#مقالات رأي
د. نرمين نحمدالله اليوم
قالوا: «ليس يشبهكِ!».
فقلت: «منذ متى اشترط حفل الحب أن يدخل العشاق أشباهاً؟!».
قالوا: أنتِ امرأة الخيال.. تعتلين الغيمات، وتتسلقين القمر.. قلادة عنقك من أحجار الدلال، وياقوت الغزل.. عفوية.. عشوائية.. تتمشطين بالغصن، وتغتسلين بالمطر.. وهو رجل الأرقام والنيران والشرر.. لا يضع قدميه على أول السلم إلا وهو يقرأ في نهايته الخبر!
فقلت: «إن شئنا مطري يطفئ ناره.. وإن شئنا ناره تدفئ القلب الذي من البرد انفطر!».
أحب أن أحكي لك عن أقوالهم؛ فتضحك، وقد أعجبك التشبيه (سمكة سرقت رئتين!).. لكنك تضيف بابتسامة حلوة تشبهك: (وقلبي!).
تحكي لي قصة قديمة عن سمكة وحيدة زرقاء، في بحر يعج بالسمك الأخضر.. لم تكن هذه مزيتها الوحيدة.. بل كانت لسبب غير معروف تتعمد السعال؛ فيخرج من فمها اللؤلؤ.. يلومها البحر عاتباً بقوله: «السمك لا يسعل!»، لكنها كانت تفرح، وهي تلاعب بخياشيمها حبات اللؤلؤ.. ويوماً ما سمعت غناء صياد على الشاطئ.. لم يكن يصطاد بالشباك.. بل بالألحان.. ساعتها تمنت لو تنتمي إلى عالمه.. لو تمنحه كل اللؤلؤ الذي يمكنها منحه.. وصفها الجميع بـ«الجنون».. وحدها نجوم السماء استمعت لشكواها.. سألتها إحداهن: «تسرقين رئتين، وتنتمين إلى عالمه؟!».. أعجبتها المغامرة؛ فامتثلت.. وعلى الشاطئ جربت، لأول مرة، أن تتنفس في عالم جديد.. تلاشت خياشيمها، لكنها تعلمت كيف تملأ رئتيها بالهواء.. وعندما تراءت للصياد لم يستغربها.. بل أدرك أن كل قصائده المنسية كانت مدخرةً لها!.. وحين أمسكها بين يديه فلم تنزلق.. تيقن كلاهما أن الحب الحقيقي لا يعترف باختلاف هوية، بل بيقين كل منهما أنه لن يسقط مادام بين ذراعَيْ صاحبه.
«قصة ملهمة!».. أقولها ضاحكة، وأنا أبسط كفي جوار كفك؛ فيظهر تناقض «السمار، والبياض».. الخشونة والنعومة.. ومع هذا يبدوان لي شديدَي التشابه في لمعتهما؛ عندما يسقط شعاع الشمس فوقهما!
كن عصاي؛ عندما تخذلني عرجة قدمي اللينة، وسأكون لذة جنونك عندما ترهقك رتابة تعقلك.. كن قمري الهارب من ظلمة الليل كي يتسيد ظُهر السماء، وسأكون عصفوراً ينام النهار؛ كي يُهديك - وَحْدَكَ - في الليل تغريده.. كن مُراً كدواء لم تكتشفه طبيبة قبلي.. وسأكون حلوة كثمرة لا تسقط من شجرتها إلا لتشاكس رأسك!
نقيضان نحن.. متعاكسان نحن.. متباينان نحن.. لكن ما يضيرنا؛ مادمنا عاشقَيْن نحن؟!
سأكون السمكة التي سرقت لأجلك رئتين، وتكون النورس الذي قايض بجناحيه قدمين.. ما يضيرنا مادام نفس الشاطئ سيبقى يجمعنا؟!!