«المركزي» للبنوك: هل خزائنكم مستعدّة لـ... «الدّين العام»؟

1 day ago 4

- 3 مليارات دينار الحيّز المريح لفتح باب إقراض الحكومة بالدينار وضمان نمو الضخ للقطاعات الأخرى
- المقدرة والمساحة المفضّلة وخطط تمويل المشاريع الأخرى برسم كل بنك
- 12.7 مليار سندات وتورقاً وحسابات جارية لا يعني أنها متاحة للإقراض
- توزيع الفوائض يعتمد على الكفاءة الرأسمالية وحاجة الخطوط التمويلية الأخرى
- بنوك الكويت تتمتّع بمستويات جيدة من السيولة والربحية ورأس المال والودائع
- فتح فجوات سيولة موقتة أمر دارج في جميع الأسواق التي مرّت بفطرة الائتمان
- الديون السيادية ستكون موجهة للسوقين المحلي والدولي ولن تصدر طلقة واحدة
- قياس درجة تحمّل البنوك للرافعة التمويلية المرتقبة بآجال وقيم غير تقليدية

فيما يشبه اختبارات الضغط التي تجريها البنوك للاطمئنان إلى سلامة مؤشرات ملاءتها المالية، وأقصى درجاتها للتحمل ائتمانياً، بحث بنك الكويت المركزي مع مسؤولي المصارف مدى قوة مخزونهم من السيولة الفعلية المتاحة لتغطية الديون السيادية المرتقب طرحها محلياً ضمن قانون التمويل والسيولة الذي أقرّ أخيراً دون مواجهة فجوة أموال.

ولعل المتغير الرئيس في القياس الذي يجريه «المركزي» حالياً لاختبار قوة البنوك ائتمانياً، عن اختبارات الضغط الدورية، أن هذه المرة مبنية على سيناريوات حقيقية وليست افتراضية، تشي باقتراب عودة الكويت لطرق باب الديون السيادية، بعد توقف مستمر منذ 2017، حيث أشارت المصادر إلى أن الناظم الرقابي استفسر في جولة فكر مع المصارف عن قدرات كل بنك للمساهمة في تمويل «الدين العام» بالدينار، ورغبته بالمساحة المفضلة أو بمعنى أدق حصته المناسبة في «الدين العام» المحلي حجماً وطريقة، ومدى تأثير تدفقاته بهذا الاتجاه على خططه لتمويل قطاعات الأعمال الأخرى، وقدرة كل بنك لمعالجة أي فجوات قد تطرأ مستقبلاً، لا سيما في ظل التوترات التجارية العالمية المتصاعدة التي يمكن أن تؤثر سلباً على ظروف الائتمان العالمية.

بحث رقابي

وما يزيد هذا النقاش أهمية، حجم الدين المسموح به، وفقاً لـ«التمويل والسيولة» والمقرر بـ30 مليار دينار، أو ما يعادله من العملات الأجنبية الرئيسية القابلة للتحويل، بآجال استحقاق على مدى 50 سنة، ما يعني أن اختبار القوة المستهدف هنا مزدوج الرأس، بين القيمة والعمر، فمن ناحية يستشرف مقدرة البنوك الائتمانية الحقيقية لتمويل القفزة التمويلية المرتقبة دون التعرض لفجوة سيولة، تؤثر على القطاعات الاقتصادية الأخرى، ومن جهة أخرى، يقيس قوة تحمل المصارف المحلية على الاستمرار في تغذية الرافعة التمويلية الكويتية التي ستطلق لآجال طويلة وغير تقليدية في جر مشاريع ضخمة.

حجم الفوائض

ورقمياً، لا توجد قيمة معلنة لحجم السيولة المحلية المتاحة للإقراض، إلا أن القراءة الأولية تظهر أن هناك نحو 5.2 مليار دينار سيولة مصرفية مودعة في حساباتها الجارية لدى «المركزي»، إلى جانب 7.5 مليار سندات وتورق خلال 2024، وبذلك يقارب الإجمالي 12.7 مليار دينار، لكن هذه الأموال لا تشكل مساحة متاحة للإقراض بالكامل كما يعتقد البعض، على أساس أن بعضها مرتبط باستيفاء سلم الاستحقاقات الرقابية المنظمة لحركة سيولة البنوك، ومطلوب استمرار حجزها، فيما قد تكون ملامسة فقط للحدود الرقابية عند البعض ويستوجب بقاؤها بالكامل.

وفي هذا الخصوص، توقع مسؤولون مصرفيون لـ«الراي»، أن حيّز التمويل المناسب، الذي قد تشارك به البنوك الكويتية لفتح باب إصدارات الدين الحكومي بالدينار دون تأثير على كفاءة خطوطها لتمويل بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، يتراوح بين 2.5 إلى 3 مليارات دينار، موضحة أن تحديد الفوائض المتاحة للإقراض مرتبط بمؤشرات عدة، على رأسها الكفاءة الرأسمالية، ومدى الحاجة المتنوعة للتمويلات.

واستناداً إلى أن النظرة المتفائلة، بخصوص تدفق المشاريع التنموية في السوق المحلي بعد «الدين العام»، من قبيل «التمويل العقاري» والنشاط الزائد المرجح في مختلف قطاعات الأعمال، يجعل هذه المبالغ مناسبة لمساهمة البنوك الكويتية في «الدين العام» كبداية، خصوصاً أن سقف الـ30 مليار دينار، المسموح للحكومة اقتراضه، لن يكون طلقة واحدة حسب التصريحات الرسمية، بل على دفعات تحددها حاجة الدولة، ما يكسب البنوك المحلية قدرة إضافية لإعادة تموضعها ائتمانياً، دون إرهاق أو فجوات سيولة دائمة.

خطوط التمويل

وعموماً، أكد مسؤولو البنوك لـ«المركزي»، أن البنوك الكويتية تحتفظ باحتياطيات عالية ومصدات رأسمالية قوية قابلة للنمو، وأنها تمتع بمقدرة عالية لتغطية حصتها من الدين السيادي المرتقب محلياً، مع المحافظة على جميع خطوطها التمويلية مفتوحة نحو القطاعات الاقتصادية المحلية الأخرى، مع مراعاة تنامي النمو المرجح لها، لكنهم لا يخفون في المقابل أن الطفرة المرتقبة لاستخدام السيولة المصرفية، غير مجربة بالقوة المرتقبة نفسها منذ الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في 2008، ما يعزز أن نطاق المليارات الـ3 للمساهمة المحلية لـ «الدين العام» تواكب المسؤولية الرقابية والمصرفية في توزيع فوائض السيولة، على مختلف القطاعات بكفاءة عالية.

ولفت المصرفيون، إلى أن البنوك الكويتية، قادرة على التعامل مع التداعيات المحتملة من «الدين العام» وغيرها من المشاريع التنموية المرتقبة، بفضل امتلاكها مستويات جيدة من السيولة والربحية ورأس المال والودائع، موضحين أن التعرض لفجوات سيولة موقتة أمر متوقع وطبيعي في جميع الأسواق التي مرت بطفرة ائتمانية بآجال طويلة الاجل، وأن المؤشرات الحالية تظهر قدرة أكبر على ردم أي فجوة قد تطرأ موقتاً، بمصادر مختلفة.

اعتبار قوة

وبينوا أنه في ظلّ الانخراط المتوقع في تمويل الطلب الائتماني القوي والمتأتي من الديون السيادية والتمويل العقاري وغيرها من المشروعات التنموية كما هو مخطط، ستزيد وتيرة إقبالها على طرح أدوات مالية مساندة، من قبيل إصدار سندات وصكوك ضمن الشريحة الأولى لرأس المال، وطلب قروض خارجية مجمعة مع جذب مزيد من الودائع، وتحويل أرصدة بالعملية الأجنبية إلى الدينار، ومن ضمنها مشاركة مستثمرين لديهم سيولة بالعملة الأجنبية أو المحلية، ولديهم رغبة بالاستثمار بسندات الدين العام، فضلاً عن إمكانية تدخل «المركزي» بضخ سيولة في القطاع، من خلال اتفاقيات إعادة شراء سندات والصكوك بنظام «الريبو».

وذكر المصرفيون أن هناك اعتباراً إضافياً يقلل مخاطر الانكشاف على شح السيولة الجاهزة ائتمانياً، ويتعلق بأن الديون السيادية المرتقب طرحها تستهدف السوقين المحلي والدولي، وعلى فترات مختلفة، وباعتبار أن الديون السيادية للكويت متدنية المخاطر، وتقدر تكلفتها على رؤوس أموال البنوك بصفر، ما يجعلها مبوبة في خانة المخاطر شبه المعدومة، ما يشكل اعتبار قوة إضافية، يغذي سيولة البنوك المحلية المتاحة للإقراض.

«شباك الخصم» وآلية احتساب الكفاءة الرأسمالية نوافذ تحدد ملاءة القروض طويلة الأجل

قال المصرفيون إن البنوك تبحث بعض المحركات الرئيسية لتعزيز ملاءة سيولتها في مقابلة القروض طويلة الأجل، أبرزها آلية احتساب الكفاية الرأسمالية، والتي تحدّد نسبة استهلاك الديون من معدل كفاية رأس المال، حسب معايير «بازل 3»، ويقصد هنا الديون الأخرى المرتقبة من التمويل العقاري بعد إقراره، وديون القطاعات الحكومية.

واقترحوا، تفعيل بعض الأدوات لزيادة قدرة البنوك الكويتية على تمويل حصتها من الدين العام المحلي بكفاءة عالية، من قبيل «شباك الخصم» والذي يسمح بإعادة تدوير الديون طويلة الأجل مع الدائنين أثناء سريان القرض.

وأشارت المصادر إلى وجود تفاهم رقابي مصرفي على تفعيل جميع المحركات الممكنة لزيادة كفاءة البنوك المحلية في تغطية حصتها من الدين العام المرتقب والذي يعدّ محفزاً للبنوك المحلية والدولية بحكم قوة الكويت وتدني نسبة ديونها.

يذكر أنه وفقاً لصندوق النقد الدولي، تبلغ نسبة الديون في الكويت إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 7 في المئة، وهي واحدة من أدنى المستويات في العالم، فيما يتوقع الصندوق ارتفاع النسبة إلى 25 في المئة بحلول 2029.

أدوات مساندة للدعم

1 - قروض خارجية مجمّعة

2 - جذب مزيد من الودائع

3 - تحويل أرصدة بالعملات الخارجية للدينار

4 - مستثمرون يستثمرون بسندات الدّين العام

5 - سندات وصكوك ضمن الشريحة الأولى لرأس المال

6 - تدخل «المركزي» بضخ سيولة مصرفية عبر «الريبو»

اذهب للمصدر