مجازر الساحل: تمديد لجنة عمل لجنة التحقيق وشهادات لـ "يورونيوز" تؤكد استمرار الانتهاكات

1 week ago 5

أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع تمديد عمل لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري لمدة ثلاثة أشهر إضافية، بعد أن كان من المفترض أن تنهي اللجنة أعمالها خلال شهر من تشكيلها. القرار جاء بناءً على طلب من لجنة التحقيق نفسها، بحسب بيان صادر عن الرئاسة السورية.

لكن هذا التمديد لم يكن محل توافق أو قبول عام، حيث يرى البعض أنه مجرد محاولة لإطالة أمد القضية وتبديد الضغوط المحلية والدولية.

تم إخفاء أسماء المتحدثين في هذه المادة بناء على طلبهم، وتخوفا من الملاحقة الأمنية.

في حديث لـ"يورونيوز" قال أحد الناشطين من العاصمة دمشق، إن "تمديد عمل اللجنة هو شكل من أشكال التحايل ومحاولة لتبريد القضية إعلاميا وشعبيا، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، وهو أيضا محاولة لإيجاد مخرج لتهريب الجناة بعيدا عن المحاسبة".

وأضاف: "ما يثير الجدل أكثر هو تركيبة اللجنة ذاتها"، متسائلا: "كيف يمكن الوثوق بلجنة تفتقر إلى الحياد ولا تضم أي ممثل من أبناء الساحل لمراقبة عملها، ولو بالحد الأدنى؟"

الفيديو والشهادات

وأكدت اللجنة أنها زارت المناطق المتضررة واستمعت إلى شهادات من مختلف الجهات الأمنية والعسكرية والمدنية. كما اجتمعت مع اللجنة الدولية للتحقيق التابعة للأمم المتحدة في دمشق.

ومع ذلك، يصر الأهالي على أن "الأمور واضحة وموثقة بالصوت والصورة"، مما يجعلهم يتساءلون عن الحاجة إلى جهود تحقيقية إضافية بدلاً من محاسبة الفاعلين فوراً.

والأحداث الدامية التي وقعت في محافظتي اللاذقية وطرطوس كانت نتيجة هجمات منسقة نفذتها أعداد من فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ضد دوريات وحواجز أمنية، ما أسفر عن مقتل عدد من عناصر الأمن. وعلى إثر ذلك، شهدت المنطقة عمليات انتقامية أسفرت عن مقتل مئات المدنيين، وسرقة ونهب وحرق المنازل.

اتهامات مباشرة

وفي سياق متصل، قال أحد سكان حي القصور في بانياس، حيث وقعت إحدى المجازر، ليورونيوز: "من بارك الغيرة وأعلن الجهاد هو أول من يجب أن يحاسب"، في إشارة إلى التحريض العلني الذي سبق وقوع الانتهاكات.

من جهته، أشار شاهد آخر من مدينة جبلة إلى وجود خطابات تحريضية علنية تعكس نية واضحة في استهداف السكان. وقال ليورونيوز: "هناك شخص يتحدث بلهجة ديرية (من دير الزور) قال: 'كان هناك مدينة اسمها جبلة ومحيناها'، وهذا معروف"، متسائلا: "هل تم القبض عليه؟ هل فتح تحقيق بحقه؟"

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد بلغ عدد المجازر التي تم توثيقها في الساحل السوري منذ السادس من آذار حتى الآن، 62 مجزرة، راح ضحيتها 1676 مدنيا، معظمهم قضوا نتيجة عمليات تصفية، وفق تعبيره.

دعوة لتدخل دولي في التحقيق

ووسط غياب الثقة بالجهود المحلية، يطالب الأهالي بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. وقال أحد سكان ريف بانياس ليورونيوز: "لا نطلب شيئا من لجنة التحقيق الحالية، ولا يوجد أي ثقة بها... نريد لجنة دولية مستقلة تحاسب الفاعلين".

وأشار إلى أن هذه المطالب لا تنبع فقط من التمديد الأخير للتحقيق، بل تعكس شعورا متراكما بالإحباط والخيبة. فالإجراءات المتخذة حتى الآن، بما في ذلك اعتقال بعض المتورطين، لم تكن كافية لتهدئة النفوس أو ترسيخ العدالة. وأضاف: "هذه الأعمال لن تعيد الأرواح ولن تعوض الناس عن أرزاقهم التي سرقت، أو منازلهم التي نهبت وأحرقت".

انتصار للحقيقة والشرع معا

وفي ظل الشكوك المتزايدة حول جدية التحقيق، عبر أحد أهالي اللاذقية عن أمله بأن يشكل هذا التمديد فرصة حقيقية لتحقيق العدالة. وقال ليورونيوز: "أتمنى، ولو لمرة واحدة، أن يكون التحقيق صادقا، وألا تسلك الدولة الجديدة نهج نظام بشار الأسد في المماطلة وتبرير التأخير بالأعذار الواهية".

وأضاف: "إذا نجحت هذه اللجنة، فسيكون ذلك انتصارا للحقيقة، ولأحمد الشرع، وللثورة. نحن نريد إنجازا حقيقيا وبالسرعة الممكنة؛ ثلاثة أشهر مدة طويلة. كان من الممكن على الأقل إصدار تقرير أولي وشفاف عما تم التوصل إليه، لكن حتى الآن لم نر شيئا".

واقع مؤلم

وبينما تواصل لجان التحقيق عملها، يطرح عدد من أهالي الساحل السوري الذين تحدثت إليهم "يورونيوز" تساؤلات حادة حول جدوى تقصي الحقائق في ظل استمرار الانتهاكات اليومية. وقال أحدهم: "ما فائدة التحقيقات إذا كانت الجرائم مستمرة؟ هناك خطف وقتل يومي لشباب وشابات من مختلف الأعمار".

وفي ريف جبلة، شدد أحد الأهالي على أن وقف الانتهاكات يجب أن يسبق أي خطوة تحقيقية، قائلا: "الحل الأول هو إيقاف هذه الانتهاكات وخلق بيئة آمنة. ما يحصل الآن مجرد لعب على الوقت، لا أكثر".

وأثارت قضية المخطوفين كذلك غضبا واسعا في المنطقة، حيث تساءل أحد المواطنين: "من يعيد المخطوفين؟ من يتابع مصيرهم؟" مشيرا إلى أن تقديم شكوى بات مسارا معقدا وغير واضح المعالم. وأضاف: "عند التوجه للأمن العام، يتم تحويلك من جهة إلى أخرى، ولا أحد يعرف من هو المسؤول الحقيقي عن هذه الملفات".

ويزيد من تعقيد المشهد غموض الهيكل التنظيمي للأجهزة الأمنية، حيث أوضح أحد السكان: "كل التسميات أصبحت أمراء وشيوخ، لا توجد تسميات رسمية أو وظيفية واضحة، وهذا بحد ذاته مخيف، خاصة عند تقديم الشكاوى، لأن التعامل غالبا ما يتم على أساس طائفي".

اذهب للمصدر