"نيويورك تايمز": هل ستحمي الولايات المتحدة نفسها من رئيسها؟

2 days ago 3

ويعتبر الكاتب أن البلاد تمرّ باختبار وجودي جديد يهدد دستورها ومؤسساتها وقيمها، إذ يرى أن الرئيس يتجاهل سلطة القضاء، يقمع الجامعات، ويعتقل المدنيين من الشوارع. ويشير كريستوف، الذي أمضى جزءًا كبيرًا من حياته المهنية في تغطية الأنظمة الاستبدادية حول العالم، إلى أن ما يشهده اليوم في أمريكا يذكّره بالممارسات التي رآها في دول كالصين، روسيا، وفنزويلا.

الصورة التي جمعت ترامب برئيس السلفادور نجيب أبو كيلة في المكتب البيضاوي، وفق قوله، كانت رمزية لما سمّاه "تحالفًا على انتهاكات حقوق الإنسان"، في وقت كانت إدارة ترامب قد رحّلت رجلًا يُدعى كيلمار أرماندو أبريغو غارسيا رغم صدور قرار قضائي بحمايته من الترحيل، بحجة "خطأ إداري".

ويشير الكاتب إلى مفارقة مثيرة للاهتمام، إذ يُفاخر ترامب عادة بقدرته على تحرير الرهائن من السجون الأجنبية، لكنه يظهر "عاجزًا" عندما يتعلق الأمر بإعادة رجل أُبعِد عن وطنه ظلمًا. وقد كشف تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز" أن غالبية المرحلين إلى السجون السلفادورية لا يحملون سجلات جنائية، وأن اختيارهم يتم أحيانًا بناءً على وشوم وسوء فهم لمعانيها، في تعبير عن سياسة وحشية.

ويورد كريستوف أن وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، ذهبت حدّ التصريح بأن على المرحلين البقاء في تلك السجون "لبقية حياتهم". أما توم هومان، المسؤول عن الوكالة المكلفة بالإشراف على حدود الولايات المتحدة، فاقترح محاكمة حكام الولايات التي تمثل ملاذًا آمنا للمهاجرين.

كل ذلك يذكّر الكاتب بما رآه سابقًا في الصين، حيث تعرّضت الجامعات والصحافة الحرة للقمع، وتعرض المحامون والمثقفون للقمع والتهميش أيضًا. وفي كوريا الشمالية، حيث يُروّج للكتب الرسمية كأدلة على الولاء وليس على المعرفة، يشير كريستوف إلى أن خطابات بعض مسؤولي إدارة ترامب تُشبه أحيانًا هذا النمط من الدعاية.

ويضيف أن الهجوم على القضاء الأمريكي لا يجري بمعزل عن ضغوط على مؤسسات أخرى كالجامعات وشركات المحاماة ووسائل الإعلام. ففي إحدى المناسبات، منع البيت الأبيضصحفيي وكالة أسوشيتد برس من تغطية فعالية رسمية، بينما استسلمت شركات قانونية كبيرة لضغوط الإدارة، ووافقت على تقديم خدمات قانونية مجانية بقيمة تقارب المليار دولار في قضايا تدعم أجندة ترامب.

غير أن بعض المؤسسات ما زالت تقاوم، مثل جامعة هارفارد، التي رفضت الرضوخ رغم تهديد ترامب بوقف تمويلها الفيدرالي الذي يصل إلى 2.2 مليار دولار. يوضح الكاتب، الذي شغل سابقًا عضوية مجلس إشراف هارفارد، أن الهجوم لا يستهدف الحرم الجامعي بحد ذاته، بل العلماء الذين يعملون على أبحاث رائدة في الطب، تشمل علاج السرطان، السكري، وزراعة الأعضاء، ومن بينهم 162 باحثًا، وحاملي جائزة نوبل. وقد أُوقفت فعليًا أبحاث خاصة بمرض "لو غيريغ" أو ما يُعرف بالتصلب الجانبي الضموري، ما يعني أن انتقام ترامب قد يُترجم بخسائر في الأرواح.

ويرى أن ليس هناك ما يُبرر الحرب التي يشنها الرئيس على الجامعات، ولا المساعي لتقويض استقلالها. ويقارن موقف ترامب بممارسات حكومات الصين والمجر وروسيا، حيث تُستخدم معاداة النخب وسيلة لتكميم أي صوت معارض.

ويخلص الكاتب إلى أن كل هذه المؤشرات تنذر بأن الإدارة الحالية ليست فقط استبدادية، بل متهورة أيضًا. ويرى أن هذه اللحظة تشكّل اختبارًا جوهريًا للولايات المتحدة.. فهل ستحمي الولايات المتحدة نفسها من رئيسها؟

اذهب للمصدر