ماذا نعرف عن جماعة أولي البأس التي ظهرت جنوب سوريا وهل هي فعلا ذراع جديد لإيران في المنطقة؟

1 week ago 5

لم يكد شهرٌ يمرّ على انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، حتى بات اسم مجموعة "جبهة تحرير الجنوب" جزءًا من التداول الإعلامي، انطلاقًا من الجنوب السوريّ.

أصدرت الجبهة حينها بيانها الأول، وأنذرت فيه القوات الإسرائيلية المتوغلة في الجنوب السوري، وطالبتها بالانسحاب خلال 48 ساعة، وهددت بمواجهتها عسكريا إن لم تفعل ذلك.

في 11 كانون الثاني/ يناير، تغير الإسم وبات يعرف ب"جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا – أولي البأس"، حيث أشهرت الجماعة عن نفسها، وسط تضاربٍ كبير في المعلومات حول منشأها وارتباطاتها وأهدافها.

مجلة "نيوزويك" الأمريكية نشرت تقريرًا نقلت فيه عن "أولي البأس" قولها إنّها "المقاومة الجديدة في سوريا" التي تتصدى لإسرائيل و"محور الشر الأمريكي". ونقلت المجلة عن الجماعة الجديدة أنها "لا ترتبط بأي محور" وأنها ضد "مختلف الاحتلالات في سوريا، الإسرائيلي والتركي".

ويتم تداول مقارنات بالشعارات والرموز بين "أولي البأس" وشعارات القوى الحليفة لإيران ورموزها، كحزب الله في لبنان، وكتائب حزب الله في العراق، وكتائب "زينبيون" و"فاطميون"، كأحد المؤشرات الشكليّة على ارتباط هذه الجماعة ومشروعها.

وتبنّت الجماعة عددًا من الاشتباكات التي شهدها الجنوب السوري، وتحديدا في محافظتي درعا والقنيطرة، وأولها  كان مطلع شباط/ فبراير الماضي، حيث تم استهداف القوات الإسرائيلية التي توغلت في بلدة طرنجة بريف القنيطرة الشمالي، "وقد انسحب الجنود الإسرائيليون تحت غطاء ناري وجوي مكثف" وفق البيان.

وبعد ذلك، نعت "أولي البأس" 4 من مقاتليها في الاشتباكات بين القوات الإسرائيلية وأهالي بلدة كويا في ريف درعا، بينما اعلنت الخارجية السورية أن 6 مواطنين سوريين قتلوا بنيران القوات الإسرائيلية.

ومنذ سقوط نظام الأسد توغل جيش الدولة العبرية في مساحات واسعة من الجنوب السوري ضمن محافظتي درعا والقنيطرة. حيث تنفذ الطائرات الحربية الإسرائيلية بشكل شبه متواصل غارات تستهدف مرافق عسكرية كانت تابعة للنظام السابق وباتت اليوم تحت سيطرة الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع.

وفي العاشر من كانون الأول / ديسمير بدأ الجيش الإسرائيلي أكبر حملة جوية في تاريخه، حيث أعلن أن "350 مقاتلة شاركت في تدمير 80% من قدرات الجيش السوري برا وبحرا".

وفي حديث ليورونيوز، قال مصدر متابع لملف الجنوب السوري، طلب عدم الكشف عن هويته، إن ما يسمّى بميليشيا "أولي البأس" لا تملك جسما منظمًا أو هيكلية تنظيمية، وأنها حتى الساعة "حالة إعلامية" أكثر منها شيئا آخر.

ويشير المصدر إلى أنّ هذه المجموعات "قد تكون على صلاتٍ سابقة بجهات كانت تعمل في الجنوب السوري"، ويؤكد أنّها اليوم "لا يتبناها أو يغطيها أي طرف سواء إيران أو حزب الله أو غيرهما".

"أول اشتباك جرى كان بين الجيش الإسرائيلي وعوائل من أهالي هذه المناطق" يقول المصدر، ويضيف "15 سنة ودرعا تشهد الأحداث الأمنية والعسكرية، وبالتالي إمكانية إطلاق النار فيها واردة جدًا".

ويشبه المصدر ما حدث من مواجهات بما "يجري أحيانا في الضفة الغربية، حيث يكون الاشتباك فرديا وليس تابعا لأي جهة". ويؤكد المصدر أن البنية العسكرية التي بناها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في الجنوب السوري "قد تم تفكيكها منذ سنوات، وقبل اندلاع الحرب الاقليمية الأخيرة"، وقد جرى ذلك عبر "تنسيق روسي إماراتي مع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، الذي ضغط على الإيرانيين وحزب الله للتراجع والانسحاب من هذه المنطقة الحدودية".

وعن مسمى أولي البأس وهو مصطلح وارد في القرآن، فإن حزب الله كان أول من استعمله نهاية العام الماضي. إذ أنه اطلق الاسم على معركته الأخيرة مع إسرائيل التي امتدت لشهرين بين أيلول / سبتمبر وتشرين الثاني/ نوفمبر 2024 في أعقاب مقتل أمين عام الحزب حسن نصر الله.

في حديث ليورونيوز، يصف خالد المحاميد، وهو أحد أبرز الفعاليات السياسية في الجنوب السوري، ميليشيا "أولي البأس" بأنها "حالة إعلامية وفردية"، ويشدد على أنّ "أهالي الجنوب السوري عموما لا يمكن أن يقبلوا بالاحتلال الإسرائيلي" حسب تعبيره.

"قد يكون هؤلاء أشخاص مدفوعين لافتعال معارك على نمط طواحين الهواء" يرجّح المحاميد، معتبرًا أنّ الوضع حاليا "لا يسمح بمعارك كبيرة ضد اسرائيل".

ويؤكد أن "من قاوم في الاشتباكات الأخيرة هم من أهالي المنطقة، ولا يتبعون لأي تنظيمات أو جماعات جهادية".

وفيما يشير المحاميد إلى أنّ "القوات الإسرائيلية تدخل إلى القرى وتمشّطها قبل أن تنسحب"، فإنه يعتقد بأن "مقاومة شعبية" قد تنشأ "إذا تطورت الأمور واستمر الاحتلال في ما يفعله" حسب قوله.

وكانت هذه المنطقة في الجنوب السوري من أكثر المناطق سخونة خلال الأعوام الخمسة عشر الأخيرة، وينتشر السلاح الفردي بكثرة بين السكان، خصوصا وأن العنصر الاساسي في النسيج الاجتماعي للمنطقة هو الوجود عشائري.

وما زال وضع "جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا – أولي البأس" غير واضح، ولا سيما في منطقة تتداخل فيها كل أسباب الاشتباك مع القوات الإسرائيلية بين أسباب فردية وجماعية. غير أن التطورات المتسارعة في سوريا، قد تعجّل في توضيح الصورة والتوازنات الجديدة في الجنوب السوري، سواء بما يخص "أولي البأس" أو غيرها.

اذهب للمصدر