- المستثمرون يستعدون لتقلبات السوق وارتفاع الخام
- الأسواق تتأهب لصعود النفط وزيادة إقبال على أصول الملاذ الآمن
تشهد ميزانية الكويت للسنة المالية الحالية تقليصاً متصاعداً في العجز المقدر بـ6.306 مليار، وذلك منذ نحو 11 يوماً، بسبب الزيادات المتتالية التي يحققها سعر برميل النفط الكويتي منذ اندلاع الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.
وقفز سعر البرميل الكويتي بأكثر من 15.6 في المئة وبنحو 10.47 دولار منذ بداية الأزمة، ليرتفع من 67.17 دولار الخميس 13 يونيو إلى 77.64 دولار للبرميل قبل أمس، فيما ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بما يصل 18 في المئة منذ 10 يونيو الجاري لتبلغ أعلى مستوى لها في 5 أشهر تقريباً عند 79.04 دولار الخميس الماضي، إلا أن المؤشر ستاندرد اند بورز 500 لم يشهد تغيراً يذكر بعد انخفاضه في بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو الماضي.
ولتحقيق ميزانية متوازنة وخالية من العجز (سعر التعادل)، يجب أن يبلغ سعر البرميل 90.5 دولار، وذلك مع حجم إنتاج 2.5 مليون برميل يومياً.
ورقمياً كل دولار زيادة في سعر البرميل يرفع عائدات النفط اليومية نحو 2.42 مليون دولار، باعتبار أن الكويت تنتج يومياً نحو 2.42 مليون برميل.
ووفقاً لآخر سعر معلن لسعر البرميل بزيادة تبلغ نحو 10.47 دولار عن السعر السابق ليوم الضربة الإسرائيلية لإيران فجر الجمعة قبل الماضية يتقلص العجر المقدر في الميزانية يومياً 25.41 مليون دولار.
وقبل الأزمة، شهدت أسعار النفط تراجعات واضحة، إذ وصلت أدناها في 7 مايو الماضي مع بلوغ البرميل 62.08 دولار قياساً بـ 68 دولاراً مسجلة في ميزانية 2025/ 2026.
وقبل الحرب الحالية كان يبدو هذا الرقم بعيد المنال، خصوصاً في ظل التراجعات التي شهدتها أسواق النفط العالمية، منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإعلانه فرض رسوم جمركية على دول العالم، وكانت الترجيحات أن يبلغ متوسط أسعار النفط 65 دولاراً للبرميل لنهاية العام و70 دولاراً خلال الفترة 2026-2028، العام المقبل، وهو نطاق سعري يُعتبر مناسباً للاقتصاد العالمي، لكنه أقل بـ15 دولاراً عن السعر المطلوب لتحقيق ميزانية متعادلة في الكويت. ومع استمرار أسعار النفط المنخفضة ومستويات الإنفاق المرتفعة، كان سيبقي عجز موازنة الكويت مرتفعاً على مدى العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة، وذلك حسب وكالة «S&P Global»، إلا أن الارتفاعات الأخيرة بسبب التصعيد العسكري في المنطقة غيرت المعادلة.
وتبلغ الإيرادات المتوقعة في الميزانية الحالية 18.231 مليار دينار، وقُدرت المصروفات فيها بـ 24.538 مليار، فيما يتوقع ارتفاع الإيرادات غير النفطية 9 في المئة، أما إجمالي نسبة المرتبات والدعوم من إجمالي المصروفات تقارب 79.5 في المئة، إذ بلغت المرتبات وما في حكمها 15 ملياراً، والدعومات 4.4 مليار، والمصروفات الرأسمالية 2.2 مليار.
وسعت الحكومة لتنفيذ إصلاحات مالية عدة، لزيادة الإيرادات غير النفطية، بما في ذلك ضريبة دخل الشركات وضريبة السلع الانتقائية، وترشيد الدعوم، وتحسين المشتريات الحكومية، كما سعت لتحسين التحصيل من خلال الرقمنة، كما أقرت الحكومة قانون التمويل والسيولة الذي سيُنوّع قاعدة تمويل الحكومة، ليسمح لها بإصدار ديون في أسواق رأس المال لأول مرة منذ 2017.
وقال مستثمرون إن الهجوم الأميركي على المواقع النووية الإيرانية قد يؤدي إلى رد فعل فوري في الأسواق العالمية عند إعادة فتحها لترتفع معه أسعار النفط ويندفع المستثمرون إلى أصول الملاذ الآمن بينما يقيمون تداعيات أحدث تصعيد في الصراع على الاقتصاد العالمي (رويترز).
وتوقع المستثمرون أن يحفز التدخل الأميركي عمليات بيع في الأسهم وربما إقبالاً على الدولار وأصول الملاذ الآمن الأخرى عند بدء التداول، لكنهم قالوا أيضا إن مسار الصراع لايزال يكتنفه الكثير من الغموض.
وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بوتوماك ريفر كابيتال مارك سبيندل «أعتقد أن الأسواق ستشعر بالقلق في البداية، وأن النفط سيبدأ التداول على ارتفاع».
ويعتقد سيبندل أن «حالة عدم اليقين ستخيم على الأسواق حيث سيتأثر الأميركيون في كل مكان الآن، وأن الأمر سيزيد الضبابية والتقلبات، لا سيما في قطاع النفط».
ويتمحور القلق الرئيسي للأسواق حول التأثير المحتمل لتطورات الشرق الأوسط على أسعار النفط وبالتالي على التضخم.
من جهته قال كبير مسؤولي الاستثمار لدى كريسيت كابيتال جاك أبلين «يضيف هذا الأمر مستوى جديداً معقداً من المخاطر التي سيتعين علينا أخذها في الاعتبار والانتباه إليها، وسيكون لهذا الأمر بالتأكيد تأثير على أسعار الطاقة وربما على التضخم أيضا».
أما مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس قالت «في أسوأ الحالات، ستقفز أسعار النفط العالمية إلى نحو 130 دولاراً للبرميل لتدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقارب 6 في المئة بحلول نهاية هذا العام».
وأشار كبير محللي السوق في آي.بي.كيه.آر ستيف سوسنيك إلى أن «التوجه نحو الملاذ الآمن يعني انخفاض عوائد السندات وارتفاع الدولار» فيما أكد محللون أن انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية قد يفيد الدولار في البداية بفضل الطلب على الملاذ الآمن.
خبير نفطي: السعودية تمتلك بدائل إستراتيجية لنقل النفط
أكّد الخبير النفطي فهد بن جمعة، أن السعودية تتمتع بمرونة إستراتيجية في التعامل مع أي طارئ قد يؤثر على حركة تصدير النفط. وأوضح بن جمعة لـ«العربية Business»، أن السعودية تمتلك خط أنابيب نفط يمتد من الشرق إلى الغرب بطاقة تتجاوز 5 ملايين برميل يومياً، ما يوفر لها بديلاً آمناً بعيداً عن الممرات الملاحية المعرضة للمخاطر الجيوسياسية. وأضاف أن السعودية تحتفظ كذلك بـمخزونات نفطية في عدد من الدول المستهلكة مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية، وهو ما يعزز من قدرتها على تلبية الطلب دون انقطاع حتى في فترات الأزمات. وأشار بن جمعة إلى أن المخاطر الكبرى لا تكمن في قدرة السعودية على تصدير النفط، بل في مدى تأثير الاضطرابات على الاقتصاد العالمي، مبيناً أن ارتفاع أسعار النفط قد يُحقق عوائد موقتة لبعض الدول المنتجة، لكن في حال استمرار الأسعار المرتفعة، فإن ذلك سيُفضي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي. وأضاف: «عندما ترتفع الأسعار بشكل كبير، فإن هذا يُضعف النشاط الاقتصادي عالمياً، ويُقلل الطلب على النفط على المدى القريب، وبالتالي يؤثر سلباً في العائدات التي كانت ارتفعت موقتاً».
اليابان: لا تأثيرات على واردات الطاقة حتى الآن
قال رئيس الوزراء الياباني، شيجيرو إيشيبا، إنه لم يكن هناك أي تأثيرات على إمدادات الطاقة حتى الآن جراء تصاعد التوترات في الشرق الأوسط عقب قصف الولايات المتحدة للمواقع النووية، الإيرانية. وأضاف إيشيبا، في تصريحات تلفزيونية، أنه يراقب عن كثب تأثير الهجوم على أسعار الطاقة، وأنه أصدر تعليمات للحكومة اليابانية بجمع معلومات حول تداعياته.
«الدولي للغاز»: إغلاق هرمز يشل الحركة عالمياً لأشهر
قال رئيس الاتحاد الدولي للغاز خالد أبوبكر، إن إغلاق مضيق هرمز قد يشل حركة الغاز والمنتجات البترولية ويؤثر على الاقتصاد العالمي لأشهر، مضيفاً أن التوترات الإقليمية تؤثر على إنتاج الغاز وحركته عالمياً لكن آثارها غالباً موقتة. وأضاف أبوبكر، لـ«العربية Business»، أن الاعتماد على الغاز الطبيعي في تزايد مستمر خاصة في أميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا، مؤكداً أن صادرات الغاز من الجزائر وقطر لم تتأثر لأنها بعيدة عن التوترات العسكرية. وأكد أن سعر الغاز المتداول أعلى قليلاً، ليس بكثير، ولكن بحدود 15 إلى 20 في المئة عن السعر المفترض أن يكون عليه. فأسعار التداول تأثرت بالحرب الأوكرانية، والتوترات، وبداية حرب التعريفات بين الولايات المتحدة والعالم، وكل هذا خلق ضغطًا، ونحن في الاتحاد الدولي نرى أن هناك زيادة 15 في المئة عن السعر الطبيعي.
توتر المنطقة يرفع تكلفة شحن النفط 25 %
أكد محللان نفطيان كويتيان أن أسعار شحن النفط الخام سجلت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأيام القليلة الماضية متأثرة بتصاعد التوترات في الشرق الأوسط على خلفية الحرب الإيرانية - الإسرائيلية وما صاحبها من مخاوف في شأن تأثر ممرات الشحن الحيوية لاسيما مضيق هرمز. وقال المحللان لـ«كونا» إن أسعار تأجير ناقلات النفط العملاقة وغيرها من السفن المتوسطة قفزت بنسب تراوحت بين 15 و25 في في المئة مقارنة بفترة ما قبل الأزمة الحالية كما ارتفعت أقساط التأمين على السفن العاملة في المنطقة بشكل كبير تجاوزت في بعض الحالات 30 في المئة. وأرجع المستشار في مجال الطاقة جمال الغربللي ارتفاع أسعار الشحن إلى الحرب الحالية وزيادة المخاطر الجيوسياسية في منطقة الخليج العربي وبصفة خاصة الممر الرئيسي لتصدير النفط المتمثل بمضيق هرمز والذي يمر عبره 20 في المئة من النفط العالمي. وأوضح أن الدول الرئيسة المستوردة للنفط من الخليج العربي مثل الهند والصين ستواجه تباطؤاً في اقتصاداتها وتضخماً نظراً لارتفاع فواتير الطاقة. من جانبه قال الاستشاري في الشؤون النفطية الدكتور عبدالسميع بهبهاني إنه في شهر مايو الماضي انخفضت تكلفة استئجار ناقلات النفط العملاقة من نحو 40 ألف دولار في اليوم إلى 26 ألفاً لليوم وهو تراجع يعكس حالة من الفائض في عدد الناقلات المتاحة في السوق تزامناً مع ضعف الطلب الآسيوي على النفط. ودعا بهبهاني إلى قراءة أكثر واقعية لمؤشرات السوق قائلا إن كلفة النقل على أساس كل برميل تتراوح بين 1 في المئة و3 %من قيمة البرميل في حالة استخدام الناقلات الضخمة وهي نسبة مستقرة ولا تشير إلى صدمات كبيرة في تكلفة الإمدادات. وفيما يتعلق بالتأمين أفاد بأنه ورغم تصاعد المخاطر في بعض مناطق الشحن العالمية تبقى تكلفته ضمن نطاق 0.05 إلى 0.1 دولار للبرميل حتى في حالات تصاعد التوترات الجيوسياسية.