جدل واسع في كرواتيا بعد حفل موسيقي ضخم شهد "تحية نازية" (شاهد)

15 hours ago 4

أثار حفل موسيقي ضخم في العاصمة الكرواتية زغرب، السبت الماضي، جدلاً سياسياً وإعلامياً واسعاً، بعد أن أدى مغني الروك اليميني المتطرف ماركو بيركوفيتش، المعروف بلقبه "تومسون"، أغنية شهيرة تبدأ بتحية استخدمها نظام "أوستاشا" المتعاون مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وسط ترديد آلاف الحضور للشعارات نفسها ورفعهم لتحايا يُنظر إليها باعتبارها امتداداً لرموز الفاشية.

بحسب المنظمين، حضر الحفل أكثر من 450 ألف شخص، ما يجعله واحداً من أضخم الفعاليات الموسيقية مدفوعة الأجر في تاريخ أوروبا، وأُقيم في ميدان سباق الخيل بالعاصمة زغرب وسط إجراءات أمنية مشددة، شملت نشر نحو 6500 عنصر أمني وإغلاق معظم شوارع وسط المدينة.

ووثّقت مقاطع فيديو بثتها وسائل إعلام محلية المئات من الحاضرين وهم يؤدون التحية النازية بشكل جماعي، في مشهد أعاد للأذهان مشاهد قاتمة من تاريخ كرواتيا في أربعينيات القرن الماضي، حين حكمها نظام "أوستاشا" القومي المتطرف، الذي تعاون مع ألمانيا النازية وأدار معسكرات اعتقال أبادت عشرات الآلاف من الصرب واليهود والغجر.

500.000 people chanting a WWII-era Nazi greeting in #Croatia 🇭🇷 at a concert of a man who sang songs glorifying fascist-run concentration camps & the genocide against #Serbs. This is accepted in the #EU. 🇪🇺 pic.twitter.com/9l8oBEKIM3

— Boris Malagurski (@malagurski) July 6, 2025

تحية نازية مغلفة بـ"الهوية الوطنية"
الأغنية التي افتتح بها بيركوفيتش الحفل تحمل عنوان "استعدوا من أجل الوطن"، وهي العبارة ذاتها التي استخدمها نظام "أوستاشا" كشعار رسمي. 

وعلى الرغم من أن القانون الكرواتي يجرّم استخدام هذه التحية، إلا أن المحاكم قضت سابقاً بأن بيركوفيتش يمكنه استخدامها في إطار فني، بوصفها جزءاً من محتوى أغانيه.

وأكد المغني، الذي خدم في صفوف القوات الكرواتية خلال الحرب الأهلية بين عامي 1991 و1995، أن أغنيته "شاهد على عصر" تعبر عن معاناة الشعب الكرواتي إبان الانفصال عن يوغوسلافيا، نافياً أن تكون لها دلالات نازية، رغم أن اسمه الفني "تومسون" مأخوذ من اسم بندقية أمريكية اشتهرت باستخدامها في الحرب العالمية الثانية.

اظهار أخبار متعلقة


انتقادات محلية ودولية
وعلى الرغم من محاولات بيركوفيتش الدفاع عن أغانيه، إلا أن صحيفة "فيسيرني ليست" الكرواتية وصفت الحفل بأنه "واحد من أكثر الفعاليات تنظيماً في تاريخ البلاد"، إلا أنها انتقدت بشدة "تغاضي السلطات عن التحية التي ارتبطت بنظام ارتكب إعدامات جماعية".

من جانبها، قالت قناة N1 الإقليمية إن جذور التحية التي استخدمها الجمهور "تعود بلا شك إلى الحقبة النازية"، مشيرة إلى أن ألمانيا اختارت أن "تنفصل تماماً" عن هذه الرموز والممارسات، "فيما لا تزال كرواتيا بعيدة جداً عن ذلك، حتى في عام 2025".

صربيا تندد وتهاجم الاتحاد الأوروبي
في صربيا المجاورة، أثار الحفل موجة غضب عارمة، حيث وصف الرئيس ألكسندر فوتشيتش الحفل بأنه "عرض صريح لدعم القيم النازية"، فيما اعتبر الرئيس الصربي السابق بوريس تاديتش أن ما حدث يمثل "عاراً ليس فقط على كرواتيا، بل على الاتحاد الأوروبي برمّته"، قائلاً إن الحفل "يمجّد قتل أفراد أمة بأكملها، وهي في هذه الحالة الشعب الصربي".

وأشار مراقبون إلى أن هذه التطورات قد تزيد من الاحتقان القومي في منطقة البلقان، وتفتح ملفات تاريخية حساسة لم تغلق بعد، خاصة مع تصاعد الخطاب اليميني في كرواتيا خلال السنوات الأخيرة، والذي يجد في تومسون وأغانيه خطاباً عاطفياً يتغذى على الذاكرة القومية ويعيد تمجيد رموز ماضية لطالما كانت مثار انقسام داخلي وإدانة خارجية.

جدير بالذكر أن بيركوفيتش مُنع من إقامة حفلات في عدة مدن أوروبية، بينها أمستردام وبرلين، بسبب ما اعتبرته سلطات هذه الدول "تمجيداً للنازية"، وأدى ذلك إلى توتر دبلوماسي في أوقات سابقة بين كرواتيا ودول الاتحاد الأوروبي.

اذهب للمصدر