هاجر الطنيجي: التراث روح العمل والحداثة صوته

1 week ago 7

#منوعات

غانيا عزام اليوم

شكّل فوز هاجر الطنيجي بجائزة «فان كليف أند آربلز» المرموقة، للمصمم الناشئ، نقطة تحول في مسيرة هذه المصممة الإماراتية، التي تربط إبداعاتها - بدقة - بين الماضي، والمستقبل. وقد عُرضت قطعتها الفائزة بالجائزة (طائرة الداو الورقية)، في معرضٍ أقيم بمركز «تشكيل»؛ احتفالاً بالذكرى العاشرة لتأسيس جائزة المصمم الناشئ. وتعدّ طائرتها الورقية أكثر من مجرد تصميم، فهي رمز لسرد القصص الثقافية والاستدامة، والتمكين الإبداعي. وبوحي من شعار «رياح ملهمة»، استقت المصممة مفرداتها بعمق من التراث البحري الإماراتي، وتشارك - من خلالها - الأجيالَ الشابةَ حواراً هادفاً مع الطبيعة والتقاليد.. في هذا الحوار، نغوص في فلسفتها الفنية، وتحديات الإبداع، وتطلعاتها إلى استوديو متجذر في التراث والخيال، والاحتفاء بمستقبلٍ أفضل:

ماذا يعني لك فوزك بالجائزة، وما الرسالة التي أردتِ إيصالها من خلال عملك؟

كان فوزي بالجائزة، وعرض العمل في معرض «تشكيل»، تجربة مؤثرة عمقت إحساسي بمسؤولية التصميم كأداة لسرد القصص الثقافية. لطالما أبهرتني دار «فان كليف أند آربلز» بحرفيتها وشاعريتها، ومن خلال هذه المسابقة، تمكنت من التعبير عن روح العلامة بلغة فنية خاصة بي. وكان لموضوع عام 2024 (رياح مُلهمة)، صدى عميق؛ وجدته متجذراً في بيئتنا وثقافتنا البحرية، وأردت أن أقدّم عملاً يتواصل مع الأجيال الجديدة، ويجسد استمرارية هذا التراث في لغة معاصرة.

«جائزة المصمم الناشئ»، و«تشكيل».. ما أهمية مثل هذه المنصات في دعم المصممين بالمنطقة؟

تُعدّ هذه المنصات ركائز أساسية في النظام البيئي الإبداعي؛ فهي لا تُسلّط الضوء على المواهب فحسب، بل تُنمّيها أيضاً. ولأنني حصلت على جائزة «فان كليف أند آربلز»، فقد شهدتُ - بنفسي - تأثير هذا الدعم من ناحية الإرشاد، والظهور، وفرصة التواصل مع مجتمع التصميم العالمي. نعيش في منطقة الخليج نهضة ثقافية، وهذه المبادرات مثل: «تشكيل»، و«جائزة المصمم الناشئ»، من «ليكول»، تُساعد في الحفاظ على جذورنا، وتُمكّن ازدهار سرديات جديدة، إنها بمثابة حاضنات للتصميم، والأهم من ذلك تعد مُحفّزات لحركة إبداعية، تعكس هوية منطقتنا، وإمكاناتها.

  •  التراث روح العمل والحداثة صوته هاجر الطنيجي: التراث روح العمل والحداثة صوته

دعوة إلى التواصل 

كيف وُلدت فكرة «طائرة الداو الورقية»؟

الفكرة تكريم لتراثنا البحري ولدور الرياح في تشكيل حياتنا وثقافتنا، إنها أكثر من مجرد طائرة، إنها رمز للطموح، ومركب للذاكرة، ودعوة إلى التواصل؛ لذلك أردت ابتكار شيء يُشرك الأجيال الشابة بطريقة مرحة وهادفة. في عالمنا الرقمي، غالباً نفقد التواصل مع الطبيعة، والقصص التي كانت تُرسّخنا، وتُشجع «طائرة الداو الورقية» الأطفال على الخروج، واللعب، والتفاعل مع محيطهم، والتواصل مع جذورهم الثقافية، من خلال التصميم.

كيف يعكس هذا التصميم مبادئ الاســــتدامة التــي تؤمنين بهـــــا؟

 الاستدامة، بالنسبة لي، ليست مجرد توجه، بل هي عودة إلى أصولنا؛ فقد عاش أجدادنا بوعي، مستخدمين فقط ما يلزم، وصنعوا كل شيء بعناية؛ لذا أحاول أن أحترم هذه الفلسفة في كل قرار تصميمي. فمن الخشب المحلي إلى المواد الطبيعية القابلة للتحلل الحيوي، أسعى جاهدة إلى الإبداع الهادف مع أقل تأثير بيئي. «طائرة الداو الورقيــة» صُنعت من خشب الجوز والورق اليابـــــــاني وخيوط القطن، واختيرت جميعها لجودتها واستمراريتها، بما يدعم مفهومي للاستدامة الجمالية والثقافية.

ما التحدي الأكبر، الذي واجهك خلال تنفيذ هذا العمل؟

النموذج الأولي كان التحدي الحقيقي. فقد تطلّب التوازن بين الشكل الجمالي والأداء الديناميكي اختبارات عديدة، مع مراعاة العوامل الهوائية، والحفاظ على خفة العمل دون المساس بقوته البصرية والرمزية.

عناصر مستدامة

كيف تختارين موادك، وما الذي تبحثين عنه عند بدء عمل جديد؟

أبدأ بالقصة، والمواد هي الوسيلة التي تتكشف من خلالها هذه القصة. كما أبحث عن عناصر صادقة، ومستدامة، وذات معنى، أي مواد تحمل عمقاً مادياً، وثقافياً أيضاً. في تجاربي، غالباً يعني ذلك العمل باستخدام الخشب والمواد الطبيعية من مصادر محلية، مثل عرق اللؤلؤ. وكذلك، أسعى إلى التناغم بين الشكل والمعنى؛ ليُعزز الابتكار التقاليد، ولا يطغى عليها.

بشكل عام.. ما أدواتك الإبداعية كمصممة، وفنانة؟

رغم كل التقدم الرقمي، أبدأ دائماً بالرسم. القلم والورقة يمنحانني حرية ومرونة لا مثيل لهما، وأعتبر أن أول رسمة تحمل جوهر الفكرة وروحها. ثم تأتي الأبحاث والأدوات الرقمية لصقل هذه الفكرة.

كيف تُوفقين بين الجوانب التقليدية، والحديثة، في إبداعاتك؟

أرى نفسي وصية على التراث، لا مجرد مصممة. أحاول أن أخلق حواراً بين الماضي والحاضر، حيث يمنح التراث روحاً للعمل، وتمنحه الحداثة صوته.

تأثير عالمي

ما الذي يميز مواهب التصميم الخليجية الناشئة عالمياً؟

يتميز مصممو الخليج بتراثهم الثقافي الغني، وكيف نعيد تفسيره بثقة وأصالة. إننا ننتمي إلى منطقة معروفة بحرفيتها، ورمزيتها، وسردياتها القصصية. وسواء من خلال الشكل، أو الملمس، أو التقنية، تُجسد تصاميمنا مكاناً متجذراً في التاريخ، وتتطلع بثبات إلى المستقبل. إن هذه الثنائية، بين الأصالة والرؤية، تجعل صوتنا مؤثراً عالمياً.

بصفتك سيدةً في مشهد التصميم الإقليمي.. كيف كانت رحلتكِ؟

بصفتي امرأةً إماراتيةً، شعرتُ بالتمكين لتحقيق رؤيتي، والمساهمة في مسيرة التصميم بوطننا. ويرافق هذا الزخم شعورٌ قويٌّ بالمسؤولية؛ لتمهيد الطريق للآخرين، والمشاركة في تنمية اقتصاد إبداعي أكثر شمولاً. لقد قطعت دولة الإمارات أشواطاً هائلة في توفير فرص عمل متساوية للنساء. واليوم، نستفيد من منظومة أعمال تدعم رائدات الأعمال بنشاط، من خلال سياسات، ومنصات، ومبادرات تمكينية مُخصصة.

ما الذي تتطلعين إليه في رحلتك القادمة إلى باريس مع «ليكول»؟

 أتطلع إلى الانغماس في تراث وخبرة مدرسة «فان كليف أند آربلز»؛ لأعمق فهمي للحِرَفية، وعلم الأحجار الكريمة، ورواية القصص من خلال التصميم. تثير فضولي - بشكل خاص - كيفية دمج الدار للرمزية والمعنى في كل إبداع، وسيكون التعلم من إرثهما، والتفاعل مع مصممين من جميع أنحاء العالم، تبادلاً قيّماً، آمل أن يلهمني اتجاهات جديدة في عملي.

أين ترين استوديو التصميم الخاص بك في المستقبل.. وماذا بَعْدُ؟

أطمح إلى بناء استوديو يكون جسراً بين الحرفية والهوية، ويصنع أعمالاً تتجاوز الزمن، وتبقى في الذاكرة. أريد أن يُذكرني الناس كمصممة كرّست فنها للاحتفاء بثقافتنا.. لا كماضٍ نوثقه، بل كقصة حيّة تتجدد كل يوم.

اذهب للمصدر