موجودة في الظل.. أسهم واعدة تختبئ خلف وهج إنفيديا

8 hours ago 5

غالباً ما تتركز الأضواء في عالم صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي على عمالقة هذا القطاع، مثل شركة إنفيديا التي تجاوزت قيمتها السوقية الـ 4 تريليونات دولار للمرة الأولى في تاريخها خلال تداولات أمس الأربعاء. وبهذا تصبح "إنفيديا" أول شركة على الإطلاق تصل إلى هذا المستوى من القيمة السوقية، متجاوزةً "مايكروسوفت" و"آبل".

ولكن بعيداً عن الشهرة الواسعة التي تحظى بها بعض الشركات في هذا المجال، تكمن خلف الأضواء فرص استثمارية فريدة، تتمثل بشركات أقل شهرة تلعب دوراً محورياً وحاسماً في تطوير معدات تصنيع الرقائق المتقدمة، حيث أنه مع تسارع نمو سوق معدات تصنيع الشرائح لمواكبة طفرة الذكاء الاصطناعي، تظهر هذه الشركات كخيارات واعدة للمستثمرين الباحثين عن قيمة حقيقية.

وأبرز مثال على هذه الشركات هما شركتا Applied Materials وLam Research، اللتان تُعتبران من أكبر الشركات المتخصصة في تصنيع معدات إنتاج الشرائح، وتلعبان دوراً حيوياً في دعم صناعة الرقائق على المستوى العالمي، كما تمثلان فرصاً استثمارية واعدة ضمن صفقات أسهم التكنولوجيا المختبئة في ظل إنفيديا.

حجم الإنفاق على معدات تصنيع الرقائق

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" واطّلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، من المتوقع أن يتجاوز حجم الإنفاق العالمي على معدات تصنيع الرقائق، حاجز الـ 100 مليار دولار هذا العام، ما يعني وجود إيرادات كبيرة مرتقبة في الأفق لهذا القطاع، ولكن ورغم ذلك فإن المستثمرين لم يمنحوا شركات تصنيع معدات الشرائح، التقدير نفسه الذي منحوه لمصممي شرائح الذكاء الاصطناعي، مثل إنفيديا وأدفانسد مايكرو ديفايسز وبرودكوم، فمثلاً انخفض سعر سهم Applied Materials بنسبة 23 في المئة خلال عام 2024، في المقابل، ارتفع سهم إنفيديا بأكثر من 27 في المئة خلال الفترة نفسها.

والسبب الرئيسي لهذا التباين في الأداء يعود للمشاكل التي تواجهها شركات معدات تصنيع الشرائح في السوق الصينية، نظراً لضوابط التصدير الأميركية، حيث أنه وفقاً لمحللي شركةNew Street  Research للأبحاث، من المتوقع أن تخسر الشركات الغربية التي تنتج معدات تصنيع الشرائح، ما يصل إلى 7 في المئة من إيراداتها في الصين سنوياً حتى عام 2030، وذلك بسبب القيود الأميركية، في حين أن عدم وضوح مسار الاقتصاد العالمي بفعل الرسوم الجمركية الأميركية، أضاف عاملاً سلبياً آخراً على أداء أسهم الشركات التي تنتج معدات تصنيع الشرائح.

طفرة في الأفق

ولكن ورغم العوامل السلبية التي تؤثر حالياً على أسهم الشركات التي تنتج معدات تصنيع الشرائح، إلا أن الخبراء يرون أن ما يحصل مؤقت، لأن هذه الصناعة معروفة بتقلباتها الدورية، فالدلائل تشير إلى أن الإنفاق على معدات تصنيع الرقائق سيرتفع بشكل كبير في السنوات المقبلة، إذ سيحدث ذلك لأن إنتاج شرائح أقوى وأسرع وأصغر من السابق لتلبية متطلبات برامج الذكاء الاصطناعي، يحتاج إلى معدات جديدة، خصوصاً أن التوقعات تُظهر ان مبيعات الرقائق العالمية سترتفع إلى أكثر من تريليون دولار بحلول عام 2030 من 624 مليار دولار في 2024.

وإلى جانب ذلك، تتجه الشركات التي تنتج معدات تصنيع الشرائح نحو طرح تقنيات إنتاج جديدة، مثل جمع وربط وحتى تكديس عدة شرائح صغيرة معاً، في ما يُعرف بـ "التغليف المتقدم"، وهذه التقنية تُستخدم بكثرة في شرائح الذكاء الاصطناعي، وتحتاج إلى المزيد من المعدات، وقد حققت شركة "Applied Materials " حوالي 1.7 مليار دولار من إيرادات "التغليف المتقدم" في سنتها المالية الأخيرة، وتتوقع الشركة أن يتضاعف هذا المبلغ في السنوات القادمة.

ما هي أسهم التكنولوجيا المختبئة في ظل إنفيديا؟

ويقول جورج الخوري وهو رئيس قسم الأبحاث والتعليم في شركة CFI، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، هناك الكثير من الشركات العاملة في مجال معدات تصنيع الرقائق، التي تُعدّ من الفرص الاستثمارية الواعدة، أبرزها شركة Applied Materials التي ذكرها التقرير والتي تلعب دوراً رئيسياً بتقنيات التغليف المتقدم والنقش، تماماً مثل شركة Lam Research التي ينتظرها أيضاً مستقبل واعد، إضافة إلى هذه الشركات هناك ASML Holding وهي الشركة الوحيدة في العالم التي تمتلك تقنيات الـ EUV أو الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية القصوى، وهذا ما يمنح الشركة قوة كبيرة كونها لاعباً رئيسياً ولا يمكن الاستغناء عنه في عملية تطوير الرقائق فائقة القوة.

ويرى الخوري أن KLA Corporation هي من الأسماء الواعدة في قطاع معدات الرقائق، فالشركة متخصصة في تصنيع معدات الفحص والتحليل، وضمان الجودة التي تستخدم خلال عدة مراحل من عملية تصنيع الرقائق، كما هناك شركة Teradyne المتخصصة في إنتاج معدات الاختبار الأوتوماتيكي للرقائق والتي تُستخدم لاختبار أداء ومتانة شرائح السيليكون، مشيراً إلى وجود تناغم في أسلوب عمل هذه الشركات فهي تكمل بعضها، ولذلك نرى أن أصول القيمة لهذه الشركات الخمس تتحرك بتناغم، فمثلاً إذا ارتفع سهم شركة معيّنة من هذه الشركات الخمس تلحق به أسهم الشركات الأربع الأخرى، وهو سيناريو يُطبق أيضاً عند حدوث تراجع في السوق.

ما مستقبل هذه الشركات؟

ويؤكد الخوري أن المستقبل الذي ينتظر هذه الشركات كبير، لكنه متخبط إلى حد ما، بسبب العقوبات والقيود التي تؤثر بشكل مباشر على عملياتها، خصوصاً في الأسواق الحيوية مثل السوق الصيني، ولكن مع ذلك فإن الفرص التي تنتظرها كبيرة لأن الذكاء الاصطناعي يحتاج بشكل واضح لرقائق متطورة والتي تحتاج عملية تصنيعها لمعدات متقدمة، ومن هنا يمكن التوقع بأن يكون الطلب كبيراً جداً، لافتاً إلى أن هذا النوع من الصناعة يمر بدورات وبعض الانخفاضات ممكن أن تكون فرصاً استثمارية للاتجاهات الصاعدة.

تشوّش السوق

من جهته يقول المحلل التقني جوزيف زغبي، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه من الطبيعي أن تسرق شركات مثل إنفيديا الأضواء، في ظل الطفرة الحالية في الذكاء الاصطناعي، لكن من منظور استثماري، ما يحصل اليوم هو ما نسميه "تشوّش السوق"، حيث تتركّز شهية المستثمرين على عدد محدود من الأسماء البارزة، وتُهمل قطاعات أساسية تُعتبر العمود الفقري لهذه الثورة التكنولوجية، فشركات مثل Applied Materials وLam Research لا تصنع شرائح الذكاء الاصطناعي، ولكنها تصنع الأدوات التي تجعل صناعة هذه الشرائح ممكنة أصلاً.

الرهان الاستثماري الأذكى

ويضيف زغبي إن شركات تصنيع معدات الرقائق، هي بمثابة البنية التحتية الصامتة، التي تدعم عصر الذكاء الاصطناعي، فارتفاع الإنفاق العالمي على معدات تصنيع الشرائح، والمتوقّع أن يتجاوز الـ 100 مليار دولار هذا العام لا يأتي من فراغ، ففي بيئة تتزايد فيها الحاجة إلى ترانزستورات أصغر وحوسبة أسرع واستهلاك طاقة أدنى، تصبح معدات تصنيع الرقائق ذات طابع استراتيجي لا يقل أهمية عن الشريحة نفسها، ولذلك فإن المستثمر الذكي لا ينجذب فقط إلى الوهج الإعلامي للشركات العملاقة، بل يدرك أن الفرص الاستثنائية غالباً ما تنشأ على الهامش، وأن الأرضية التي تُبنى عليها الرقائق قد تكون هي الرهان الاستثماري الأذكى.

ويرى زغبي أن التراجع في أسهم شركات تصنيع معدات الرقائق الذي حصل في 2024 لا يعكس ضعفاً جوهرياً في أعمالها، بل هو نتيجة ضغوط جيوسياسية وتنظيمية مؤقتة، ومع ذلك فإن ما نراه هو قطاع يتجه نحو طفرة في الطلب على المدى الطويل، مدفوعاً بحاجات الصناعة إلى تغليف متقدم، ومعدات أكثر تعقيداً لمواكبة تقلص حجم الترانزستورات، فالسباق نحو تصنيع شرائح أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة لا يمكن كسبه دون استثمارات ضخمة في المعدات الدقيقة، ما يجعل هذه الشركات ليست فقط ضرورية، بل أيضاً محورية في مستقبل الذكاء الاصطناعي ذاته.

اذهب للمصدر