هل تكتسب الأسهم الصغيرة والمتوسطة زخماً في وول ستريت؟

19 hours ago 5

تستمر أسواق الأسهم الأميركية في جذب اهتمام واسع من المستثمرين الذين يبحثون عن فرص متنوعة تناسب مختلف استراتيجياتهم الاستثمارية، وفي ظل بيئة اقتصادية وسياسية متغيرة، يولي البعض اهتماماً بأسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد توفر فرص نمو مختلفة عن تلك المرتبطة بالشركات الكبرى.

وتتداخل عوامل عدة في هذا السياق، منها استمرار الطلب على تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي ومع بزوغ بعض تلك الشركات التي تقدم حلول البنية التحتية بالقطاع، وتأثير السياسات النقدية وأسعار الفائدة، بالإضافة إلى دعم بيئة الأعمال المحلية التي تسهم في تعزيز نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وبينما تستمر شركات التكنولوجيا الكبرى في لعب دور مهم في الأسواق، يبقى البحث عن فرص في قطاعات وأسهم أقل شهرة جزءاً من استراتيجيات المستثمرين الذين يسعون لتحقيق تنويع أكبر وتقليل المخاطر المرتبطة بالتركيز على فئة واحدة من الأسهم.

تقرير لموقع "بيزنس إنسايدر" يشير إلى أنه:

  • مع تسجيل مؤشرات الأسهم أرقاماً قياسية جديدة واستمرار أسهم "الميم" في إبقاء المتداولين الأفراد في حالة ترقب، أصبح من السهل الانجراف وراء هذا الزخم العاطفي في الأسواق خلال هذه الأيام.
  • أعلنت شركات التكنولوجيا الكبرى عن نتائج قوية للربع الثاني خلال الأسبوع الماضي، مما يشير إلى أن الطلب على الذكاء الاصطناعي لا يزال مستمراً دون تباطؤ.
  • لقد أثار هذا المزيد من التفاؤل في وول ستريت مع رفع المحللين لأهداف أسعارهم على الأسهم التقليدية والجديدة على حد سواء.
  • مع ذلك، لا تزال هناك فرص في القطاعات الأقل جاذبية في السوق، ويقول بعض المستثمرين إنهم يتجهون نحو أسهم صغيرة تبدو مستعدة لتحقيق مكاسب.

ويشير التقرير إلى أنه رغم أن مؤشر راسل 2000 للأسهم الصغيرة يعانى في العام 2025، إلا أنه بالنسبة لعديد من المستثمرين  "هناك فرصة تتبلور في أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة".

ونقل عن مؤسس ومدير الاستثمار في شركة برينس كابيتال، ألكسندر وا، قوله:  "الأسهم الصغيرة تاريخياً تكون مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.، مشيراً إلى أهمية مؤشر راسل 2000، واصفاً إياه بأنه غالباً ما يتم تجاهله من قبل المستثمرين.

ويضيف: "هناك الكثير من الشركات التي يتم تجاهلها، والتي تواصل بهدوء التقدم وتحقيق تأثير في صناعات أكبر، مما يجعل أسماءها معروفة."

وذكر شركة سترلينج إنفراستركشر، وهي شركة غير معروفة تقدم حلول بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، واعتبرها خيارًا فعّالًا للاستفادة من ازدهار قطاع الذكاء الاصطناعي.

كما أكد مدير المحافظ الاستثمارية الأول في شركة Calamos Investments، براندون نيلسون، أيضاً على أهمية شركة سترلينج كسهم صغير للاستفادة من تجارة الذكاء الاصطناعي، منبهاً إلى أن "العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة متورطة في هذا المجال، وأي شركة تعمل في سلسلة بناء مراكز البيانات يجب أن تستفيد من ذلك".

وذكر نيلسون أسماء شركات مثل سترلينج، وLumentum Holdings، وArgan كمثال على ذلك. وجميع هذه الأسهم التي تقع ضمن فئة الأسهم الصغيرة والمتوسطة، أظهرت نموًا قويًا وارتفعت بشكل كبير منذ بداية العام حتى الآن.

فيما أشار وا إلى أن سهم سترلينج قد ارتفع بنحو 4 أضعاف منذ الاستثمار الأولي لصندوقه، ولا يزال الصندوق يحتفظ به.

مؤشرات على التحول

تعليقاً على ذلك، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets ، جو يرق ، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • "مؤشرات التحول التي نشهدها حالياً من تركيز المستثمرين على شركات التكنولوجيا الكبرى، المعروفة بالسبعة العظماء، نحو الشركات الصغيرة والمتوسطة في وول ستريت هي أمر طبيعي ومتوقع".
  • منذ العام 2023، وصلت تقييمات شركات التكنولوجيا لمستويات مرتفعة للغاية، ما قد يدفع المستثمرين إلى البحث عن فرص نمو جديدة في قطاعات وأسهم أقل تقييماً.
  • هذا التوجه ربما يتعزز أيضاً بعد الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب، وما صاحبها من رسوم جمركية مرتفعة، الأمر الذي يشجع على توجه المستهلك الأميركي نحو المنتجات المحلية، وبالتالي دعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة داخل الولايات المتحدة.

ويضيف: رغم أن قطاع التكنولوجيا ما زال يشهد استثمارات ضخمة، إلا أن تقييماته المبالغ فيها تثير مخاوف من حدوث فقاعة محتملة، وهو ما يدفع الكثير من المستثمرين لإعادة توجيه محافظهم الاستثمارية نحو قطاعات وشركات أكثر توازناً من حيث التقييم، سواء داخل أميركا أو حتى في الأسواق الأوروبية والآسيوية.

وينبه أن التحول الذي نراه اليوم يُعد حركة صحية في السوق. ومع استمرار الغموض حول مستقبل السياسة النقدية الأميركية، خصوصاً ما يتعلق بأسعار الفائدة وتعريفات ترامب الجمركية "فإننا قد نشهد تماسكاً إضافياً في السوق مع اقتراب شهر سبتمبر، إذا ما بدأت الفائدة بالانخفاض".

ويختتم حديثه قائلاً: "إن ما نشهده اليوم هو إعادة تموضع استراتيجية تعكس حركة الأسواق، وتمنح دفعة جديدة للأسهم الأميركية، ومنها قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة."

انطلاقة قوية

في سياق متصل، يشير تقرير لـ "ياهو فاينانس" إلى أن:

  • مؤشر راسل 2000 مليء بأسهم الانطلاقة القوية، بفضل تركيزه على الشركات الصغيرة ذات إمكانات النمو العالية.
  • مع ذلك، فإن صغر حجم هذه الشركات يعني أيضاً افتقارها غالباً إلى المرونة المالية التي تتمتع بها الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة، مما يجعل الاختيار الدقيق أمراً بالغ الأهمية.

في مذكرة صادرة يونيو الماضي، جادل محللو Evercore ISI بأنه بالرغم من الصعوبات الأخيرة، فإن الأسهم الصغيرة "غير المحبوبة عالميًا" تتواجد الآن في وضع تكتيكي خاص، مما يجعل الوقت مناسباً لشراء مؤشر راسل 2000.

ويرتكز السبب طويل الأمد لتفوق الأسهم الصغيرة على "التقييم الجذاب مقارنة بالأسهم الكبيرة"، و"تخفيض محتمل في أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي"، و"محفزات محتملة من السياسات (التجارية والقانونية).

اتجاه متصاعد

من جانبه، يشير خبير أسواق المال محمد سعيد لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن:

  • الاتجاه المتصاعد –رغم أنه لا يزال ضعيفاً- نحو الاستثمار في الأسهم الصغيرة والمتوسطة في وول ستريت مؤخراً يعكس تحولاً واضحاً في عقلية المستثمرين، وقد يكون –حال استمراره وتصاعده- مؤشراً على نهاية فترة الهيمنة التي فرضتها شركات التكنولوجيا الكبرى المعروفة بـ"السبع العظماء".
  • "شهدت تلك الشركات الكبرى نمواً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، مما أعطى انطباعاً بأن الأسواق الأميركية تسير في اتجاه واحد، لكن الواقع أن الفجوة في التقييمات أصبحت شديدة الاتساع، وكأن السوق بأكملها تتمركز في زاوية واحدة".
  • "منذ بداية عام 2025، بدأت تظهر مؤشرات على أن دورة تفوق أسهم التكنولوجيا الكبرى قد بلغت ذروتها، ومن الطبيعي أن نشهد تدويراً للسيولة ودخولاً في مرحلة جديدة من الفرص، خاصة في قطاعات كانت مُهملة لفترة طويلة".
  • السوق بطبيعتها تبحث دائماً عن الفجوات والفرص، ومع تراجع أسعار أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة مقارنة بأرباحها المحتملة، وامتلاكها لسوق أوسع وأقل تشبعاً من نظيراتها الكبرى، تصبح جاذبة بشكل أكبر للمستثمرين الباحثين عن فرص نمو واقعية ومجزية.

ويشير إلى أن السياسات الاقتصادية للإدارة الأميركية الحالية تسهم تدريجياً في تعزيز هذا التحول، خاصة مع التركيز على تحفيز الشركات المحلية، وتقديم دعم واضح للمشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر تخفيف الأعباء التنظيمية وتقديم مزايا ضريبية، وهو ما شجع على نشاط ملحوظ في صفقات الاندماج والاستحواذ والطروحات الأولية.

وفي تقدير سعيد، فإن  "المشهد حالياً يعكس إدراك المستثمرين أن الرهان الكامل على الكبار له حدود، وأن مخاطر التركز قد ارتفعت.. ومع تحسن المؤشرات المحلية وعودة الثقة تدريجياً، تبدو الفرصة مواتية لنقلة نوعية نحو الأسهم الصغيرة والمتوسطة.. وهذا لا يعني انتهاء دور العمالقه بل هو مجرد انتقال طبيعي ضمن الدورة الاقتصادية".

اذهب للمصدر