قال رئيس مجموعة البيانات في بنك بوبيان عبدالله خليفة النصف، إن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي مصرفياً، لم يعد رفاهية فكرية أو خياراً إضافياً، بل عنصر جوهري يضمن القدرة التنافسية في سوق متسارع التغير، مشيراً إلى أن «بوبيان» يطبق إطاراً متكاملاً لحماية بيانات عملائه، يتضمن أحدث تقنيات التشفير، وإجراء اختبارات اختراق دورية، تندرج ضمن سياسات أمن معلومات متقدمة، مدفوعاً برؤية مستقبلية ترتكز على دمج استخدامات الذكاء الاصطناعي بالكامل، ليكون جزءاً من جوهر أعمال البنك.
وأضاف النصف في لقاء مع «الراي»، أنه وسط تطورات الرقمنة المتسارعة، تجاوز العملاء عقد المقارنة بين البنوك من نافذة أسعار المنتجات أو الخدمات الأساسية فقط، إلى التجربة الرقمية وسهولة التعامل والذكاء في التفاعل، والتي تحولت لعوامل حاسمة في اختياراتهم.
ولفت إلى أن هذه التقنية تفتح آفاقاً واسعة أمام القطاع المصرفي، لتطوير خدماته وتقديم حلول مبتكرة عدة للعملاء، تتضمن القروض الفورية الذكية، التي يتم اتخاذ قرارها في الزمن الحقيقي، بناءً على تقييم الجدارة الائتمانية، باستخدام نماذج ذكية ودقيقة، دون المساس بمتطلبات الجهات الرقابية، إلى جانب تخصيص المنتجات، والحماية من الاحتيال، مشيراً إلى أن رؤية «بوبيان» للرقمنة ترتكز على طرح وتبني مبادرات متطورة تدمج أحدث التطبيقات مع جوهر أعمال البنك، بما يلبي طموح العملاء وتوقعاتهم.
وأفاد النصف أن البنوك المحلية تواجه مجموعة تحديات جوهرية في تطبيق الذكاء الاصطناعي، منها نقص الكفاءات المتخصصة، والبنية التحتية التقنية، إلى التشريعات والرقابة، فضلاً عن ثقافة التغيير، منوهاً إلى أن تجاوز هذه التحديات يتطلب إستراتيجية متكاملة، تجمع بين الاستثمار في التكنولوجيا، وبناء الكفاءات، وتطوير الثقافة الداخلية، والالتزام بالتشريعات، في حين أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي، بات جزءاً لا يتجزأ من حياة العملاء اليومية، مثل الإنترنت والهاتف الذكي.
وحول المخاوف من أن يستولي الذكاء الاصطناعي على وظائف البشر، قال النصف، إن هذه التقنية لا تلغي الوظائف المصرفية، بقدر ما تعيد تشكيلها، متوقعاً تغيراً في خارطة الوظائف بالبنوك والموظفين مستقبلاً، من خلال استبدال الوظائف الروتينية منها والمعتمدة على التكرار، بأخرى جديدة تتطلب مهارات تحليلية وإشرافية، وتقنية متقدمة.
وبيّن النصف، أن تطبيق الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات كبيرة، سواء الموجهة إلى تطوير البنية التحتية أو لبناء القدرات أو شراء الحلول التقنية، مستدركاً بأن هذه التكلفة تُعد استثماراً طويل الأمد، يعود بالنفع من خلال خفض التكاليف التشغيلية، وتحسين الكفاءة، وزيادة رضا العملاء.
وقال النصف إن الذكاء الاصطناعي، يعد الأداة التي تمكّن البنوك من تقديم خدمات ذكية وسريعة وشخصية، ما يجعل تطبيقه والتوسع في استخدامه، التزاماً إستراتيجياً تفرضه طبيعة السوق ومتطلبات العملاء المعاصرين.
ورأى النصف أنه كنتيجة حتمية لذلك، تكون البنوك التي تستثمر فيه بجدية، مثل «بوبيان»، هي البنوك القادرة على مواصلة النمو والبقاء في الصدارة. وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
• في الآونة الأخيرة، تنامى مصطلح الذكاء الاصطناعي، لدرجة تداخل استخدامه في غالبية أعمال الشركات والأشخاص، ما يستدعي تحديد نطاق هذا التحول مصرفياً، برأيكم أي نطاق له؟
- مبدئياً، الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي لا يعني مجرد إدخال تقنية جديدة إلى بيئة العمل، بل إحداث نقلة نوعية شاملة في فلسفة تقديم الخدمات، وإدارة العمليات الداخلية، وبناء العلاقة المصرفية الشاملة مع العملاء. والمقصود بهذا التحول، اعتماد تقنيات ذكية، قادرة على تحليل البيانات الضخمة بشكل لحظي، واستنباط رؤى دقيقة، تساعد في تقديم منتجات مالية وخدمات مصرفية أكثر تخصصاً ودقة وكفاءة. فالذكاء الاصطناعي يُعيد تعريف تجربة العميل، من خلال التخصيص الذكي، والتنبؤ بالاحتياجات، وتقديم المشورة المالية بشكل تفاعلي، وإدارة المخاطر بدقة أكبر، وتسريع الإجراءات التشغيلية، بما يرفع مستوى الكفاءة وجودة الأداء.
ببساطة يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي مصرفياً، عبارة عن الانتقال من النمط التقليدي، المعتمد على المعاملات اليدوية، إلى بيئة ذكية ديناميكية، قادرة على التكيف مع متغيرات السوق، وتقديم قيمة حقيقية للعملاء والمؤسسة في آن واحد.
• مع تزايد اعتماد البنوك عالمياً ومحلياً على الذكاء الاصطناعي، يبرز السؤال حول الخدمات التي يمكن استحداثها أو القابلة للتطور؟
- مصرفياً، تفتح تقنيات الذكاء الاصطناعي آفاقاً واسعة لتطوير خدمات البنوك، ولتقديمها حلولاً مبتكرة عدة، لعل أبرزها:
1 - المستشار المالي الذكي، الذي يُقدم نصائح مخصصة لكل عميل، بناءً على تحليلات متعمقة لسلوكياته ومعاملاته واحتياجاته المستقبلية.
2 - القروض الفورية الذكية، التي يتم اتخاذ قرارها في الزمن الحقيقي، بناءً على تقييم الجدارة الائتمانية، باستخدام نماذج ذكية ودقيقة، دون المساس بمتطلبات الجهات الرقابية.
3 - روبوتات المحادثة الذكية، التي توافر خدمة عملاء ذكية على مدار الساعة، وتساعدهم في حل مشاكلهم، أو إتمام معاملاتهم بسرعة وفاعلية.
4 - أنظمة إدارة الميزانية والادخار الذكي،التي تُمكن العميل من تتبع إنفاقه واقتراح خطط ادخار مخصصة.
5 - تخصيص المنتجات، ما يمكن تقديم عروض ومنتجات مالية مصممة خصوصاً لكل عميل بناءً على تحليلات متقدمة لبياناته وسلوكه المالي.
6 - خدمات الحماية من الاحتيال، إذ يمكن معالجة كل عمليات العملاء واتخاذ اللازم لحمايتها من خطر الاحتيال.
• اليوم، هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي يشكل رفاهية فكرية لبنوك الكويت، أم بات ضرورة تنافسية؟
- بالطبع بات عنصراً جوهرياً في ضمان القدرة التنافسية في سوق متسارع التغير. فالعملاء لا يقارنون حالياً بين البنوك، من حيث أسعار المنتجات أو الخدمات الأساسية فقط، بل أصبحت التجربة الرقمية وسهولة التعامل والذكاء في التفاعل عوامل حاسمة في اختيارهم. كما أن الذكاء الاصطناعي، يعد الأداة التي تمكّن البنوك من تقديم خدمات ذكية وسريعة وشخصية، ما يجعل تطبيقه والتوسع في استخدامه، التزاماً إستراتيجياً تفرضه طبيعة السوق ومتطلبات العملاء المعاصرين. ونتيجة حتمية لذلك، تكون البنوك التي تستثمر فيه بجدية، مثل «بوبيان»، هي البنوك القادرة على مواصلة النمو والبقاء في الصدارة.
• على أرض الواقع،ما أبرز التحديات التي تواجه بنوك الكويت، في تطبيق الذكاء الاصطناعي؟
- مثل أي سوق، هناك مجموعة تحديات جوهرية بهذا المجال، من قبيل:
• نقص الكفاءات المتخصصة، فما زال هناك حاجة ملحة إلى خبراء في علوم البيانات، الذكاء الاصطناعي، والتحليل المتقدم لدعم مبادرات البنوك.
• البنية التحتية التقنية، حيث يتطلب تطبيق الذكاء الاصطناعي بنية تقنية مرنة وقوية، وهذا يتطلب استثمارات مستدامة في تطوير الأنظمة وتكاملها، مع توفير حلول حديثة مثل الحوسبة السحابية.
• التشريعات والرقابة، فوجود متطلبات تنظيمية صارمة خاصة بحماية البيانات وخصوصيتها، يفرض على البنوك الموازنة بين الابتكار ومتطلبات الأمان.
• ثقافة التغيير، إذ لا يعتمد الذكاء الاصطناعي على التكنولوجيا فقط، بل يحتاج ثقافة مؤسسية، داعمة ومواكبة لهذا التحول، ما يستدعي برامج تغيير مؤسسي شاملة.
ومصرفياً يتطلب تجاوز هذه التحديات، توافر إستراتيجية متكاملة تجمع بين الاستثمار في التكنولوجيا، وبناء الكفاءات، تطوير الثقافة الداخلية، والالتزام بالتشريعات.
• حديثك المتفائل عن مستقبل الذكاء الاصطناعي، يدفع بحقيقة مفادها أنه أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة البنوك والعملاء اليومية؟
- بالفعل، سواء في تعاملاتهم المصرفية أو في أنشطتهم العامة، فالكثير من الخدمات المصرفية الذكية التي يعتمد عليها مصرفياً يومياً، مثل التنبيهات الآلية، واقتراح المنتجات المناسبة، أو حتى حماية الحسابات من الاحتيال، ومع استمرار تطور هذه التقنيات، سيصبح في صلب كل تجربة مصرفية ذكية، بحيث لا يستطيع العميل الاستغناء عنها، تماماً مثل الهاتف الذكي والإنترنت.
• ما رأيك بمخاوف البعض، من أن يستولي الذكاء الاصطناعي على وظائف البشر؟
- هذه مخاوف مشروعة، فمن الطبيعي أن تثير التقنيات الجديدة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي المخاوف من تأثيرها على مستقبل الوظائف. لكن الواقع أنها لا تلغي الوظائف بقدر ما تعيد تشكيلها. ولذلك يرتقب استبدال تلك الروتينية والمعتمدة على التكرار، بأخرى جديدة تتطلب مهارات تحليلية، وإشرافية، وذات تقنية متقدمة. والتحدي هنا يتمثل في كيفية إعدادنا للكوادر البشرية الملائمة لهذا التغيير، ما يتطلب برامج تدريبية وتأهيلية مستمرة، تساعدهم في اكتساب المهارات الجديدة المطلوبة في بيئة عمل ذكية.
• هل تعتقدون أن الذكاء الاصطناعي، سيجعل الحياة أسهل للناس، أم أنه يولد إشكاليات اجتماعية ومالية؟
- كما أشرت سابقاً، الذكاء الاصطناعي أداة، وتأثيره مرتبط بكيفية استخدامه. فإذا استُخدم ضمن إطار الحوكمة القوية والقيم الأخلاقية، سيكون أثره إيجابياً كبيراً، من خلال تقديم حلول مالية ذكية، وتقليل الأخطاء، وزيادة الشفافية. لكن غياب ضوابطه قد يقود إلى تحديات اجتماعية أو مالية، مثل التمييز في تقديم الخدمات، أو إساءة استخدام البيانات، لذلك فإن نجاح الذكاء الاصطناعي في تقديم قيمة للمجتمع، يرتبط مباشرة بمدى التزام المؤسسات بضوابط الحوكمة، والمسؤولية الأخلاقية.
• بالمناسبة، كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في كشف عمليات الاحتيال والتزوير، بشكل أسرع وأكثر دقة؟
- لأنه يُمكّن البنوك من مراقبة الأنشطة والمعاملات في الزمن الحقيقي، ويساعدها في تحليلها، مقابل أنماط سلوكية معقدة للكشف عن أي نشاط مشبوه، ما يقلل فرص حدوث الضرر، فعندما ترصد الأنظمة الذكية نمطاً غير معتاد، يتم إصدار تنبيه فوري للفرق المختصة للتعامل مع الموقف، وبمرور الوقت، تصبح الأنظمة أكثر دقة بفضل قدرتها على التعلم من الحالات السابقة، ما يزيد كفاءة البنك في حماية أموال العملاء، وضمان سلامة العمليات.
• معلوم عن «بوبيان» ريادته في التحول الرقمي، ما يطرح السؤال حول خططه للتوسع في الذكاء الاصطناعي؟
- بعد استكماله كل مراحل التحول الرقمي بنجاح، أطلق «بوبيان» برنامجاً داخلياً للتحول نحو استخدام الذكاء الاصطناعي، إيماناً منه بأهمية هذه التقنية في تعزيز ريادته في تقديم الخدمات المصرفية الذكية. ومن أبرز خطواته في هذا المجال، إطلاق «مساعد بوبيان الذكي»، أول مساعد من نوعه في الكويت، الذي قدم تجربة تفاعلية متقدمة للعملاء. كما طور «بوبيان» نماذج تحليل سلوكي متقدمة لفهم احتياجات العملاء بشكل دقيق، وتقديم خدمات مخصصة، إضافة إلى تطوير أدوات تنبؤية، لتحليل المخاطر ودعم القرارات المالية، بشكل أكثر ذكاءً ودقة.
• من نافل الإشارة، أن التطور التقني المتسارع يقابله مخاطر مرتفعة، فكيف يضمن «بوبيان» حماية عملائه من القرصنة؟
- يطبق «بوبيان» إطاراً متكاملاً لحماية البيانات، يتضمن أحدث تقنيات التشفير، واختبارات اختراق دورية، وسياسات أمن معلومات متقدمة. فالبنك ملتزم تماماً بمتطلبات خصوصية البيانات وسرية المعلومات، ويعتبر حماية بيانات العملاء، جزءاً من ثقافة المسؤولية المؤسسية لديه. فالبنك استثمر في مجموعة البيانات لضمان إدارة متقدمة للبيانات، وتحقيق أعلى معايير الأمان، كما دعمت شراكتنا مع «مايكروسوفت» هذه الجهود، بفضل ما توفره من تقنيات سحابية وأمنية متطورة، تعزز حماية بيانات العملاء بشكل مستدام.
• هل تخططون لتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي الفترة المقبلة؟
- رؤية «بوبيان» المستقبلية للذكاء الاصطناعي، تتمحور حول دمجه بشكل كامل في جميع خدماته المصرفية، ليكون جزءاً من جوهر العمليات وليس مجرد أداة مساعدة. ولتحقيق ذلك، استثمر البنك في مجموعة البيانات التي تضم خبرات وتقنيات متقدمة في البيانات الضخمة، لتكون قاعدة انطلاق لكل حلول الذكاء الاصطناعي. كما بنى البنك فريقاً متخصصاً في منصات الذكاء الاصطناعي، لدعم تطوير وتطبيق هذه الحلول. وبعد استكمال التحول الرقمي، أطلق «بوبيان» برنامجاً داخلياً للتحول إلى الذكاء الاصطناعي لتعزيز هذا التوجه، حيث يرى البنك الذكاء الاصطناعي، كمنظومة متكاملة تجمع بين الإجراءات، التكنولوجيا، والعنصر البشري.
• أعلنتم أخيراً شراكة مع «مايكروسوفت»، فماذا عن نطاق استفادة «بوبيان» منها؟
- في جملة مفيدة، يمكن القول إن هذه الشراكة إستراتيجية، وتستهدف «تسريع الابتكار وتحقيق تطلعات عملائنا»، وتفصيلياً ستمكن هذه الشراكة، من تعزيز استخدام عملاء «بوبيان» لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ضمن منظومة البنك الرقمية، بما يسهم في ترسيخ مكانته كمؤسسة مالية رائدة في الابتكار، وتحقيق تجربة مصرفية أكثر ذكاء وسرعة وخصوصية، ضمن بيئة آمنة، بما يتوافق مع تعليمات بنك الكويت المركزي والمعايير العالمية.
وستعمل «مايكروسوفت» على مشاريع عدة، تزود «بوبيان» بحلول تقنية متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، تشمل تشغيل النماذج التجريبية، في بيئات مؤمنة بخاصية الحوكمة، لضمان حماية سرية البيانات والمعلومات، وسيقود برنامج «AI-Driven Transformation» تحول البنك من الرقمية إلى الذكاء الاصطناعي.
كما تهدف الاتفاقية إلى تعزيز منظومة الحماية المصرفية والأمن السيبراني، باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتسريع التحول المبني على الذكاء الاصطناعي للبنك، مع أحد أكبر مزودي التكنولوجيا في العالم، إضافة إلى توفير برامج تدريبية متخصصة، لبناء قدرات موظفي البنك الرقمية، وتمكينهم من استخدام تقنيات «Microsoft AI» بشكل فعال وآمن.
• محاسبياً كيف ستؤثر تكلفة نشر الذكاء الاصطناعي مصرفياً، على ميزانية البنوك؟
- تطبيق الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات كبيرة مبدئية، سواء في تطوير البنية التحتية أو بناء القدرات أو شراء الحلول التقنية. إلا أن هذه التكلفة تُعد استثماراً طويل الأمد، يعود بالنفع من خلال خفض التكاليف التشغيلية، وتحسين الكفاءة، وزيادة رضا العملاء، ما ينعكس إيجاباً على الأداء المالي للبنك، على المديين المتوسط والبعيد.