمواطنين الكويتيين، الأمر الذي سيعزز وينشط من دورة رأس المال وبالتالي ستتحقق العديد من الانعكاسات الاقتصادية العامة.

فهد الشريعان: إفساح المجال للقطاع الخاص

فهد الشريعان

أفاد وزير التجارة والصناعة الأسبق فهد الشريعان أن هناك انعكاسات إيجابية ستتحقق للاقتصاد بشكل عام، من العمل على إطلاق المدن الإسكانية الجديدة، لافتاً إلى أن نجاح مثل هكذا توجه يتطلّب التخلي عن الروتين والتركيز على تجارب الدول المجاورة التي حققت نجاحات كبيرة.

وأكد أن منح الشركات الكويتية الفرصة لتقديم نماذج أعمال في شأن التطوير العقاري بالتعاون مع الدولة يتطلّب توفير المناخ الملائم، خصوصاً وأن المشكلة لم تعد في السيولة المالية إذ إن البنوك الكويتية لديها الملاءة الكافية لمثل هكذا مشاريع، بل تعاني تخمة في السيولة التي يمكن استغلالها في هذا الشأن.

وأضاف: «لدى الشركات الكويتية كفاءات كبيرة ومتنوعة يمكن الاستفادة منها مع الوضع في الاعتبار التجارب الإقليمية والعالمية الناجحة ومدى إمكانية الاستفادة من تلك النجاحات»، داعياً إلى ضرورة العمل على إطلاق هيئة لتنظيم السوق العقاري لتوفير المعطيات الإجرائية اللازمة والإشراف على المشروعات الكُبرى التي تُطلق محلياً، وبالتالي توفير معايير التنسيق المشتركة التي تضمن القيام بالأدوار اللازمة والمطلوبة من قبل كل طرف على حدة لضمان الإنجاز على أفضل صورة.

ولفت الشريعان إلى أن منح الفرصة للكيانات المتخصصة التي تملك سابقة أعمال سيكون له أثره الإيجابي الكامل اقتصادياً، منوهاً إلى إمكانية الاستفادة من التقنيات العالمية في شأن التطوير العقاري وكذلك الخبرات الكبيرة والمتنوعة لدى الشركات الكويتية والقطاع الخاص بشكل عام.

خالد الصغير: خُطوة جادة تُعالج الأزمة الإسكانية

خالد الصغيّر

شدّد الرئيس التنفيذي لشركة ريم العقارية، خالد علي الصغيّر، على أن التعديلات الأخيرة على قانون إنشاء المدن الإسكانية تُمثّل خطوة متقدّمة وجادّة نحو معالجة الأزمة الإسكانية في الكويت، من خلال تبنّي أدوات وآليات جديدة غير مسبوقة في السوق المحلي، موضحاً أن هذه التعديلات تُركّز على دور «المطور العقاري»، وهو النموذج الذي أثبت نجاحه في دول خليج عدة، لما يوفره من منتجات عقارية متنوعة تتماشى مع احتياجات المواطنين.

وأضاف الصغيّر أن السوق المحلي سيشهد في المستقبل القريب توسعاً في هذه المنتجات، ما يمنح المواطنين خيارات أوسع، مبيناً أن الطروحات العقارية الجديدة ستتيح باقة واسعة من الحلول السكنية لمستحقي الرعاية، تراعي قدراتهم المالية واحتياجاتهم الحقيقية، وتتدرج من الشقق السكنية إلى الفلل.

وأشار الصغيّر إلى أن تنويع أدوات التمويل، مثل التمويل العقاري، يسهم في تمكين المواطن من اختيار المسكن الأنسب له، بعيداً عن النمط التقليدي القائم على «الأرض والقرض»، لافتاً إلى أهمية تطوير الدولة للبنى التحتية وفق معايير استدامة المدن الحديثة، تمهيداً لإشراك القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع السكنية عبر منتجات عقارية متنوعة. مشيراً إلى أن المؤسسة العامة للرعاية السكنية أعلنت تقدم 70 شركة من القطاع الخاص في إبداع رغبة المساهمة ضمن منظومة «المطور العقاري»، ما يعكس التعطش الكبير لدى هذا القطاع للدخول في مشاريع تنموية واعدة.

أرقام واتجاهات

وفقاً للبيانات الرسمية والدراسات الحكومية المُعدّة يتضح أن:

-97.671 ألف طلب سكني قائم لدى «الرعاية السكنية» لنهاية 2024.

- 32.996 ألف قرض عقاري مطلوبة بقيمة تتجاوز 2.309 مليار دينار.

- 23.227 ألف قرض عقاري متوافرة بقيمة تربو على 1.625.89 مليار.

- 9.769 ألف عدد القروض العقارية غير المتوافرة بنحو 683.83 مليون.

- 60 و65 مليارا تكلفة تغطية طلبات الرعاية السكنية القائمة والمخصصة.

- 100 مليار دينار تكلفة الأراضي وتغطية الطلبات والبنية التحتية والدعومات.

أبرز التعديلات

تضمنت أبرز التعديلات على قانون شركات إنشاء المدن الإسكانية (رقم 118 لسنة 2023)، وفق مصادر:

1 - تعديل المادة (2) ليكون قرار تأسيس الشركات مراعياً لطبيعة المشروع وبناءً على دراسات الجدوى الخاصة لكل مشروع على حدة، من دون الدخول في شكل الشركة وطبيعتها القانونية وحجم رأس مالها.

2 - بناء على تعديل المادة (2)، تم حذف المادتين (3) و(6)، وترك تنظيم مسألة تحديد رأسمال الشركات وعمليات الاكتتاب (إن وجدت) إلى القوانين السارية المنظمة لذلك.

3 - تعديل المادة (5) ليتم تحديد أسهم الشركات بناء على دراسات الجدوى، ورغبة وإمكانية مشاركة الجهات الحكومية لكل مشروع على حدة.

4 - التعديلات شملت المادة (11) ليتم إضافة منتجات أخرى، لإعطاء حرية أكبر للمطورين لعرض منتجات متنوعة حسب الحاجات والقدرات المتنوعة للأسر المستفيدة وبمساحات مختلفة، بحيث يكون «المطوّر العقاري» من يتحمل مخاطر الطلب، ومن المفترض بأن يقوم بالدراسات السوقية النافية للجهالة بما يتضمن رغبات وقدرات الأسر المستحقة للرعاية السكنية، مشيرة إلى أنه تم تعديل هذه المادة لإعطاء حرية أكبر للمطوّرين بما يضمن بيع الوحدات بأسعار تنافسية.

5 - حذف المادتين (10) و(19) على أن تُحدّد اللائحة التنفيذية التزامات الشركة لإضفاء مزيد من الوضوح والرشاقة للقانون.

6 - أضيفت مادة (31 مكرر) التي تنص على أن «تقوم المؤسسة بوضع الضوابط والمعايير والمواصفات الفنية للمباني والضواحي والمناطق والأحياء لجميع مكونات المشروع سواء السكنية أو الاستثمارية أو الحرفية الصناعية أو الخدمية أو التجارية وما في حكمها».

7 - أضيفت فقرة إلى المادة (32) ونصت على أنه «يجوز للمؤسسة تطبيق ما ورد في هذا القانون على كافة المدن والمناطق السكنية أو غير السكنية أو لأجزاء من المدن التي نفذتها المؤسسة أو لبعض الأراضي التي يحددها مجلس إدارة المؤسسة بأن تكون وفق هذا القانون»، حيث تهدف هذه الفقرة لتمكين المؤسسة من الاستفادة من هذا القانون، وتنفيذ مثل تلك المشاريع في جميع الأراضي المخصصة لها، سواء لأغراض الرعاية السكنية أو غير ذلك.

اذهب للمصدر