#منوعات
ياسمين العطار اليوم 16:30
العيد يبعث البهجة والسعادة في نفوس الجميع، ويحمل فرحًا مضاعفًا للأطفال، الذين ينتظرون قدومه بعيون لامعة، وقلوب متلهفة، ويتزينون بأجمل ثيابهم، ويعيشون أوقاتاً من المرح في كنف عائلاتهم، حيث يتجسد التراحم، والتواصل، والتكافل. وبين طقوس عيد الأضحى وذكرياته، يتسع المدى لغرس مفاهيم «السنع» الإماراتي في نفوس الأجيال الجديدة، كمرجعية تربوية وأخلاقية، تُعلّم الأطفال كيف يعيشون الفرح بوعي، وكيف يتحول العيد إلى مساحة للتراحم، وصلة الأرحام، واحترام العادات والتقاليد، والبُعد الحقيقي للاحتفال.
قيم.. وثقافة
تحل الوالدة عزة مسلم، حامية التراث في مركز الصناعات التراثية والحرفية التابع للاتحاد النسائي العام، ضيفة على «زهرة الخليج»، فتأخذنا في رحلة نابضة بعبق الذكريات، وتسرد لنا كيف كان العيد مناسبة جامعة، ومعلماً تربوياً يعلّم الأطفال دروساً خالدة في القيم والسلوك.
بهجة العيد
تبدأ عزة مسلم حديثها بالتأكيد على أن العيد مناسبة ينتظرها الصغار والكبار بشغف، لما تحمله من بهجة مضاعفة. تقول: «نعيش العيد بروح متجددة كل عام، فيملأ قلوب الأطفال فرحاً بملابسهم الجديدة، وعيدياتهم التي يوزعها الأهل، وأصوات التكبيرات التي تملأ الأرجاء». وتوضح أن هذه اللحظات تُشكّل ذاكرة وجدانية تسكن في أعماق الفرد طوال حياته، وتبقى حاضرة مع كل موسم جديد.
«السنع الإماراتي»
ترى الوالدة عزة مسلم أن مفاهيم «السنع الإماراتي» ليست مجرد بروتوكولات اجتماعية، بل هي أساس متين يُغرس في الطفولة المبكرة. وتشير إلى أن العيد فرصة مثالية لتعزيز هذه المفاهيم، مثل: احترام الكبار، وإكرام الضيف، وتبادل التهاني بكلمات لائقة. وتقول: «منذ الصغر نعلم أبناءنا كيف يعايدون كبار السن ويحيّون الأقارب، ويرحبون بالضيوف ويشاركون في مائدة العيد، ويُظهرون البهجة بروح المسؤولية. فهذه ليست طقوساً شكلية، بل دروس في الأدب والتواضع والانتماء».
-
عزة مسلم: «السنع الإماراتي» يحفظ تراثنا ويصون هويتنا
ذكريات ثرية
تستعيد الوالدة، حامية التراث، بعضاً من ذكريات العيد، حينما كان الجميع ينتظرون عودة الحجاج محمّلين بالهدايا الرمزية، فتقول: «للعيد ذكريات محفورة في وجداننا، فقد كنا نستقبله بالملابس الجديدة، وتكبيراته التي تملأ الأرجاء، ونتوق إلى وصول الحجاج محملين بالهدايا البسيطة، التي كانت ذات قيمة كبيرة في أنفسنا. واليوم، من واجبنا أن نُشرك أطفالنا في تفاصيل العيد، حتى يشعروا بروحه، ويدركوا معانيه الحقيقية، وأنه ليس فقط لبس كل ما هو جديد، بل هو تجديد للنفس، وتقوية الأواصر بين أبناء المجتمع كافة، وبين أبناء الأسرة الواحدة. وعلينا وسط أحداث العالم المتسارعة، واختلاط الثقافات الأخرى مع ثقافتنا، أن نعزز جهودنا بزرع قيمه لدى الجيل الجديد».
طقوس
وحول أهمية إشراك الأطفال في طقوس العيد، تقول الوالدة عزة مسلم: «عندما يحفظ الطفل عبارات التهاني ويرددها، ويتعلم الفرق بين عيد الفطر وعيد الأضحى؛ تتشكل لديه هوية واعية، ويصبح أكثر فهماً لمعاني التعدد الثقافي، وتمسكاً بجذوره. كما أنه من الجميل، كذلك، تعويد الأطفال على الأهازيج الخاصة بالعيد وترديدها، التي منها التراثي، ومنها الجديد المتطور. وكلها روابط تبقى في ذاكرتهم، وتدوم معهم».
القدوة الأولى
تلفت الوالدة، عزة مسلم، حامية التراث، إلى أن القدوة في هذه القيم تبدأ من داخل الأسرة، حيث يرى الطفل والديه يمارسان طقوس العيد بإخلاص، ويشاركان في زيارات الأقارب، ويحافظان على مظاهر البهجة الجماعية. وتضيف: «حين يرى الطفل هذا الالتزام، يتعلم دون توجيه مباشر، فالمشاركة الفعلية هي أفضل وسيلة لغرس القيم». وذكّرت بوجوب توجيه الأطفال، خلال هذا اليوم، وغرس طقوس العيد وشعائره في نفوسهم، ومنها: الاغتسال صباحاً، واصطحابهم إلى صلاة العيد، وإسعادهم بـ«العيدية»، وتَجَمُّع الأسرة على مائدة عامرة بالفرح، والتأكيد على صلة الأرحام، والتواصل مع الأهل والأصدقاء، وفن استقبال الضيوف، وتبادل التهاني.
جوهر الحياة
وتتابع الوالدة عزة مسلم حديثها بالقول: «نعيش أجواء عيد الأضحى المبارك، الذي نطلق عليه (العيد العود)، أي العيد الكبير، أو عيد الحج، ولأنه يتزامن مع شعيرة عظيمة هي الحج، فإنه يحمل بُعداً روحياً خاصاً. وتشدد على ضرورة استمرارية «سنع العيد»؛ لجعل الأبناء على دراية بأهمية التمسك به، والسير على نهجه، فتقول: «في ظل التغيرات الثقافية المتسارعة، يعد التمسك بـ(سنع العيد) مسؤولية جماعية، تبدأ من البيت، وتمتد إلى المدرسة، والمجتمع».
وتختم بقولها: «ما زلنا نذكر بهجة طفولتنا في مواسم العيد، ونقرأ تلك الذكريات اليوم على وجوه أحفادنا، مدركين أن نقل القيم لا يكون إلا بالمشاركة، والقدوة، والتجذر في التفاصيل».