رئيسة التحرير نسرين فاخر تكتب: العائلة.. بيت لا يغادرنا

7 hours ago 5

#مقالات رأي

نسرين فاخر اليوم

«حيث توجد العائلة، يوجد الحب».. مقولةٌ تستوقفني دائماً، ليس فقط لجمالها، بل لما تحمله من حقيقة خفية، هي أن العائلة تمنحنا الجذور، التي تُثبّت خطواتنا في هذه الحياة، ولأن الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة؛ كانت العائلة - بصورتها الإنسانية - هي الأسمى. ليست العائلة مجرد رابطة دم، بل هي المؤسسة الأعمق، والأكثر صدقًا، والأطول عمراً؛ فهي حضن الوجود، ومساحة الأمان، والجدار الذي نتكئ عليه؛ لننهض من جديد.

العائلة ليست فقط مكانًا نولد فيه، بل هي أول مدرسة، وأول قصيدة حب نتلقاها؛ ففيها يُزرع الإبداع، وتُبنى الفضائل، وتنمو المشاعر التي تشكلنا أفراداً ومجتمعات، وهي الرابط الأول بين الفرد والإنسانية، وبين الجذور والطموحات.

في كل بيتٍ حكايةٌ، وفي كل أسرة ذاكرةٌ، وربما لهذا يردد البعض ذلك البيت الشهير: «بلادي وإن جارتْ عليَّ عزيزةٌ.. وأهلي وإن ضنّوا عليَّ كرامُ». فما بالكم ونحن ننتمي إلى أسرٍ ووطنٍ بُنيتْ على قيمتَي: المحبة والسلام، وأسّست لحياة ومستقبل البشر والحجر. الجميل في رحلة الحياة أن شكل الحب يتغير، لكن جوهره لا يتبدل. صغارًا، كنا نركض نحو أحضان أهلنا حين نشعر بالخوف، واليوم نركض نحو صوتهم حين نحس بالتعب.

حين نكبر، نُدرك أن العائلة أكبر من جدران البيت؛ فهي الجذر الذي نعود إليه مهما ابتعدنا، وهي المرآة التي نرى فيها أنفسنا الحقيقية. وكلما كان هذا الجذر متينًا، أنتج أفرادًا أقوياء، ومتزنين، ويعرفون الحب، ويحترمون الآخرين؛ فقوة الأسرة ليست في عدد أفرادها، بل في ما تمنحنا من دفء، وطمأنينة، وذاكرة لا تموت.

إن العائلة السليمة لا تصنع فقط إنسانًا ناجحًا، بل تُنبت مجتمعًا متماسكًا، أكثر إنسانيةً ورحمةً. إنها البذرة التي ينمو منها الخير، جيلًا بعد جيل!

ولأن العائلة ليست، دومًا، من نرتبط بهم بالدم، فإن الله يرزقنا قلوباً نختارها، تصير لنا عائلة بالقرب، والسند، والمحبّة؛ فهناك أصدقاء، ومعلمون، ورفاق درب؛ أصبحوا أيضًا عائلة.. ولكن بقلوبنا!

اذهب للمصدر