لفت تقرير «كامكو إنفست» إلى ارتفاع ملحوظ بأسعار الغاز الطبيعي العالمية الربع الأول 2025، متوقعاً نمو حجم سوق الغاز الطبيعي الخليجي إلى 45.95 مليار دولار خلال العام.
ووفقاً للتقارير الصادرة عن البنك الدولي، ارتفع متوسط الأسعار الشهرية للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في مارس 2025 بنسبة 175.2 % على أساس سنوي، ليبلغ 4.13 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. ويعزى هذا الارتفاع في المقام الأول إلى زيادة الطلب المحلي، مدفوعاً بتوسع عمليات مراكز البيانات والنشاط القوي الذي شهدته صادرات الغاز الطبيعي المسال.
وأشار التقرير إلى أنه بالتوازي، سجلت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا أيضاً تحسناً هائلاً.
ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن تظل أساسيات إمدادات الغاز الطبيعي ضيقة طوال 2025، الأمر الذي سيسهم في استمرار تعرض الطلب العالمي للضغوط، وذلك رغم التوقعات المتحفظة لنمو الاستهلاك.
النظرة المستقبلية
وفي ما يتعلق بالنظرة المستقبلية، تتوقع وكالة الطاقة الدولية تصاعد إمدادات الغاز الطبيعي العالمية بنسبة معتدلة تبلغ 5 % خلال 2025، أي ما يعادل نحو 27 مليار متر مكعب.
ورغم تحديات العرض، إلا أنه يتوقع أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بوتيرة متواضعة بنسبة 1.5 % في 2025. وتقارن تلك المعدلات بمستوى النمو المرتفع المسجل على مدار السنوات الأخيرة بما يعكس التباطؤ على الصعيد الإقليمي، خصوصاً في آسيا. ومن المتوقع أن ينمو الطلب في آسيا 2 % في 2025، مقابل 5.5 % في 2024، ما يشير إلى تباطؤ ملحوظ في زخم الاستهلاك.
وفي الاتحاد الأوروبي، ارتفع استهلاك الغاز الطبيعي بصورة ملحوظة وصلت إلى 21 % على أساس سنوي في فبراير-2025، ليبلغ 38 مليار متر مكعب، مواصلاً بذلك نموه المتواصل للشهر السادس على التوالي. ويعكس هذا الارتفاع زيادة الطلب في قطاعي الإسكان وتوليد الطاقة، في ظل استمرار الطقس البارد الذي عزز من الاعتماد على الغاز كمصدر رئيسي للتدفئة وتوليد الكهرباء.
نمو ملحوظ
وشهدت أميركا الشمالية نمواً ملحوظاً في استهلاك الغاز الطبيعي، الذي ارتفع 7 % على أساس سنوي ليبلغ 89 مليار متر مكعب. وفي الولايات المتحدة، توزع هذا النمو على قطاعات متعددة، إذ ارتفع توليد الطاقة بالغاز بنسبة 3 %، بينما سجل القطاعان السكني والتجاري زيادات ملموسة بلغت 23 % ونسبة 10 % على التوالي. وفي كندا، ارتفع استهلاك الغاز بنسبة 14 % في فبراير 2025 على أساس سنوي ليصل 15 مليار متر مكعب، بفضل الطلب القوي في القطاعات السكنية (نسبة 27 %)، والتجارية (نسبة 25 %)، إضافة إلى الصناعة وتوليد الطاقة (نسبة 7 %)، ما يعكس نمواً شاملاً في استهلاك الغاز في كل أنحاء البلاد.
ويلاحظ التقرير تراجع إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في 2024، ويتوقع أن يشهد إنتاج الغاز الطبيعي فيها تعافياً ملحوظاً خلال 2025، مدفوعاً بارتفاع الطلب على صادرات الغاز الطبيعي المسال وتحسن الأسعار المحلية خلال النصف الثاني من العام الماضي.
ومن المتوقع أن يكون هذا الانتعاش مرتكزاً على عاملين رئيسيين: زيادة احتياجات إعادة تعبئة المخزونات، وتحسن ظروف التسعير في السوق. وفي فبراير 2025، تجاوز الإنتاج الأميركي المستويات المسجلة في فبراير 2024 هامشياً، مسجلاً 83.5 مليار متر مكعب، في انعكاس مباشر لزيادة الطلب الناجمة عن الطقس البارد، إلى جانب التأثير الإيجابي لارتفاع الأسعار وفقاً لمؤشر هنري هوب، الأمر الذي ساهم في تعزيز الجدوى الاقتصادية للإنتاج.
وسجل إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة خلال شهري يناير وفبراير 2025 ارتفاعاً بمعدل تراكمي بنسبة 1.1 % على أساس سنوي، ليبلغ 171 مليار متر مكعب، متراجعاً بفارق طفيف قدره مليارا متر مكعب فقط عن مستوى الإنتاج المسجل في الفترة المماثلة من 2024.
أما على صعيد الأسعار، فتتوقع الإدارة أن يبلغ متوسط سعر العقود الفورية للغاز الطبيعي في مركز هنري هب 4.3 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال 2025، على أن يرتفع إلى 4.6 دولار في 2026، مدفوعاً بالنمو المتوقع في الطلب على صادرات الغاز الطبيعي المسال.
آفاق النمو
ويرجح تقرير «كامكو إنفست» أن يشهد سوق الغاز الطبيعي في منطقة مجلس التعاون الخليجي نمواً ملحوظاً خلال 2025، مدفوعاً بعدد من العوامل الإستراتيجية والتحولات الاقتصادية الكبرى. ووفقاً لبيانات موقع Business Search Insights، بلغ حجم سوق الغاز الطبيعي في دول الخليج 43.93 مليار دولار في 2024، وسط توقعات بارتفاعه إلى 45.95 مليار دولار 2025. ويعزى النمو إلى محركات رئيسية عدة، أبرزها تسارع جهود التحول نحو مصادر طاقة أكثر نظافة واستدامة، إلى جانب ازدياد حجم الاستثمارات الموجهة إلى مشروعات إنتاج الهيدروجين.
ويشهد الغاز الطبيعي في دول المجلس دوراً متنامياً كركيزة أساسية في دعم إنتاج الهيدروجين، بما يتسق مع الأجندات الوطنية الطموحة لإزالة الكربون وتعزيز التحول نحو مصادر طاقة منخفضة الانبعاثات. وتضاعف الدول التي تمتلك احتياطيات وفيرة من الغاز، مثل السعودية، من جهودها لتوسيع إنتاج الهيدروجين الأزرق. وفي هذا السياق، تستعد المملكة لتحقيق نمو قوي في إنتاج الغاز خلال 2025، إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاعاً بنسبة 4.1 %، مدفوعاً بدخول مشاريع كبرى حيز التنفيذ. ومن أبرز هذه المشاريع المرحلة الأولى من تطوير حقل الجافورة، الذي يتوقع أن يضيف 2 مليار متر مكعب سنوياً إلى الطاقة الإنتاجية الوطنية، إلى جانب مشروع تناجيب، الذي يرتقب أن يساهم بما يصل إلى 27 مليار متر مكعب سنوياً.