المباني الخضراء في الكويت... هل تتحول إلى «ترند» قريباً؟

1 day ago 5

- أحمد الدويهيس: التوقيت مناسب حالياً للتحول في الكويت إلى المباني الخضراء
- هنادي السلمان: الحكومة قادرة على تغيير ثقافة المواطن إلى الاستدامة وحماية البيئة

مع تسجيل درجات الحرارة مستوى مرتفعاً جداً، ووسط القطع المبرمج للتيار الكهربائي الذي تنفذه وزارة الكهرباء والماء بين الفينة والأخرى بغرض تخفيف الأحمال، يفكر الجميع في إيجاد حلول وخيارات بديلة ومستدامة لتلبية احتياجاتهم من الطاقة، خصوصاً مع التوسع العمراني الفترة الأخيرة.

ولعل من أبرز هذه الحلول التحول إلى «المباني الخضراء»، والتي يتم تصميمها وإنشاؤها وتشغيلها بطريقة تقلل تأثيرها السلبي على البيئة وتعزز صحة ورفاهية شاغليها، إلى جانب تحقيق وفر في كلفة إدارتها وتشغيلها، ليصبح هذا الخيار ضرورة اقتصادية واجتماعية فرضتها التحديات البيئية المتزايدة والرغبة في تقليص خطر التغير المناخي، مع الوعي المتنامي بأهمية الحفاظ على الموارد للأجيال القادمة.

ويعزّز التوجه نحو المباني الخضراء المميزات العديدة التي يحققها أصحابها، إذ تتمتع العناصر المستخدمة في هذه الأبنية بعمر افتراضي أطول من العناصر المستخدمة في البناء العادي، الأمر الذي يطيل أعمارها ويقلل معدلات إهلاكها، كما تتميز هذه العقارات بخفضها لتكلفة المبنى بنسبة تصل بين 25 إلى 30 % على المدى الطويل، إذ تعتمد في نظامها على نوعية مواد بناء صديقة للبيئة ذات بصمة كربونية منخفضة، ومواد عازلة للحرارة، وتصميم داخلي وخارجي موفر للطاقة والمياه يحقق الاستخدام الأمثل لهما، كما توفر بيئة داخلية صحية من خلال تحسين الهواء والإضاءة الطبيعية.

ومن جانبها، تسعى الجهات الحكومية لتوفير دعم تمويلي للمواطنين الراغبين في بناء منظومة ألواح كهروضوئية بسكنهم الخاص ومرافقهم. إذ اقترح مسؤولو وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة على مسؤولي البنوك في وقت سابق تبني مبادرة تدعم من خلالها جهود الوزارة لنشر الطاقة المستدامة في البلاد، من خلال طرحها باقات تمويلية يعول بأن تشمل التمويل بنظام القرض الحسن أو أقله توفير آليات دفع مناسبة من بينها نظام التقسيط الميسّر.

«الراي» أثارت تساؤلات حول واقع ومستقبل العقار الأخضر في الكويت، وما إذا كانت مرشحة للتحول إلى هدف سكني يزيد رقعتها في البلاد بالمستقبل القريب؟

من حيث المبدأ يتعين الإشارة إلى أن تكاليف المباني الخضراء هي نفسها نفس تكاليف المباني العادية وأحيانا أكثر قليلاً لأنها تحتاج إلى مواد خاصة لبنائها، لكن تكاليف البناء العادية لا تتوقف بعد عملية البناء إذ ستتطلب دائماً صرف الأموال على الصيانة، التجديد، التشغيل أو حتى الهدم.

هذا لا يعني أن المباني الخضراء لن تحتاج للصيانة أو التجديد أيضاً، ولكن بما أن تلك المباني تم بناؤها من الموارد الطبيعية فجميع تلك الأعمال التجميلية أو التشغيلية للمبنى ستأخذ وقتاً أكثر حتى يستدعي الأمر القيام بها ولذلك فإن الاستثمار في المباني الخضراء هو 10 مرات أكثر ربحاً من تلك المباني العادية.

ولعل من التحديات التي تعيق انتشار المباني الخضراء بالكامل في الكويت أن هذه المباني تعمل على الحرارة لتوليد الطاقة، وبالتالي فهي ليست مصممة للمناطق الساخنة لأنها لا تمتلك أي أنظمه لتبريد الهواء، لذلك ستكون هناك حاجة لمكيفات الهواء الأمر الذي سيجعلها بعيدة الصلة بمفهوم «صديق للبيئة».

ويرى متعاملون في العقار أن نسبة المطورين الملتزمين بأفكار ومعايير الاستدامة الخضراء لا تزال منخفضة جداً في الكويت رغم أنها أرخص وأفضل لمستقبل البناء، مطالبين بضرورة فرض شروط صارمة على المباني الجديدة لكي تكون مستدامة أو خضراء ما يحقق مساهمة حقيقية للمواطن حل مشكلة الكهرباء وخفض تكاليف التشغيل.

وأضافوا أنه كان ينتظر أن تشهد الكويت قوانين ملزمة للتعامل بتلك الأنظمة، خصوصاً أن العناصر البيئية تعد من العناصر المهمة التي تحرص الكويت على تطبيقها كأحد شروط البناء، مشددين على ضرورة نشر ثقافة الاستدامة بين المواطنين، ودعمها بالقوانين والتشريعات اللازمة.

التشجير مطلوب

من جانبه، قال أمين عام اتحاد العقاريين السابق أحمد الدويهيس، إن فكرة التحول إلى المباني الخضراء من الأفكار الجيدة جداً، مؤكداً أن الوقت مناسب لتنفيذها حالياً في الكويت، لاسيما مع ارتفاع درجات الحرارة الكبير الذي تشهده حالياً، ما يجعل التحول إلى الاستدامة من أهم الحلول لمواجهة مشكلة الحرارة والتصحر.

وأشار إلى أن للكويت ظروفها الخاصة بسبب حرارة الجو القاسية، وعدم الاهتمام بالتشجير بالشكل المطلوب، ما يجعل ضرورياً، عمل مصدات طبيعية من الأشجار ذات نوعية معينة تساعد في منع التصحر، مضيفاً أن تحويل البيوت للعمل بالطاقة الشمسية من الأمور التي سبقتنا لها دول خليجية عدة لتتفوق علينا في هذا المجال، مؤكداً أن الكويت قادرة على الاستفادة من الطاقة الشمسية على مدار العام، عن طريق وضع الألواح والخلايا الشمسية على أسطح المباني، الأمر الذي سيخفف الجهد الكهربائي على المحطات التقليدية.

واستعرض الدويهيس التغيرات التي يستطيع المواطنون تنفيذها لتغيير بيوتهم إلى خضراء، مثل استخدام ألوان فاتحة في وجهات المباني والابتعاد عن الألوان القاتمة الجاذبة للحرارة، وأن يتم استخدام مواد عازلة للحرارة، إضافة إلى تصميم المبنى بشكل يجعل التهوية جيدة، مع تقليل كثافة الخرسانة الأسمنتية، مؤكداً أن جميع هذه الخطوات ستؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة داخل المنزل، ما يخفض الكهرباء المستهلكة في التبريد.

وأكد أن التوجه نحو المباني الخضراء ضرورة، وخطوة جيدة، ولكنها تحتاج إلى تشريعات وقوانين محفزة من الحكومة، مضيفاً أن الحكومة لم تقدم حوافز حقيقية تدفع المواطنين إلى إجراء مثل هذه التعديلات في بيوتهم، وذلك رغم اهتمامها بالعناصر البيئة وتطبقها كأحد شروط البناء.

مرحلة خطرة

من ناحيتها، قالت الوسيط العقاري هنادي السلمان، إن الكويت حالياً تمر بمرحلة انقطاع الكهرباء بشكل مستمر، وتوجه الحكومة لتوزيع قسائم جديدة في مناطق عدة، الأمر الذي يحتم فرض شروط صارمة على المباني الجديدة لكي تكون مستدامة أو خضراء ما يحقق مساهمة حقيقية للمواطن حل مشكلة الكهرباء وخفض تكاليف التشغيل.

وأوضحت السلمان أن الإقبال على المواد الصديقة للبيئة، لا يزال منخفضاً رغم أنها أرخص وأفضل لمستقبل البناء، ويرجع ذلك بسبب بُعد ثقافة المواطنين عن فكرة الاستثمار في المباني المستدامة، وذلك لأسباب عدة، أبرزها النزعة الاستهلاكية التي يتعامل بها المواطن في ما يخص الموارد، خصوصاً استخدامه للكهرباء في فصل الصيف، إضافة لعدم توجه الحكومة بشكل جدي لزرع ثقافة الاستدامة لدى المواطنين عبر فرض قوانين صارمة.

وأكدت أن الحكومة قادرة على تغيير ثقافة المواطن في ما يخص استخدامه للطاقة النظيفة والتي ستؤثر على حياة جودة الحياة داخل البلد، مقترحة أن يتم عمل دورات للمواطنين المتقدمين للحصول على قروض سكنية حول ثقافة استخدام معايير الاستدامة في البناء قبل أن يتم صرف مبالغ هذه القروض.

أبرز تحديات المباني الخضراء بالكويت

• نقص الوعي الثقافي للمواطنين عن أهمية المباني الخضراء والمستدامة اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً.

• ضعف الحوافز الحكومية لتشجيع المواطنين على تحويل بيوتهم إلى خضراء.

• عدم وجود تمويل للمواطنين لإعادة هيكلة بيوتهم إلى مستدامة.

• ارتفاع درجة الحرارة في الكويت يؤدي إلى تلف الخلايا الشمسية.

مراعاة الاعتبارات البيئية في جميع مراحل البناء

يراعي المبنى الأخضر الاعتبارات البيئية في كل مرحلة من مراحل البناء، والتي تشمل التصميم، التنفيذ، التشغيل والصيانة، إلى جانب الاعتبارات الرئيسية من تصميم الفراغات وكفاءة الطاقة والمياه، وكفاءة استخدام الموارد، وجودة البيئة الداخلية للمبنى، وأثر المبنى ككل على البيئة.

اذهب للمصدر