- فوائد تمويلات السوق السوداء تصل 50 % على 3 سنوات
- زيادة شهية التمويلات المدفوعة باقتراض أكثر من الحاجة وقدرة أقل على السداد
- الضمانات ترتكز على الشيكات والكمبيالات وتسجيل السيارات باسم الممول
- «التجارة» تنسّق مع «المركزي» و«الداخلية» لغلق نوافذ التمويلات المُخالفة
بين الفينة والأخرى تخبو وتظهر إعلانات الترويج لتمويلات تمنح خارج النظام المصرفي والمالي، والتي تسلم عادة «كاش» لزبائنها من المواطنين والوافدين غير القادرين، لإعادة هيكلة قروضهم لدى البنوك وشركات التمويل، خصوصاً الذين بلغت حدودهم الائتمانية شروط بنك الكويت المركزي في ما يتعلق بألا يتجاوز القسط الشهري 40 % من صافي راتب الموظفين، و30 % من معاش المتقاعد، ما يشكل مخالفة صريحة للقوانين والتعليمات الرقابية، وفخاً لتحقيق مكاسب على حساب المضطرين مالياً، فضلاً عن دور ذلك في تعزيز نشوء السوق السوداء لعمليات غسل الأموال والمشبوهة عموماً.
التحركات الرقابية
من جانبها، تحاول الجهات الرقابية التصدي لمثل هذه الظواهر السلبية، أخذاً بالاعتبار أنه يصعب مكافحتها بالطرق التقليدية التي يلجأ إليها بنك الكويت المركزي ووزارة التجارة والصناعة، باعتبار أنها تتم وفقاً لأنشطة غير مرخصة من الأساس، فيما أحالت الجهات الرقابية ذات العلاقة عدداً من البلاغات إلى النيابة للتحقيق مع أفراد ومكاتب بشبهة ممارسة أعمال الصرافة والتمويل من خارج الجهاز المصرفي دون ترخيص من البنك المركزي، حيث قامت «الرقابة التجارية» في وزارة التجارة بعمل محاضر إغلاق لمكاتب ثبت مخالفتها لقوانين والتعليمات.
وأشارت المصادر إلى أن «التجارة» تعاونت مع «المركزي» في تزويد النيابة بإعلانات للمتهمين يقدمون فيها خدماتهم المالية لمن يرغب، كما أرفقت شكاوى عدد من المواطنين الذين تعرضوا لعمليات احتيال، باقتراضهم من هذه الجهات التي أخذت منهم ضمانات كشيكات وكمبيالات، الأمر الذي أدى إلى حدوث مشكلات كبيرة في ما بعد عندما حان وقت السداد.
وأضافت المصادر أن التنسيق يتم بين الجهات الرقابية المختلفة، وتحديداً بين «المركزي» و«التجارة»، و«الداخلية»، وهو مستمر لمكافحة هذه الممارسات، مؤكدة أن هذه الظاهرة تختفي وتعود مرة للازدهار في أوقات الركود وانخفاض السيولة.
زبائن متعثرون
وتنشط مثل هذه الإعلانات عادة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى دوارات الطرق، والتي استخدمت كمنصات لاصطياد الزبائن المتعثرين أو المهدّدين بذلك، مع توفير أرقام تلفونات للتواصل بأي وقت.
من جهته، يحذر «المركزي»، من خلال حملة «لنكن على دراية» للتوعية المصرفية، من مخاطر تلك الممارسات التي يلجأ لها البعض من خلال وسطاء غير مرخصين من خارج القطاع المصرفي، يقدمون مبالغ نقدية بفائدة عالية من أجل تمكين العملاء من سداد القروض المترتبة عليهم للحصول على قرض جديد.
وتكتسي الظاهرة مخاطر نظامية وقانونية متعددة، أولها أنها تعزّز نشوء سوق سوداء للديون، وللمساهمة في دوران الأموال مشبوهة المصدر التي تستغل طلب تغطيتها، كما تخالف التعليمات الرقابية في شروط منح التسهيلات، وجهة المانح، باعتبار أن المانحين لهذه القروض، غير حاصلين على ترخيص من الجهات الرقابية بمزاولة هذا النشاط، فضلاً عن أن هذه النوعية من الإعلانات تزيد الشهية السلبية للعملاء، نحو زيادة الحصول على التسهيلات، أكثر من الحاجة أو المقدرة على السداد، لاسيما وأن سوقه ينتعش وقت الأزمات المالية التي يمر بها الأفراد.
واستمراراً لمسلسل المخالفات المهددة، يقيد أصحاب هذه التمويلات المقترضين منهم بضمانات غير تقليدية في البنوك وشركات التمويل، ومنها التوقيع على كمبيالة أو شيك غير مفقط بمبلغ الدين، مع تحديد فائدة مرتفعة تتراوح بين 30 و50 % من مبلغ القرض، وبفترات سداد لا تتجاوز الـ 3 أعوام، أما بالنسبة لغير الكويتيين، فتشمل الضمانات إيداع جواز سفر العميل «الباسبور» أو جواز كفيله لدى الممول، على أن يتم إرجاعه بعد سداد الدين، علماً أن الحد الأقصى المسموح به رقابياً للقروض الشخصية يصل 95 ألف دينار، موزعة على 25 ألفاً عبارة عن تمويلات استهلاكية، و70 ألفاً إسكانية. وفي حال شراء أصل أو سلعة مثل السيارات، يتم تسجيل الأصل باسم مانح القرض، حتى ينتهي المدين من سداد كامل المبلغ، لتنتقل الملكية إليه في النهاية، دون ضمان حقيقي بتنفيذ هذه الخطوة، ما ينذر بحدوث مشاكل كبيرة، أغلبها يصل إلى التنازع القضائي.
تحويلات الظل
وأشارت المصادر إلى أن ممارسات بنوك «الظل»، لا تكتفي بالتمويل، فبعضها يقوم بجعل فائدته المركبة مضاعفة من خلال تحويل أموال للعملاء إلى الخارج من خلال منحهم عملة بلادهم مقابل حصوله على قيمة المبلغ بالدينار، وهنا يكون حصل على سيولة إضافية يتم تغذيتها من شبكة لديها وسطاء في مختلف البلدان.
ولفتت المصادر إلى أن بعض ممولي السوق السوداء للقروض يستخدم هذه الطريقة لأسباب عدة منها للاستفادة من سعر العملة التي يتم التحويل إليها والتي عادة ما يكون لها سوق وسعر موازٍ، أو لتوفير عمولة التحويل، إذ يتم تحويل المبلغ المجمع بطريقة قانونية عبر البنك، ولكن في حساب واحد، للاستفادة من عدم دفع رسوم التحويل على كل عملية، لتدفع مرة واحدة، إضافة إلى تحصيل رسوم مضاعفة، كلما زاد المبلغ المحول.
ظاهرة متجددة برزت مع تداعيات أزمة 2008
تُعد «مصارف الظل» أحد التحديات التي تواجه الاستقرار المالي في أي دولة، ففي الكويت برزت هذه الظاهرة بوضوح مع تداعيات الأزمة المالية التي شهدتها البلاد في 2008، خصوصاً التشدد المصرفي في منح التمويلات والقروض، بهدف السيطرة على تداعيات الأزمة، وللسيطرة على مخاطر ارتفاع نسبة المتعثرين سواء من الشركات أو الأفراد.
وتطورت الظاهرة وانتشرت بشكل كبير، حتى بلغت ذروتها خلال فترة «كورونا»، مع توقف البنوك عن منح تمويلات أو قروض، لكن مع استئناف البنوك لمنح التسهيلات الربع الأخير 2022، تراجع الزخم حول هذه الظاهرة، لتعود مرة أخرى الفترة الأخيرة، وإن كانت بنشاط أقل، لكنها عادة تنمو تدريجياً.