- الشركات العاملة في قطاعات مختلفة داخل دول الخليج ستتأثر على مدار العام المقبل
- قدرة قوية للسعودية على التكيف والاستقرار مع تحسّن متوسط مؤشر احتمالية التعثّر
تشهد الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي تحوّلاً محورياً في ديناميكيات التجارة العالمية، مدفوعاً بفرض الولايات المتحدة لرسوم جمركية جديدة.
وذكر تقرير صدر عن «إس آند بي غلوبل ماركت انتلجنس» أن الكويت إلى جانب الإمارات وقطر وعُمان تواجه تحديات أكبر في التكيف مع ضغوط التعريفات الجمركية.
ولم تكتفِ الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية على الاقتصادات الكبرى مثل الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، بل أشارت أيضاً إلى فرض رسوم جمركية محتملة على مجموعة أوسع من البلدان. يضيف هذا تعقيداً إلى بيئة التجارة العالمية ويخلق تحديات إضافية لدول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص، وفقاً للتقرير.
ويعتمد تحليل الوكالة على سيناريو افتراضي للرسوم الجمركية طوره خبراء اقتصاديون في «إس آند بي غلوبل ماركت انتلجنس» والذي يستند إلى الافتراضات الرئيسية التالية:
- ستفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المئة على الصين، و25 في المئة على كندا والمكسيك، و20 في المئة على بقية العالم.
- ستكون هناك ردود فعل انتقامية كاملة من الصين والمكسيك وكندا، باستثناء سلع الطاقة من كندا.
- سيرد الاتحاد الأوروبي على السلع الاستهلاكية النهائية.
قد يؤدي فرض الرسوم الجمركية، بحسب السيناريو الذي وضعته الوكالة، إلى تأثيرات خاصة عبر الشركات العاملة في قطاعات مختلفة داخل دول الخليج على مدار العام المقبل. تُظهر قطاعات المرافق ومواد البناء والأدوية والعقارات مرونة واستقراراً على الرغم من البيئة التجارية الصعبة المستقبلية. وعلى العكس من ذلك، قد تواجه قطاعات مثل المعادن والتعدين والطاقة والمنتجات الاستهلاكية (غير المعمرة) ضعفاً كبيراً بسبب ارتفاع التكاليف وانخفاض فرص التصدير. ستتطلب هذه القطاعات تعديلات إستراتيجية للتنقل في تعقيدات المشهد التجاري المتطور.
وبحسب نموذج قياس المخاطر الذي استخدمته الوكالة لقياس تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاديات الخليجية، يتضح ما يلي:
- تُظهر السعودية قدرة قوية على التكيف والاستقرار، مع تحسّن طفيف في متوسط مؤشر احتمالية التعثّر، مدفوعاً بمرونة قوية في القطاعات الرئيسية مثل المرافق والعقارات.
- تُحافظ البحرين على مرونة جديرة بالثناء واستقرار معتدل.
- تُواجه الإمارات والكويت وقطر وعُمان المزيد من التحديات في التكيف مع ضغوط التعريفات الجمركية. على سبيل المثال، على الرغم من أن قطاعات مثل المرافق تُظهر مرونة في الإمارات، إلا أن التغيرات النسبية الأعلى بشكل عام في متوسط احتمالية التعثر في قطاعات مثل الطاقة والسلع الرأسمالية تؤدي إلى تأثير سلبي حاد بشكل عام مقارنة بنظرائها في المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض في شهر أبريل 2025، رسوماً جمركية بنسبة 10 في المئة على واردات الولايات المتحدة من دول الخليج الست كجزء من سياسة «أميركا أولاً» لمواجهة العجز التجاري ودعم الصناعات المحلية. هذه الرسوم لا تشمل النفط والغاز لتجنب اضطراب أسواق الطاقة الأميركية، لكنها تؤثر على قطاعات أخرى مثل المعادن، الكيماويات، الإلكترونيات، والسلع الاستهلاكية. كما فرضت رسوماً أعلى تصل إلى 50 في المئة على الألمنيوم والنحاس، مما يرفع تكاليف الإنتاج في صناعات النفط والغاز.
مع ذلك، تتعامل دول الخليج مع هذه التحديات من خلال تنويع الاقتصادات غير النفطية وزيادة الروابط التجارية مع آسيا، مما يساعد في الحفاظ على نمو غير نفطي قوي يتجاوز 3.5 في المئة في 2025-2026.
توقعات اقتصادية
رغم الرسوم الجمركية، يتوقع البنك الدولي نمواً اقتصادياً لدول الخليج بنسبة 3.2 في المئة في 2025 و4.5 في المئة في 2026، مدعوماً بانخفاض قيود إنتاج النفط في «أوبك+» ونمو القطاعات غير النفطية. ومع ذلك، يشكّل عدم اليقين التجاري العالمي مجموعة مخاطر مع توقعات بتوسع العجز المالي بسبب انخفاض أسعار النفط.
على صعيد الدول العربية الأخرى، فرض ترامب رسوماً بنسبة 10 في المئة على مصر، المغرب، لبنان، والسودان (لعلاقاتها التجارية المستقرة مع أميركا)، بينما فرض رسوماً أعلى تصل إلى 30 في المئة أو أكثر على دول أخرى مثل إيران (كجزء من مجموعة بريكس)، وسوريا والعراق التي تُعاني بالفعل من صعوبات اقتصادية. هذه الرسوم تركز على الواردات غير النفطية وتهدف إلى إعادة توازن التجارة، لكنها قد تعمق التحديات في مصر، حيث تؤثر على الاستثمارات الخليجية هناك.
رغم أن المشهد التجاري المتوتر يكشف عن نقاط ضعف، إلا أنه يدفع أيضاً باتجاه تعزيز الاستثمارات المحلية وتسريع وتيرة تنويع الاقتصادات بعيداً عن الاعتماد على النفط في دول المنطقة. لذا، فإن تبني إستراتيجيات مرنة لتحسين سلاسل الإمداد واستكشاف أسواق بديلة لم يعد خياراً، بل ضرورة حتمية لضمان استمرارية النمو والازدهار في المنطقة.