شيخة الزعابي: التتويج صنع مساري الرياضي

15 hours ago 3

#رياضة

ياسمين العطار اليوم 12:30

من بساط المواجهة إلى منصات التتويج، ومن لحظات التردد الأولى إلى وقفة الواثقين، تشق شيخة الزعابي، لاعبة منتخب الإمارات للمبارزة، طريقها بثبات نحو التميز، في رياضة تجمع بين القوة الذهنية واللياقة البدنية، وسط أجواء تنافسية تتطلب مهارات بدنية عالية وتركيزاً ذهنياً لا يقل أهمية. في حوارها مع «زهرة الخليج» تتحدث شيخة بشغف عن مشوارها الرياضي، نظرتها للفن القتالي، وتحديات التوازن بين الحياة والمنافسة، كما تكشف أسرار نجاحها، وطموحاتها للمستقبل. تالياً نص الحوار:

كيف ترين «المبارزة» كفن بحد ذاته؟ وما الذي يجذبك فيها؟

المبارزة ليست مجرد مواجهة بدنية، بل تجربة نفسية وفكرية بامتياز. على البساط، تشعر وكأنك داخل لوحة فنية متحركة، حيث كل تفصيلة تعني شيئاً. ما يجذبني في هذه الرياضة أنها تكشف حقيقة الإنسان في مواقف الضغط: كيف يتصرف؟ هل يندفع؟ هل يصبر؟ هل يخطط؟. هذه الرياضة تنمي العقل بقدر ما تصقل الجسد. تعلمك التوازن، سرعة البديهة، والقدرة على قراءة الخصم من دون كلمات. بالنسبة لي، كل مباراة فرصة لاكتشاف نسخة أقوى من نفسي.

  •  التتويج صنع مساري الرياضي شيخة الزعابي: التتويج صنع مساري الرياضي

الإيبيه الأقرب إليّ 

ما الفرق بين أنواع «المبارزة»؟ ولماذا اخترتِ الإيبيه دون غيره؟

لكل سلاح في المبارزة تفرده. «الفلوريه» يعتمد على السرعة والتقنية الدقيقة، و«السابر» يركز على الهجوم والاندفاع، أما «الإيبيه» الذي أمارسه فهو الأكثر شمولاً وتعقيداً. فيه، يمكن إصابة أي نقطة في الجسم، لهذا أكون دائماً في حالة يقظة كاملة. لا مجال لارتكاب خطأ بسيط، فالثمن قد يكون خسارة مباراة. سلاح الإيبيه هو أقرب إلى شخصيتي، وقد اخترته لأنه يجمع بين التفكير الاستراتيجي والتحكم الدقيق. يحملك مسؤولية كل خطوة، ويمنحك في المقابل حرية واسعة في اللعب. أحب هذا النوع لأنه يعلمني كيف أوازن بين الهجوم والدفاع في آنٍ واحد. وهو أقرب إلى الشطرنج بالسيوف.

هل هناك لحظة غيّرت مسار رحلتك الرياضية؟

نعم، وبوضوح. كانت لحظة تتويجي بأول ميدالية ذهبية دولية، في بطولة الأندية العربية للمبارزة 2021 (ذهبية في الفردي وذهبية في الفرقي). كنت حينها في السابعة عشرة من عمري، وكنت أبكي وأنا ألعب من شدة تأثري بأنني وصلت إلى شيء حلمت به طويلاً. تلك اللحظة لم تكن مجرد لحظة انتصار، بل لحظة إدراك أن المبارزة مساري الحقيقي. كما جعلتني أؤمن أن كل ما أتمناه ممكن طالما أملك الإيمان بنفسي.

كيف تتعاملين مع الضغوط النفسية؟

 في بداياتي، كان أي تعليق سلبي كفيل بأن يربكني. ولكن مع الوقت، وبفضل الدعم الكبير من مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة ومركز الإعداد الذهني الرياضي، تعلمت كيف أفرق بين النقد البناء والكلام المشتت، وأصبحت أستخدم التوتر كأداة لتعزيز تركيزي. اليوم، قبيل كل بطولة، أحيط نفسي بكل ما يشعرني بالأمان والطمأنينة: عائلتي، طقوسي الصغيرة.

من الشخص الأكثر تأثيراً في مسيرتك؟

بالطبع، عائلتي. أمي وأبي وأشقائي كانوا دائماً حاضرين في كل لحظة حاسمة. دعمهم كان السند الأكبر، ورضاهم كان دافعي الأول. أما على المستوى الفني، فالكابتن نجوى عبد المعطي، والكابتن أحمد موسى، والكابتن حنان محمود قاسم، كانوا بمثابة بوصلتي في هذا المشوار. بفضلهم وضعت على المسار الصحيح، واستمريت رغم كل التحديات.

  •  التتويج صنع مساري الرياضي شيخة الزعابي: التتويج صنع مساري الرياضي

قوة.. وذكاء

كيف تصفين أسلوبك في المبارزة، وكيف تجهزين نفسك ذهنياً وبدنياً؟

 أسلوبي يجمع بين القوة والذكاء. أعتمد كثيراً على الدفاع الذكي، والهجوم المضاد، وأميل إلى التحكم بمجرى اللعب بدل أن أسايره. أحب أن أكون من ترسم الإيقاع، لا من تتبعه. ألعب وكأن كل نقطة هي مباراة كاملة. قبل المنافسات، أضع الخطة مع المدرب بعد تحليل كل تفاصيل المنافس. لا أخوض مغامرات غير محسوبة، ولا أترك الأمور للصدفة. أبدأ بتغذية مدروسة، نوم كافٍ، وتدريبات مركزة. لكن الأهم من كل ذلك، أنني أفصل نفسي تماماً عن الضغط قبل البطولة. أمارس حياتي بشكل طبيعي، إلى أن تحين لحظة دخول الملعب.

كيف تطورين تحكمك في السلاح؟ وما نصيحتك للمبتدئين؟

التحكم يبدأ من اليد، ويكتمل في الذهن. كررت التمارين مئات المرات، واحتككت بلاعبين من مختلف المستويات. نصيحتي للمبتدئين: لا تستهينوا بالأساسيات؛ المبارزة ليست استعراضاً بل إتقاناً. استثمروا في نقاط قوتكم، واشتغلوا على نقاط ضعفكم بصبر. النجاح في المبارزة يحتاج إلى مثابرة طويلة المدى. تذكروا أن القرار الأخير لكم. التعلم لا ينتهي، والمبارزة تكافئ الصبورين.

ما طموحاتك المستقبلية؟

لا حدود لطموحاتي. أرغب في تمثيل بلدي في الألعاب الأولمبية، وأن أكون قدوة لكل فتاة تعتقد أن المبارزة ليست لها، وأن أثبت أن المرأة الإماراتية قادرة على تحقيق الإنجازات في أي مجال، وأن النجاح لا يحتاج إلا إلى إيمان، التزام، وشغف لا يهدأ.

اذهب للمصدر