بقلم: Clara Nabaa & يورونيوز
تعود بداية التوترات الأخيرة إلى صيف عام 2024، حين بعث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برسالة إلى العاهل المغربي محمد السادس يعترف فيها بسيادة الرباط على الصحراء الغربية، الاقليم المتنازع عليه تاريخيًا بين البلدين الجارين، حيث دأبت الجزائر على دعم جبهة البوليساريو المطالبة باستقلال الاقليم عن المغرب منذ سبعينيات القرن الماضي.
وقد تسببت هذه الرسالة بتعميق الشرخ بين باريس والجزائر، ما دفع الأخيرة إلى استدعاء سفيرها، وبلغجت الأزمة خلال زيارة ماكرون إلى الرباط في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، حيث اتخذت القطيعة طابعًا رسميًا.
وفي سياق التوترات بين البلدين، يبرز اسم الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال كمرآة تعكس الصدام والأزمة الراهنة بين البلدين، فماذا نعرف عن هذه القضية؟
بوعلام صنصال.. اعتقال كاتب يتحول إلى "قضية دولة"
في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، ألقت السلطات الجزائرية القبض على الكاتب بوعلام صنصال في مطار العاصمة الجزائر، وحكم عليه لاحقًا في 27 آذار/مارس بالسجن خمس سنوات بتهمة "المساس بسلامة البلاد"، استنادًا إلى تصريحات له أدلى ابها في مقابلة مع وسيلة إعلام فرنسية يمينية متطرفة تُدعى "فرونتيار" (Frontières).
ورغم أن الحكم جاء في إطار اتهامات قانونية، إلا أن خلفيته السياسية والثقافية طغت على القضية، خاصة أن صنصال، البالغ من العمر 80 عامًا، يُعرف بانتقاداته الحادة للسلطات الجزائرية، ما جعله في نظر كثيرين تجسيدًا لصراع الهوية والسرديات بين البلدين.
وتكشف قضية صنصال المزدوج الجنسية عن البعد السياسي الحاضر في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بحيث يُثير أي نقاش في الأوساط السياسية ردود فعل غاضبة وجدالات محتدمة.
دعوات للإفراج الإنساني وتأكيد على أبعاد الأزمة
في خضم التصعيد الدبلوماسي، خرجت ابنتا بوعلام صنصال بنداء موجّه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، دعتا فيه إلى التدخل العاجل من أجل إطلاق سراح والدهما. وتزامن هذا النداء تزامن مع موقف رسمي عبّر عنه وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الذي أبدى قلقه من استمرار احتجاز صنصال، مشددًا على ضرورة الفصل بين العلاقات السياسية ومصير المواطنين مزدوجي الجنسية.
وفي تصريح لإذاعة "فرانس إنتر" يوم الأربعاء، أكد الوزير أن "الفرنسيين من الذين يحملون الجنسية الجزائرية يشكلون فرصة لفرنسا، ويجب ألاّ يدفعوا ثمن التوترات القائمة بين الدولتين"، في إشارة واضحة إلى صنصال، الذي يقبع في السجن منذ خمسة أشهر. واعتبر بارو أن "احتجازه لا يمكن تبريره بالنظر إلى هشاشة التهم الموجهة إليه، إضافة إلى وضعه الصحي وعمره".
وكان الكاتب قد قال في تصريحاته التي أدلى بها سابقًا، إن الجزائر ورثت أراض مغربية خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، وهي التصريحات التي استند إليها القضاء الجزائري لإدانته. وقد تقدم صنصال بطعن في الحكم الصادر بحقه، بينما تتواصل ضغوط باريس للإفراج عنه، بوصفها قضية إنسانية وسياسية في آن واحد.