صورة للاجئة سودانية في مصر، تبكي لحظة عودتها إلى بلادها بعد إعلان الجيش السوداني سيطرته على الخرطوم.

صدر الصورة، EPA-EFE/REX/Shutterstock

15 أبريل/ نيسان 2025، 07:12 GMT

آخر تحديث قبل دقيقة واحدة

بينما تدخل الحرب عامها الثالث، تستضيف لندن، الثلاثاء، مؤتمراً دولياً حول الوضع في السودان، تتشارك في عقده بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وذلك في غياب طرفي الصراع.

ويُتوقع أن يشارك في المؤتمر وزراء من 14 دولة إضافية، من بينها السعودية والولايات المتحدة، وممثلون عن الأمم المتحدة.

واحتجت الحكومة السودانية على عدم دعوتها للمشاركة، إذ أرسل وزير خارجيتها، علي يوسف، رسالة في وقت سابق من شهر أبريل/نيسان الجاري، إلى وزير خارجية المملكة المتحدة ديفيد لامي، احتج فيها على تنظيم بلاده مؤتمراً حول السودان "دون دعوة الحكومة السودانية".

واتهم يوسف المملكة المتحدة بـ "وضع قوات الدعم السريع شبه العسكرية على قدم المساواة مع الدولة السودانية"؛ لكن وزارة الخارجية الألمانية قالت إن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع "غير مستعدين للجلوس إلى طاولة المفاوضات".

من جهته، أكد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن المؤتمر يهدف إلى حشد المجتمع الدولي للاتفاق على "مسار لإنهاء المعاناة" في السودان، بعد عامين من الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل/نيسان عام 2023.

وقال لامي: "يجب ألّا تتفشى حالة عدم الاستقرار التي تدفع إلى الهجرة من السودان والمنطقة الأوسع، فسودان آمن ومستقر هو أمر ضروري لأمننا الوطني".

وكشف لامي عن تقديم لندن 120 مليون جنيه استرليني (158 مليون دولار) كمساعدات جديدة للسودان، متعهداً بـ "ألّا تدع المملكة المتحدة السودان طي النسيان".

وأعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أن بلادها ستقدّم مساعدات للسودان بقيمة 125 مليون يورو، مضيفة أن هذه الأموال ستُخصص لمساعدة منظمات الإغاثة الدولية والمحلية على "توفير الغذاء والدواء الضروريين بشكل طارئ لمن هم بحاجة ماسة إليهما" في السودان والمنطقة.

وأضافت بيربوك أن "الموت حقيقة دائمة في أجزاء كبيرة من السودان"، واصفةً النزاع هناك بأنه "أكبر كارثة إنسانية في عصرنا".

وحذر المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي الثلاثاء من أن الاستمرار في غض الطرف عن الوضع في السودان حيث دخلت الحرب عامها الثالث، ستكون له "عواقب كارثية" للبلد كما للمنطقة.

وكتب غراندي في بيان "علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لإحلال السلام في السودان. ويجب زيادة المساعدات الإنسانية وتعزيز الدعم للتنمية. إن الاستمرار في تجاهل الوضع سيؤدي إلى عواقب كارثية"، محذرا كذلك الأوروبيين من تدفق اللاجئين السودانيين في حال عدم تقديم المساعدة الكافية.

"ما زالت الإبادة الجماعية مستمرة"

صورة تظهر امرأة سودانية نازحة تجلس إلى جانب طفلة عند مدخل خيمة في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور.

صدر الصورة، Reuters

ميدانياً، قُتل أكثر من 400 سوداني في هجمات شنتها مؤخراً قوات الدعم السريع في منطقة دارفور غربي السودان، بحسب ما نقلت الأمم المتحدة عن "مصادر موثوقة".

وقالت الأمم المتحدة إنها تحققت من مقتل 148 شخصاً بين يومي الخميس والسبت الماضيين، محذرةً من أن العدد الفعلي للقتلى أعلى بكثير.

وأضافت الأمم المتحدة أن تسعة على الأقل من عمال الإغاثة الإنسانية كانوا من بين القتلى.

ونقلت وكالة فرانس برس، عن ناشطين، أن 56 مدنياً على الأقل قتلوا خلال يومين في مدينة أم كدادة بإقليم دارفور غربي السودان، في هجمات نُسبت إلى قوات الدعم السريع التي سيطرت مؤخراً على المدينة.

وقالت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر"، في بيان، الأحد، إن قوات الدعم السريع، وبعد سيطرتها على مدينة أم كدادة، "أقدمت على تصفية 56 من سكان المدينة على أساس عرقي".

وشنت قوات الدعم السريع هجوماً برياً وجوياً خلال الأسبوع الماضي، استهدف مخيمات النازحين المحيطة بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر مدينة رئيسية خارج سيطرتها في المنطقة.

وتوفر مخيمات زمزم وأبو شوك، المحيطة بمدينة الفاشر، الإيواء لأكثر من 700 ألف شخص، كثيرون منهم يواجهون ظروفاً أشبه بالمجاعة.

صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية تظهر سحباً من الدخان تتصاعد من مخيم زمزم شمال دارفور.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية تظهر سحباً من الدخان تتصاعد من مخيم زمزم شمال دارفور

وفي يوم الأحد الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مخيم زمزم، واتهمت الجيش السوداني باستخدامه كـ "ثكنة عسكرية"، و"استخدام المدنيين كدروع بشرية".

ونفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن الهجمات ضد المدنيين، قائلة إن "مشاهد القتل في مخيم زمزم كانت مفبركة لتشويه سمعتها".

وفر كذلك نحو 400 ألف شخص من مخيم زمزم، بحسب ما قالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، مضيفة أن ما بين 60 و 80 ألف أسرة نزحت من المخيم بسبب "تزايد انعدام الأمن".

وأفادت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الطبية بأن كثيرين فرّوا لمسافة سبعين كيلومتراً إلى بلدة طويلة، وهم يعانون من جفاف شديد، ويتحدثون عن أعمال عنف مروعة.

وقال الطيب إدريس بركة، وهو مسؤول سوداني في مجلس حكومة ولاية شمال دارفور بمدينة الفاشر، "وقع هجومٌ عنيفٌ على مخيم زمزم للنازحين، جريمةٌ شنيعةٌ بحق، وما زالت الإبادة الجماعية مستمرة".

وأضاف لبي بي سي، "ثلاثة أيامٍ من هجوم قوات الدعم السريع على المخيم، والناس يفرون منه بسبب القصف المدفعي العنيف. قُتل العديد من الأطباء على يد قوات الدعم السريع وعمال الإغاثة الدوليين الذين يعملون في المخيم منذ عام 2008".

ارتفاع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال بنسبة 1000%

صورة تظهر أخذ قياسات لرصد علامات سوء التغذية لطفلة سودانية نازحة، بينما تحملها والدتها داخل أحد المراكز في بورت سودان شرقي البلاد.

صدر الصورة، WFP/Reuters

على صعيد متصل، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الاثنين، أن عدد الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في السودان، ارتفع بنسبة 1000 في المئة بعد عامين من الحرب الأهلية.

وقالت المديرة التنفيذية للوكالة الأممية، كاثرين راسل، في بيان، إن عامين من الحرب والنزوح "حطّما حياة ملايين الأطفال" في سائر أنحاء السودان.

وسلطت اليونيسف في بيانها الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، بما في ذلك تعرضهم للقتل والتشويه والاختطاف والتجنيد القسري والعنف الجنسي، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات "ازدادت بنسبة ألفٍ في المئة خلال عامين".

بدورها، حذرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، من أن المدنيين في السودان "عالقون في كابوس لا ينتهي من الموت والدمار".

كما حذرت بعثة تقصي الحقائق الأممية من أن "الفصول الأكثر قتامة لهذا النزاع لم تتكشف بعد".

وقد أدت الحرب إلى نزوح نحو 13 مليوناً، لجأ أكثر من ثلاثة ملايين منهم إلى دول الجوار، بحسب ما كشفت الأمم المتحدة، الاثنين.

ونقلت وكالة فرانس برس عن المسؤول الإقليمي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، عبد الرؤوف غنون كوندي، أن النساء والأطفال يشكلون نحو 88 في المئة من المهجَّرين في السودان، وأن العديد من النسوة "أكدن تعرضهن للاغتصاب".

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في 15 أبريل/نيسان 2023، على خلفية الصراع على السلطة، وتحوّلت البلاد إلى مناطق نفوذ متقاسمة.

وأدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف وتسببت في أزمة إنسانية تُعَدُّ من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

ويُتهَم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين.

وأصبحت السيطرة في البلاد مقسّمة عملياً بينهما، إذ يسيطر الجيش على الخرطوم ومساحات واسعة في الشرق والشمال، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور غرباً، وأجزاء من الجنوب.