هند راشد: «التجريدية» منحتني حرية في التعبير

2 weeks ago 10

#ثقافة وفنون

ياسمين العطار اليوم 19:19

برؤية فنية تنبع من الذات وتُترجم عبر اللون والرمز، تمضي الفنانة التشكيلية الإماراتية هند راشد في مسار تجريدي يعبّر عن مزيج من المشاعر والرؤى الفلسفية. خبرتها تمتد لأكثر من عقد في مشهد المعارض المحلية والدولية، من «فنون العالم دبي» إلى سنغافورة وإيطاليا، كما شاركت في مبادرات فنية وتعليمية مؤثرة، أبرزها برنامج «روائع» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم. في هذا الحوار، تأخذنا هند راشد في رحلة إلى عالمها البصري، حيث يتقاطع الإلهام مع الثقافة، والتقنية مع الشعور.

من الهواية إلى الاحتراف.. كيف بدأت رحلتك الفنية؟

 منذ طفولتي، كان الفن جزءاً لا ينفصل عن عالمي. شاركت في مسابقات المدرسة بدعم وتشجيع من المعلمات، وكان الأهل يرون في رسوماتي بوادر موهبة حقيقية. لكن اللحظة الحاسمة التي انتقلت فيها من هاوية إلى فنانة محترفة جاءت بعد تخرجي من الجامعة، حين قررت صقل موهبتي بشكل جاد، فالتحقت بعدة دورات تخصصية لأطور أدواتي وأسلوبي.

محطات.. وتجارب

كيف تطور أسلوبك الفني؟ ومن أين استمددتِ هويتك البصرية؟

رحلتي الفنية كانت مليئة بالمحطات، والتجارب، وإعادة الاكتشاف. كنت حريصة على زيارة المعارض الفنية بانتظام، أتمعن في التفاصيل، أُصغي لتجارب الفنانين وأراقب تأثير الضوء، تناغم الألوان، والعناصر التشكيلية في كل عمل. الممارسة اليومية والتجريب بلا خوف، إلى جانب حضور الورش التدريبية، منحتني أدوات جديدة للتعبير. أما هويتي الفنية، فقد تشكلت من قدرتي على ترجمة مشاعري الداخلية إلى خطوط وألوان تنبض بالحياة. وجدت صوتي الفني في التعبير التجريدي، الذي أراه أقرب وسيلة لترجمة المشاعري إلى عمل بصري يخاطب العقل والروح معاً.

ما الذي جذبكِ إلى الفن التجريدي تحديداً؟

الفن التجريدي يمنحني حرية لا محدودة في التعبير. أكثر ما يشدني إليه هو قدرته على إثارة الفضول، حيث إن اللوحة التجريدية لا تقرأ بشكل مباشر، بل تدعو المتلقي إلى الغوص في تفاصيلها، والتفاعل مع رموزها، فجمال الفن يكمن في تفاصيله الخفية. أحياناً يخرج الجمهور بتفسيرات مختلفة عن رؤيتي الأصلية، وهذا ما أراه جمالية خاصة لهذا الفن، لأنه يمنح كل مشاهد مرآة تعكس حالته النفسية.

  •  «التجريدية» منحتني حرية في التعبير هند راشد: «التجريدية» منحتني حرية في التعبير

ما الأدوات والخامات التي تعتمدين عليها في تنفيذ أعمالك؟

استخدم ألوان الأكريليك ووسائط الفن المختلط، بما يتيح لي الخروج من النمطية، ومزج الخامات بشكل متناغم يبرز عمق الإحساس الفني والفكرة. كل خامة توظف لتخدم البنية البصرية للوحة، وتعبر عن مضمونها الداخلي.

ما أبرز التحديات التي واجهتك؟ وكيف تجاوزتها؟

 كفنانة تشكيلية، واجهت تحديات عديدة، أبرزها الصعوبات المتعلقة بالسفر للمشاركة في المعارض الدولية، خاصةً في بداياتي. وإحدى التحديات أيضاً كانت المشاركة كفنانة مستقلة في معرض «فنون العالم دبي» خلال جائحة كورونا عام 2020. كان قراراً محفوفاً بالمخاطر، خاصة أنني خصصت جناحاً كاملاً لأعمالي. لكن هذه التجربة شكلت نقطة تحوّل، إذ وجدت صدى كبيراً وتفاعلاً مشجعاً من الجمهور، مما منحني دفعة قوية للاستمرار.

مصدر إلهام

كيف تتجلّى الثقافة الإماراتية والبيئة المحلية في أعمالك؟

الثقافة الإماراتية، بما تحمله من تراث بصري غني، والطبيعة المحيطة، كلاهما مصدر إلهام دائم لي. رغم أن أعمالي تجريدية في الشكل، إلا أن كل لوحة تخفي رموزاً مستمدة من البيئة المحلية، من الرمال إلى النقوش، ومن ألوان الطبيعة إلى القصص التي سمعتها في طفولتي.

هل هناك لوحة تعبر عنكِ أكثر من غيرها؟

كل لوحة أرسمها هي انعكاس لحالة شعورية خاصة. من بين أعمالي، هناك لوحة من مجموعة «حركة الروح المبدعة» تعبر عن الصراع الداخلي بين القوة والتحدي، استخدمت فيها ألواناً محايدة مع لمسة حمراء لتجسيد التوتر والتوازن في آنٍ واحد. وهناك لوحة أخرى من مجموعة «السكون»، تعبر عن السلام الداخلي في لحظة مواجهة شيء معين في الحياة، تلك اللحظات التي نصمت فيها لنعيد ترتيب أنفسنا.

كيف تحافظين على هويتك الفنية في عصر التحول الرقمي؟

أؤمن أن التكنولوجيا وسيلة تكميلية، وليست بديلاً عن التجربة الحقيقية للفن. أستخدم المنصات الرقمية لنشر أعمالي، لكنها لا تؤثر على أسلوبي أو بصمتي الخاصة. الحفاظ على الهوية يتطلب الاستمرارية في البحث والتطوير، مع احترام الجذور الفنية التي نشأ منها الفنان.

ما طموحاتك المستقبلية؟

أسعى لأن يكون لفني أثر يتجاوز الجانب الجمالي، ليخدم أغراضاً إنسانية ومجتمعية. أطمح لمزيد من الشراكات مع مؤسسات ثقافية ومصممين، كما في تجربتي مع أحد مصممي الأزياء الإماراتيين حيث عُرضت تصاميم تحمل لوحاتي في متحف اللوفر أبوظبي. كما أطمح لتعزيز دوري في التدريب الفني، ونقل هذا الشغف للأجيال الصاعدة من خلال ورش ومبادرات تعليمية.

أخيراً.. ما رسالتك للفنانين الشباب؟

أقول لهم: لا تجعلوا رضا الآخرين مقياساً لقيمة أعمالكم، بل ارسموا لأنفسكم أولاً، لأن الفن الحقيقي ينبع من الداخل. كونوا صادقين مع مشاعركم، حتى لو لم تجدوا في البداية التقدير أو العائد المادي الذي تطمحون إليه. لا تسمحوا للنقد السلبي أن يطفئ شغفكم، فطريق الفن يحتاج إلى صبر، مثابرة، وإيمان قوي بما تقدمونه.

اذهب للمصدر