#مشاهير العرب
غيث التل اليوم
ليس غريباً أن يكون فناناً متفرداً، ومختلفاً، لا يشبه غيره، ولا يشبهه غيره، فهو ابن الفنان الكبير عاصي الرحباني، وأيقونة الغناء العربي الفنانة فيروز، التي لا يشيخ فنها، ويعايش كل الأزمان والعصور.
تشرَّب زياد الرحباني الفن منذ نعومة أظافره، وفي مرحلة الشباب قدّم لوالدته لحن أغنيتها الخالدة «سألوني الناس»، ولم يكن قد تجاوز الـ17 من عمره، وكانت انطلاقته الحقيقية نحو عالم مليء بالتناقضات.
إلى جانب الفن، كان زياد سياسياً بارزاً، وعُرف بكونه كاتباً مرموقاً، وشاعراً مختلفاً؛ لذلك كان زياد رجلاً استثنائياً لا شبيه له.
-
زياد الرحباني لأول مرة.. «ما منكون سوا»
أعمال لا تُنسى:
ترك زياد الرحباني خلفه إرثاً لا يُمحى من ذاكرة المستمع العربي، عكس من خلاله حياته وأفكاره وتوجهاته، فلم يكن الرحباني يقدّم أعماله تجارياً أو بهدف الانتشار، بل للتعبير عن ذاته وقناعاته، فألحانه ما زالت تنتقل من جيل إلى جيل، وعلى وجه الخصوص تلك التي قدّمها للعالم بصوت والدته فيروز، سواء من كلماته أو ألحانه، ومن أشهرها: (كيفك إنت، وعودك رنان، والبوسطة، وسلّمي عليه).
كما قدّم زياد بنفسه عدداً من الأعمال الغنائية، مثل: (أنا مش كافر، وبما إنو، وبلا ولا شي، وعايشة وحدي بلاك، وشو هالأيام، ومونودوز).
ولكونه ابن أحد عمالقة المسرح العربي، فقد جمع زياد بين المسرح والتلحين والموسيقى، ولم يبخل بموهبته على أيٍّ منها، فقدّم مسرحيات ساخرة تُعد من أشهر ما عُرض في المسرح العربي، منها: (فيلم أميركي طويل، وشي فاشل، ونزل السرور، ولولا فسحة الأمل، وبخصوص الكرامة والشعب العنيد، وبالنسبة لبكرا شو).
-
فيروز في وداع ابنها زياد
زياد.. وفيروز:
رغم تعاونهما الفني اللافت، وإكمال كلٍّ منهما للآخر كتابة وغناءً ولحناً، فقد ظلت علاقة زياد بوالدته فيروز غامضة، ولم يُكشف عن تفاصيلها، ووُصفت دائماً بـ«المتأرجحة»، حتى بدأت الحكايات والأساطير تُنسج حولها، ومنها ما رواه بنفسه عن قصة أغنية «كيفك إنت»، التي تقول: إن زياد سافر، وتزوّج دون علم والدته، والتقاها صدفة خلال إجازة له في بيروت، وسألته: «كيفك إنت، قال عم بيقولوا صار عندك ولاد، كنت مفكّرتك برّات البلاد».. وأن هذه الكلمات هي ما قالته له فيروز، فاستوحى منها زياد أغنيتهما الشهيرة.
زياد.. والحرب:
أثّرت الحرب بطبيعتها على حياة زياد، وبنى فيها فوضويته التي عُرف بها، وجرأته التي فاقت الحدود، فلم يخجل يوماً من البوح برأيه في أحد، وساهمت ظروف حياته فيها في تشكيل حياته السياسية. وفي الأوقات التي انشغل اللبنانيون فيها بالحرب ونكساتها وويلاتها، كان زياد يبني إمبراطورتيه في الفن والمسرح والنصوص التي يقدّمها للعالم من أعماق قلبه وتجاربه ووجعه، فتظهر جمالاً لا يُضاهيه جمال.
-
لحظة خروج جثمان زياد الرحباني من المستشفى
الوفاة:
كان السبت، الموافق 26 يوليو 2025، يوماً حزيناً في تاريخ الموسيقى العربية، ففيه افتقد كلّ متذوّق مرهف الإحساس، وعاشق للفن الأصيل أحد أعمدته، الذي توفي عن عمر يقارب الـ69 عاماً. في هذا اليوم حزن الجميع، من وافق زياد، أو خالفه الرأي والفكر، فقد فرض نفسه طوال حياته علَماً واسماً لامعاً، لا يختلف على عبقريته أحد.
وقد شُيّع جثمان الرحباني بحضور والدته فيروز، وشقيقته ريما الرحباني، اليوم الإثنين 28-7-2025، وآلاف المحبّين والمودّعين، الذين حملوا باقات الأزهار البيضاء والحمراء، وغنّوا بعضاً من كلماته وألحانه، كان من أبرزها أغنية «لأول مرة ما منكون سوا»، التي غنّتها فيروز، وكانت واحدة من روائع اجتماعها بابنها الراحل.