الإمارات تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي.. بكل ثقة

11 hours ago 6

#تكنولوجيا

كارمن العسيلي اليوم

بينما لا تزال دول عدة تتلمّس طريقها نحو الذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة، نجد أن دولة الإمارات تسبق الجميع بخطوة؛ فلم تنتظر أن يُفرض التغيير عليها، بل تبنّته بإرادة واضحة، ورؤية استراتيجية بعيدة المدى. ففي لحظة مفصلية من التحولات العالمية، وقفت الإمارات أمام خيارين: الأول: أن تواكب الركب، والثاني: أن تقوده؛ فاختارت القيادة. لقد أدركت الدولة، مبكراً، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً تقنياً، بل هو مفتاح لمستقبل أكثر كفاءة، واستدامة، وازدهاراً. ومن هذا الوعي المبكر، انطلقت لبناء منظومة متكاملة، تجعل منها لاعباً محورياً على الساحة العالمية، ونموذجاً يُحتذى في المنطقة. فمن الجامعات المتخصصة إلى المدن الذكية، ومن المراكز البحثية إلى التشريعات المتقدمة، تسير الإمارات بخطى استراتيجية نحو عام 2031، واضعة الذكاء الاصطناعي في صلب رؤيتها التنموية، والاقتصادية، والاجتماعية.

  • الإمارات تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي.. بكل ثقة الإمارات تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي.. بكل ثقة

استراتيجية تسبق زمنها

في عام 2017، أطلقت الإمارات أول استراتيجية حكومية متكاملة للذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة، وكان هدفها أن تكون رائداً عالمياً في هذا المجال الحيوي. تقوم هذه الاستراتيجية على دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات كافة، من الصحة والتعليم والطاقة، إلى النقل والأمن والخدمات الحكومية. وقد تضمنت هذه الاستراتيجية ثمانية أهداف، أبرزها: رفع كفاءة الأداء الحكومي بنسبة تصل إلى 100 %، وخفض النفقات التشغيلية، وتعزيز جودة الحياة، والأهم من ذلك تمكين الإنسان لا استبداله.

من الجامعة إلى السوق.. مؤسسات تقود التغيير

على أرض الواقع، تتجلى رؤية الإمارات في مشاريع ضخمة، ومؤسسات متخصصة، تدفع عجلة الابتكار، وتمثل ركيزة أساسية في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ولعلّ أبرزها:

- جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI): أول جامعة متخصصة في الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، وتهدف إلى تخريج علماء، وخبراء، قادرين على رسم مستقبل التقنية.

- معهد الابتكار التكنولوجي (TII): يطوّر نماذج لغوية عربية متقدمة، مثل: «فالكون»، و«نُور»؛ ما يمنح اللغة العربية حضوراً مؤثراً في الفضاء الرقمي العالمي.

- مجموعة (G42): إحدى أبرز الأذرع الإماراتية في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وتقود شراكات دولية مع عمالقة التكنولوجيا، مثل: «OpenAI، ومايكروســــــــوفت، وNVIDIA»؛ لتوطين التقنيات، وابتكار حلول سيادية على مستوى المنطقة.

الإمارات في صدارة المشهد العالمي

في خطوة غير مسبوقة، أطلقت الإمارات مشروع «Stargate»، الذي يعد من أكبر مراكز البيانات في العالم لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع «OpenAI، وOracle، وSoftBank، وCisco». ويعد هذا المركز الأول من نوعه خارج الولايات المتحدة، ويأتي ضمن مشروع «شبكة الذكاء» بقيادة (G42)، التي تهدف إلى إنشاء بنية تحتية رقمية سيادية، آمنة ومرنة، تتيح للدول استخدام الذكاء الاصطناعي بشروطها، وبما يخدم مصالحها الوطنية.

وفي تصريح لوكالة أنباء الإمارات (وام)، أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة (G42)، بينغ شياو، أن هذا المشروع ليس مجرد مركز بيانات، بل «نواة شبكة ذكاء عالمية مسؤولة»، تربط القدرات الحوسبية والنماذج الذكية؛ لتخدم مجالات: الصحة والطاقة والخدمات والتعليم، وهذه أمور تجعل الإمارات حاضنة لأكبر مركز بيانات في العالم. 

الذكاء الاصطناعي.. حاضر في تفاصيل الحياة 

هذه الثورة التكنولوجية لم تعد محصورة في المختبرات، أو مراكز الأبحاث، إذ يعيش الذكاء الاصطناعي اليوم في تفاصيل الحياة اليومية للناس بالإمارات. فمثلاً في مدينة مصدر بأبوظبي، تُعتمد الأنظمة الذكية في إدارة الطاقة، والمواصلات. وفي هيئة كهرباء ومياه دبي، تُستخدم حلول الذكاء الاصطناعي؛ لاكتشاف التسريبات، وإدارة الأحمال. وفي الزراعة، ظهر مشـــروع «CHAG» كأول مســــــاعد زراعي ذكـــــي في العالم، يحلل بيانات الطقس والتربة؛ لتحسين الإنتاج.

  • الإمارات تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي.. بكل ثقة الإمارات تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي.. بكل ثقة

الاستثمار في الإنسان... قبل الآلة

تؤمن القيادة الرشيدة، في الإمارات، بأن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُمكّن الإنسان، لا أن يحلّ مكانه، بحسب ما جاء في أهداف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031. لذلك، أطلقت الدولة برامج ومبادرات، تهدف إلى تأهيل جيل إماراتي متمكن تقنياً، بدءاً من المدارس، وحتى الجامعات، منها: إطلاق جامعة محمد بن زايد أول برنامج بكالوريوس في الذكاء الاصطناعي بالمنطقة، خلال مارس 2025. وفي مايو 2025، أقر تدريس مادة «الذكاء الاصطناعي» في جميع مراحل التعليم العام، من رياض الأطفال، وحتى الصف الثاني عشر. وإلى جانب ذلك، أطلقت أبوظبي استراتيجية حكومة رقمية 2025-2027، بميزانية تصل إلى 13 مليار درهم، تهدف إلى أتمتة الخدمات الحكومية بالكامل، واستخدام أكثر من 200 حل للذكاء الاصطناعي، ضمن خطة «الذكاء الاصطناعي للجميع».

تشريعات ذكية لحوكمة المستقبل

ولأن التحول الرقمي لا يكتمل من دون تشريعات تواكبه؛ أطلقت الإمارات منظــــومة تشريعية ذكية، هي الأولى من نوعهــــــا عالمياً، وتستهدف تطوير القوانين؛ لتتماشى مع العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي، عبر نماذج تنظيمية جديدة، تسرّع إصدار القوانين بنسبة تصل إلى 70%، في أبريل الماضي.

الإمارات تقود التحول الاقتصادي

وبحسب تقرير صادر من شركة «بي دابليو سي» (PwC)، فإن التقديرات تُظهر أن دولة الإمارات تقود التحول الاقتصادي في المنطقة؛ من خلال تبنّي الذكاء الاصطناعي، إذ يُتوقع أن يُسهم هذا القطاع بما يقارب الـ14% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول عام 2030، وهي أعلى نسبة تأثير على مستوى الشرق الأوسط، وفق ما جاء في التقرير. كما تسير الإمارات بخطى متسارعة في هذا المجال، مع نمو سنوي متوقع لمساهمة الذكاء الاصطناعي، يراوح بين 20، و34%، ما يعكس التزام الدولة العميق بالتحول الرقمي، واستثمارها المستمر في بناء اقتصاد معرفي متقدم. هذا النمو ليس وليد الصدفة، بل نتيجة مباشرة لاستراتيجية وطنيــــــــــة طموحة، واستثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية، والتعليم، والبحث العلمي. وقــــــــــد تُوّج هذا الجهد بحلول الإمارات ضمن المراتب الثلاث الأولى عالمياً في جذب المواهب المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، وفــــق تصنيف جامعة ستانفورد لعام 2025.

اذهب للمصدر