نشرت مجلة "Frontiers in psychology " العلمية، دراسة حديثة، اكتشف من خلالها علماء بجامعة غرينتش، بقيادة الدكتور باسكال مايكل، أن هذه تجربة الاقتراب من الموت، تتشابه بشكل كبير مع تجارب تعاطي المخدرات المهلوسة.
وبيّنت الدراسة أن التجربتين غالبا ما تُفضيان إلى رؤى غريبة متشابهة، تشمل مشاعر الانفصال عن الجسد ومواجهة كائنات خارقة للطبيعة والسفر إلى أماكن غامضة. والأكثر إثارة أن بصيص أمل يُرى في جميع تجارب الجرعات العالية من بعض المخدرات تقريبا.
وقام العلماء، بمقارنة التقارير الذاتية لـ 36 مشاركا تناولوا جرعة عالية من مخدر DMT المُبخّر، وهو المكون النشط في مشروب "آياهواسكا"، مع قاعدة بيانات لتجارب الاقتراب من الموت الناتجة عن نوبات قلبية.
كما أظهرت النتائج أن المشاركين في الحالتين أبلغوا عن تجارب متشابهة مثل الشعور بالخروج من الجسد وعبور نفق ورؤية أضواء ساطعة، بالإضافة إلى مقابلة كيانات غامضة، مشيرةً هذه التشابهات إلى وجود آلية عصبية مشتركة وراء هذه الأعراض.
و يؤكد فريق البحث، أن التجارب تنتج من تأثيرات عصبية تصاعدية على مراكز المعالجة البصرية ومستقبلات السيروتونين في الدماغ. فعلى سبيل المثال، أثناء تجربة DMT، يؤدي تنشيط مستقبلات السيروتونين إلى تحفيز شديد للنشاط العصبي، فيما تسبب تجربة الاقتراب من الموت فرط استثارة في الجهاز البصري.
وأوضح العلماء، أن رغم هذه التشابهات، ثمة اختلافات مهمة بين التجربتين. فمثلا، في تجارب الاقتراب من الموت، يلتقي الأشخاص أحيانا بأحبائهم الذين فارقوا الحياة، بينما في رحلات DMT، يتحدث المشاركون عن لقاء مخلوقات غريبة تشبه الحشرات أو الأخطبوط.
وتختلف طبيعة "الخروج من الجسد"؛ إذ يصف البعض في تجربة الاقتراب من الموت رؤية أجسادهم من الخارج، بينما في تجارب DMT يكون الشعور بعدم وجود جسد غالبا.
وأشارت التجارب إلى اختلاف طبيعة الأنفاق، إذ يكون النفق في تجربة الاقتراب من الموت غالبا ممرا مظلما ينتهي بضوء ساطع، بينما في تجارب DMT، تأخذ الأنفاق شكل هياكل هندسية معقدة وملونة.
ويعتقد العلماء أن هذه الفروقات تعود إلى عوامل معرفية مثل التوقعات الثقافية والذاكرة ونظام المعتقدات الشخصية، فضلا عن السياق النفسي لكل فرد.
ومن جانبه، يقول الدكتور ديفيد لوك، الأستاذ المساعد في جامعة غرينتش: "قد تكون هناك آليات بيولوجية مشتركة، إذ يُنتج الدماغ مادة DMT بشكل طبيعي وربما يُطلقها عند لحظة الموت أو أثناء تجربة الاقتراب من الموت". ومع ذلك، لا تزال هذه النظرية قيد الدراسة ولا توجد أدلة قاطعة حتى الآن.
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن فريقًا من العلماء الباحثين في عقار DMT توصلوا، من خلال صور للدماغ، إلى أن هذا العقار يتسبب في جعل النشاط الدماغي أكثر اضطرابًا وفوضوية.
وقال البروفيسور روبن كارهارت هاريس، مؤسس مركز أبحاث المواد المخدرة في إمبريال كوليدج لندن، "أتاح لنا التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي رؤية الدماغ بالكامل، بما في ذلك أعمق بُنى الدماغ، وساعدنا تخطيط كهربية الدماغ على رصد النشاط الإيقاعي الدقيق للدماغ".
التقطت صور للدماغ من ثماني دقائق قبل جرعة DMT إلى عشرين دقيقة بعدها.
تكشف الصور عن تأثير كبير على الدماغ، لا سيما في المناطق المسؤولة عن التخطيط واللغة والذاكرة واتخاذ القرارات المعقدة والخيال.