بقلم: يورونيوز
نشرت في 27/08/2025 - 11:15 GMT+2 •آخر تحديث 11:33
اعلان
وخلال مقابلة بودكاست مع مقدم البرنامج من أصل أرمني باتريك بيت ديفيد، قال نتنياهو: "أعتقد أننا فعلنا. أعتقد أن الكنيست أقرّ قرارًا بهذا الشأن"، رغم أن البرلمان الإسرائيلي لم يُقرّ أي تشريع من هذا القبيل.
وعندما سُئل نتنياهو عن سبب عدم اعتراف أي رئيس وزراء إسرائيلي بالإبادة الجماعية، أجاب: "لقد اعترفتُ للتو. تفضل".
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد تجنبت إسرائيل لفترة طويلة الاعتراف رسميًا بالمذبحة العثمانية للمسيحيين خلال الحرب العالمية الأولى، على الرغم من أن نتنياهو يشير إلى تغيير في موقفه مع استمرار تدهور العلاقات مع تركيا.
ولم يصدر أي تعليق من تركيا وأرمينيا على تصريحات نتنياهو الأخيرة بشأن هذه القضية حتى تاريخ نشر هذا التقرير.
انتقاد لنتنياهو
انتقد المدير التنفيذي للجنة الوطنية الأرمنية الأمريكية آرام هامباريان تصريح نتنياهو، معتبرًا أن الاعتراف سيكون ذا مصداقية حقيقية إذا ترافق مع إلغاء التحالف العسكري مع أذربيجان وممارسة ضغوط على تركيا لإنهاء سياسة الإنكار. وأضاف هامباريان أن مثل هذا التصريح، في غياب خطوات ملموسة، ليس سوى مناورة تكتيكية تهدف إلى التغطية على انتهاكات إسرائيل نفسها.
إسرائيل والاعتراف بالإبادة ضد الأرمن
ظلت إسرائيل، التي اعتبرت أنقرة على مدى سنوات شريكًا تجاريًا رئيسيًا وأحيانًا أمنيًا، متمسكة بموقفها الرافض للاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، حتى مع وصول العلاقات إلى أدنى مستوياتها خلال الحرب الجارية في غزة.
في عام 2001، حين كانت العلاقات مع تركيا في ذروتها، نفى وزير الخارجية آنذاك شمعون بيريز بشكل قاطع ما وصفه بـ"الادعاءات الأرمنية"، معتبرًا أنها محاولة لمقارنة ما حدث بالهولوكوست.
أما في عام 2000، فقد أعلن وزير التعليم آنذاك يوسي ساريد، من حزب "ميرتس" اليساري، عن خطط لإدراج الإبادة الجماعية للأرمن في مناهج التاريخ الإسرائيلية.
وفي يونيو/حزيران 2011، قدّم عضو الكنيست أرييه إلداد، من حزب "الاتحاد الوطني" اليميني المتطرف، مشروع قانون لإعلان يوم 24 أبريل/نيسان يومًا رسميًا لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن. وقبل ذلك بأسابيع، عقد الكنيست أول جلسة نقاش له حول الاعتراف بالإبادة، وبدت الأغلبية مؤيدة، لكن القضية لم تُطرح للتصويت.
حتى الرئيس الإسرائيلي السابق رؤوفين ريفلين، الذي كان يُعرف بمناصرته للاعتراف، امتنع أثناء رئاسته عن اتخاذ أي خطوة رسمية، بما في ذلك تجديد توقيعه على عريضة سنوية تدعو إلى الاعتراف.
وفي عام 2018، أُلغي تصويت الكنيست بشأن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن بسبب غياب الدعم الكافي من الائتلاف الحاكم.
الاعتراف حول العالم
في 20 أبريل/ نيسان 1965، أصبحت الأوروغواي أول دولة تعترف بالإبادة الجماعية الأرمنية.
حتى الآن، لم تعترف سوى 34 حكومة حول العالم بالإبادة الجماعية للأرمن.
ولا يزال هذا الملف مثيرًا للجدل؛ إذ لم تُقدم الولايات المتحدة على الاعتراف رسميًا إلا بعد تولي الرئيس السابق جو بايدن منصبه عام 2021، الأمر الذي دفع تركيا إلى استدعاء السفير الأميركي في أنقرة للتنديد بالخطوة الأميركية.
وعلى مستوى الدول العربية، لا تعترف بالإبادة سوى سوريا ولبنان، وهما دولتان تضمان مئات الآلاف من المواطنين من أصول أرمنية.
أما في أوروبا، فقد اعترفت معظم دول غرب القارة بالإبادة، باستثناء إسبانيا والمملكة المتحدة، كما اعترفت بها معظم دول أميركا الجنوبية إلى جانب الولايات المتحدة والمكسيك وكندا وروسيا ودول أخرى، في حين ما تزال غالبية دول الاتحاد السوفييتي السابق ترفض الاعتراف بها.
الموقف التركي من الإبادة
رغم عدم إصدار تركيا تعليقات بعد على كلام نتنياهو، إلا أن للسلطات في البلاد موقفاً واضحاً من القضية وترفض تسميتها بالإبادة وتصفها عوضاً عن ذلك بأحداث 1915.
ففي استعراض رسمي نشرته وزارة الخارجية التركية، جاء فيه: "كانت السنوات الأخيرة من حكم الإمبراطورية العثمانية فترة مأساوية لشعبها. عانى الأتراك والأرمن وغيرهم معاناةً بالغة".
وأشارت وزارة الخارجية إلى أنه "يجب فهم هذه الفترة برمتها، ويجب احترام ذكرى كل هذه الأرواح التي أُزهقت على النحو الواجب. يتطلب هذا النهج أساسًا واقعيًا موثوقًا، ونهجًا منفتحًا، وتعاطفًا".
وتابعت: "إن النظرة الأرمنية للتاريخ، مع ذلك، تنتقي معاناة الأرمن، وتُجملها بطرق متعددة، وتُصوّرها على أنها إبادة جماعية - جريمة مُعرّفة في القانون الدولي - ارتكبها الأتراك ضد الأرمن".
وأضافت الوزارة: "أصبح قبول الآخرين لهذه الرواية هدفًا وطنيًا لأرمينيا والجماعات المتطرفة داخل الشتات الأرمني. لا تنكر تركيا معاناة الأرمن، بما في ذلك فقدان العديد من أرواح الأبرياء، خلال الحرب العالمية الأولى. ومع ذلك، فقد مات أو قُتل عدد أكبر من الأتراك في السنوات التي سبقت الحرب وأثناءها. ودون التقليل من العواقب المأساوية على أي جماعة، تعترض تركيا على تصوير هذه المأساة من جانب واحد على أنها إبادة جماعية ارتكبتها جماعة ضد أخرى".
وتابعت: "مع ذلك، لا يوجد دليل قاطع يدعم الادعاء بوجود خطة مدروسة من قبل الحكومة العثمانية لإبادة الأرمن. علاوة على ذلك، لم يكن النسيج الاجتماعي والثقافي العثماني يضمر مواقف عنصرية من شأنها أن تُسهّل ارتكاب مثل هذه الجريمة المروعة".
في غضون ذلك، أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانًا في أبريل/ نيسان الماضي، أكدت فيه دعوتها لدعم التطبيع مع يريفان، ورفضت رفضًا قاطعًا أي توصيفات لأحداث عام 1915 اعتبرتها تُشوّه الحقائق التاريخية والقانون الدولي.
تحسّن في العلاقات
ومنتصف ديسمبر/ كانون الأول 2021، أعلنت تركيا تعيين سردار قليج، سفيرها السابق لدى واشنطن، ممثلا خاصا لها لمباحثات تطبيع العلاقات مع أرمينيا.
وكانت أرمينيا قد عينت روبن روبينيان ممثلا خاصا لها في إطار عملية الحوار بين البلدين، وعقد الطرفان حتى اليوم عدة جولات من مباحثات التطبيع.
ومنتصف مارس/ آذار الماضي، قال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في مؤتمر صحفي بالعاصمة يريفان إن مسألة تطبيع العلاقات بين بلاده وتركيا أصبحت مسألة وقت.