#منوعات
خالد خزام اليوم 13:00
في عالمٍ تُختبر فيه الإرادة، وسط الأمواج والقرارات السريعة، تبرز القبطان سحر راستي نموذجاً مُلهماً، لامرأة اختارت أن تُبحر في مهنة نادراً ما تطرق بابها النساء. ولم تكتفِ راستي بأن تكون أول قبطان إماراتية، بل جعلت من البحر ساحة؛ لإثبات أن المرأة قادرة على الجمع بين الحزم ورقة القلب، وبين الحسّ القيادي والمشاعر الإنسانية.. في هذا اللقاء مع «زهرة الخليج»، تروي الشابة الإماراتية قصتها، التي بدأت على أرصفة الموانئ في طفولتها، وتحولت إلى مشروع وطني، وتمكين مجتمعي. وتكشف القبطان الإماراتية كيف يمكن أن يصبح الشغف رسالة، والمهنة منصّة لرفع علم الوطن، والتمكين فعلاً لا شعاراً:
-
سحر راستي: تحديات البحر تحتاج إلى القوة والمرونة
هل تتذكرين اللحظة، التي بدأت فيها علاقتك مع البحر؟
بدأت علاقتي مع البحر منذ الطفولة، حين كنت أرافق والدي إلى عمله، إذ كانت لديه شركة تعمل خارج الميناء. كنت أرى السفن تتحرك، فأشعر بأن البحر يناديني، وكأن أمواجه ترسم طريقي. منذ تلك اللحظة، وُلد بداخلي شغف كبير بالبحر، وأيقنت أن هذا سيكون مجالي، ومسيرتي المهنية، وأن كل موجة سأواجهها ستكون خطوة أرفع بها علم بلادي الإمارات عالياً، وأعكس من خلالها رؤية القيادة الرشيدة، التي غرست فينا حب التحدي، والعطاء.
رسالة
هل كان اختيارك هذه المهنة حلماً شخصياً، أم له رسالة أوسع؟
هو أكثر من حلم شخصي؛ إنه رسالة وفاء لوطني الغالي الإمارات؛ فقد أردت أن أكون نموذجاً لكل فتاة تدرك أن لا حدود لطموحاتها. كما أنني أرى - في هذه الخطوة - تجسيداً لرؤية قيادتنا الرشيدة، وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، الداعمة الأولى للمرأة.
-
سحر راستي: تحديات البحر تحتاج إلى القوة والمرونة
ما أصعب موقف اختبر شجاعتك في عرض البحر؟
هناك موقف، لا أنساه أبداً، حدث حين واجهت أزمة طارئة على متن السفينة مع طاقم رجالي بالكامل، في لحظة كان كل قرار فيها اختباراً لشجاعتي، ليس فقط كقبطان، بل كأول إماراتية في هذا الدور. شعرت بثقل المسؤولية، ورغم التوتر تمكنت من قيادة الفريق، واتخاذ القرار الصحيح، وفي الوقت ذاته تلقيت نداء استغاثة من سفينة صغيرة، تعطلت وسط ظروف بحرية صعبة، وبفضل الله وتوفيقه، وتنسيق سريع مع الجهات المختصة؛ استطعنا إنقاذ الطاقم بأمان. هذه التجربة أظهرت أن المرأة الإماراتية قادرة على الجمع بين الحزم ورقّة القلب، كما علمتنا أمهاتنا.
ما المهارات، التي وجدتِ أنكِ بحاجة إلى تعزيزها؛ لتواكبي متطلبات المهنة؟
وجدت أن المهنة تحتاج إلى مزيج من القيادة الصارمة، والتعاطف العميق؛ وهذا ما سعيت إلى تعزيزه في شخصيتي، فمن خلال البرامج التدريبية المتقدمة التي وفرتها لنا الدولة؛ اكتسبت مهارات إدارة الأزمات، واتخاذ القرارات تحت الضغط؛ كما ساعدتني عائلتي في بناء توازن داخلي بين القوة والمرونة؛ ما جعلني أكثر استعداداً لمواجهة تحديات البحر.
تحديات
هل شعرتِ بأنك تخوضين معركة؛ لإثبات ذاتك كامرأة في مهنة يهيمن عليها الرجال؟
بعض اللحظات كانت بمثابة معركة صامتة لإثبات الذات، لكنني لم أكن وحدي، فقد ساندتني عائلتي، ووطني بقيادته الرشيدة. لم أسعَ، يوماً، إلى تقليد الرجل، بل أردت أن أظهر أن المرأة قادرة على أن تكون قوية بلينها، وقيادية برقتها.
-
سحر راستي: تحديات البحر تحتاج إلى القوة والمرونة
ما أبرز التحديات، التي تواجهها المرأة في المجال البحري؟
يكمن أبرز التحديات في إثبات الذات ببيئة تتطلب جهداً ذهنياً وبدنياً. الدراسة الأكاديمية تمنح المعرفة، لكن الميدان هو ما يصقل الشخصية، ويعلم الصبر، والحنكة، والمسؤولية تجاه الأرواح، وهذا ما شكّلني اليوم كقبطان، وأم، وسفيرة لبلادي.
كيف توظفين تجربتك لدعم وتمكين الجيل القادم من النساء؟
أعمل على مشاركة تجربتي في المحافل الدولية والمحلية، وأطلقت «رحال» كمنصة للوظائف البحرية، تعد الأولى من نوعها عالمياً، كما أعمل على تأسيس فريق نسائي متكامل لخدمة السفن واليخوت العائلية، وأطمح - كذلك - إلى إطلاق مشاريع تدعم الاستدامة في القطاع البحري.
بعد كل هذه الإنجازات.. ما الذي يحرّك طموحك اليوم؟
هناك أمور عدة تحرك طموحي، منها: مواصلة حمل رسالة وطني، وتمثيل المرأة الإماراتية عالمياً، وأن أكون جسراً بين جيل اليوم والغد؛ لأشارك في صناعة مستقبل، يليق باسم الإمارات.
-
سحر راستي: تحديات البحر تحتاج إلى القوة والمرونة
ماذا تقولين عن تمكين النساء في القطاعات المتخصصة، والنادرة؟
إن تمكين المرأة في هذه القطاعات انعكاس لرؤية الإمارات المتفردة، التي جعلتها شريكة حقيقية في صناعة المستقبل؛ فنحن نعيش في وطن يؤمن بأن استثمار طاقات المرأة استثمار في الوطن نفسه.
ما رسالتك إلى الفتيات الإماراتيات.. في يوم المرأة الإماراتية؟
أقول لكل فتاة: كوني أنتِ.. واثقة، وجريئة، ومخلصة. ولا تخافي من الموج العالي، فهو سيصنع منك قبطاناً ماهراً. وطننا احتضننا، وقيادتنا دعمتنا، فكوني نجمة في «بحر الطموحات»، واحلمي بجرأة، واعلمي أن الدعم من عائلتك، وبلدك، سيحملك دائماً إلى القمم!