التآكل... يهدد الشواطئ

3 weeks ago 6

- محمد الصائغ: «نحر الشواطئ» أحد أبرز التحديات البيئية التي تواجه المناطق الساحلية في الكويت
- مطلوب مشاريع فورية لحماية المناطق المتضررة عبر بناء حواجز أمواج واستخدام تقنيات «تغذية الشواطئ»
- جنان بهزاد: 58 في المئة من سواحلنا معرّضة للغمر فضروري تحديد المناطق المعرضة للتآكل لتنفيذ إجراءات وقائية مبكرة
- ارتفاع مستوى سطح البحر متراً واحداً قد يكبّد القطاع العقاري خسائر تصل إلى 3.5 مليار دينار
- مبارك الهاجري: شواطئنا تواجه مشكلات متزايدة تتعلق بالتآكل وترتبط مباشرة بخصائص المنطقة الجيولوجية وتدخلات البشر
- قرب منسوب المياه الجوفية من السطح يزيد من تشبع التربة ويقلل من تماسكها ويجعلها عرضة للانهيار

رغم تشديد الخبراء والأكاديميين المختصين على أهمية الأخذ في الاعتبار التهديدات التي تشكلها عملية تآكل الشواطئ المتزايدة، بفعل عوامل عدة، من بينها ارتفاع منسوب المياه بفعل ظاهرة الاحتباس الحراري، إلا أنهم أكدوا خلال حديثهم لـ«الراي»، أن«معالجة هذه الظاهرة العالمية التي لا تقتصر على دولة واحدة ما زال ممكناً ويمكن الحد منه من خلال طرق عدة من بينها، تغذية الشواطئ بالرمال والصخور الصلبة وزيادة الشعاب المرجانية والتوسع في زراعة النباتات الشاطئية».

ورأى الخبراء أن معظم الشواطئ الكويتية تتكون من رواسب حديثة غير متماسكة، تشمل الرمال الناعمة والطين، وهي مواد ضعيفة من الناحية الميكانيكية وسهلة التعرية بفعل الأمواج والتيارات، محذرين من أن تآكل السواحل من الظواهر البيئية التي تزداد حدّتها عالمياً، ويؤدي إلى فقدان المواطن البيئية، وتضرر البنية التحتية، وخسائر مالية جسيمة، ما يجعله تحدياً يتطلب تدخلات علمية وتخطيطية فاعلة.

بيئة فريدة

بداية، قال رئيس الجمعية الكويتية لعلوم الأرض الدكتور مبارك الهاجري، إن «دولة الكويت تتمتع بساحل يمتد لأكثر من 500 كيلومتر، ويشكّل بيئة جيولوجية فريدة تجمع بين الرواسب الرملية والطينية، والمسطحات الطينية (السبخات)، والمناطق المرجانية، والجزر الصغيرة. وبالرغم من الطابع الهادئ نسبياً للخليج مقارنةً بالمحيطات، إلا أن الشواطئ الكويتية تواجه مشكلات متزايدة تتعلق بالتآكل، والتي ترتبط مباشرة بالخصائص الجيولوجية للمنطقة وبالتدخلات البشرية».

وفي ما بين الهاجري، لـ«الراي» أن «معظم الشواطئ الكويتية تتكون من رواسب حديثة غير متماسكة، تشمل الرمال الناعمة والطين، وهي مواد ضعيفة من الناحية الميكانيكية وسهلة التعرية بفعل الأمواج والتيارات. ويغيب عن كثير من السواحل وجود الصخور الصلبة التي قد تساهم في مقاومة التآكل»، لفت إلى أن «السبخات تنتشر في المناطق الساحلية، خاصة في شمال الكويت، وهي أراضٍ مالحة منخفضة مغطاة بطبقات رقيقة من الطين والملح. هذه البيئات هشة للغاية وتتعرض للتعرية بسهولة عند تعرضها للتغيرات المناخية أو للأنشطة البشرية مثل الردم أو إنشاء الطرق».

سهولة التفتيت

وذكر أن «الخليج العربي يتّسم بمد وجزر محدود نسبياً، إلا أن تأثير الرياح الموسمية والعواصف البحرية يُمكن أن يزيد من طاقة الأمواج موقتاً، ما يسبب نحتاً أكبر للشواطئ الرملية»، موضحاً أن «الرمال والطين تعد من المواد التي يسهل تفتيتها ونقلها بفعل التيارات البحرية، ما يجعل الشواطئ الكويتية عرضة للتآكل السريع، خاصة في غياب أنظمة بيئية طبيعية مثل الكثبان أو الشعب المرجانية التي تمتص طاقة الأمواج».

وحذر من أنه «في كثير من المناطق الساحلية بالكويت، يكون منسوب المياه الجوفية قريباً من سطح الأرض، ما يزيد من تشبع التربة بالماء ويقلل من تماسكها، ويجعلها أكثر عرضة للانهيار»، لافتا إلى أن «بعض السواحل الكويتية تعاني من غياب الحواجز الطبيعية مثل غابات المانغروف أو الشعاب المرجانية، والتي تعمل عادة على كسر الأمواج وحماية الخط الساحلي من التآكل».

تحدّ وخسائر

بدورها، قالت الأمين العام للجمعية الكويتية لحماية البيئة جنان بهزاد لـ«الراي»، إن «تآكل السواحل من الظواهر البيئية التي تزداد حدّتها عالمياً، ويؤدي إلى فقدان المواطن البيئية، وتضرر البنية التحتية، وخسائر مالية جسيمة، ما يجعله تحدياً يتطلب تدخلات علمية وتخطيطية فاعلة».

وأضافت بهزاد أن «السواحل الكويتية تمثل نحو 90 في المئة من المناطق الحضرية، وأظهرت النماذج أن 58 في المئة من سواحل الكويت معرضة للغمر. لذا، من الضروري دمج الحلول الطبيعية في التخطيط الحضري، وتحديد المناطق المعرضة للتآكل لتنفيذ إجراءات وقائية مبكرة».

وأشارت إلى أن «التقديرات تبين أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية في القطاع العقاري الكويتي تتراوح بين مليار و3.5 مليار دينار، وذلك نتيجة غمر المناطق الساحلية المنخفضة».

وتابعت «تعاني بعض المناطق الساحلية في الكويت من التآكل نتيجة لعوامل طبيعية وبشرية، خاصة في الجزء الجنوبي. بينما تشهد مناطق أخرى، خاصة في الشمال، ترسيباً ملحوظاً. يعود التآكل إلى قرب البنية التحتية من مستوى المد العالي دون مراعاة ارتفاع مستوى سطح البحر وآثاره. أما الترسيب في البنية التحتية الساحلية، فهو ناتج عن ارتفاع نسبة الرواسب العالقة في مياه البحر في شمال الكويت».

الأكثر تضرراً

من جهته، قال الخبير البيئي الدكتور محمد الصائغ لـ«الراي» إن «نحر الشواطئ يمثل أحد أبرز التحديات البيئية التي تواجه المناطق الساحلية في الكويت، وتحديداً في الجنوب. وهذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها باتت أكثر وضوحاً في السنوات الأخيرة نتيجة التغيرات المناخية وتسارع الأنشطة البشرية على السواحل».

واقترح الصائغ،«تنفيذ مشاريع فورية لحماية المناطق المتضررة عبر بناء حواجز أمواج صديقة للبيئة، واستخدام تقنيات (تغذية الشواطئ) بالرمال المستدامة، وإعادة زراعة النباتات الساحلية الطبيعية التي تثبت التربة وتقلل من حركة الرمال، ومراجعة المخططات الإنشائية الواقعة قرب السواحل ووضع قيود واضحة تمنع أي نشاط يزيد من هشاشة الساحل».

ظاهرة طبيعية زادت حدتها

أكد الدكتور مبارك الهاجري، أن«تآكل الشواطئ ظاهرة طبيعية متجذّرة في العمليات الجيولوجية للأرض، لكن تدخل الإنسان غير المتوازن قد زاد من حدّتها».

4 أسباب

بيّن الهاجري، أن أسباب التآكل يأتي بفعل أسباب عدة من أهمها:

1 - تدمير الحواجز الطبيعية مثل الشعب المرجانية والكثبان الرملية.

2 - ارتفاع مستوى سطح البحر بفعل تغير المناخ وذوبان الجليد.

3 - التغيرات في درجات الحرارة والرطوبة والملوحة تعمل على تكسير الصخور ببطء.

4 - طاقة الأمواج تعد العامل الأساسي في عملية التآكل.

4 حلول

عن الحلول الممكنة لهذه الظاهرة، قال الهاجري، من منظور جيولوجي، فإن الحلول لمشكلة تآكل الشواطئ يجب أن تستند إلى فهم دقيق لحركية الرواسب وأنماط التيارات والأمواج. ومن هذه الحلول:

1 - المراقبة المستمرة باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونمذجة النظم الساحلية.

2 - تصميم هياكل حماية ناعمة مثل الكثبان الصناعية والمصدات البيولوجية.

3 - إعادة تغذية الشواطئ بالرمال لتعويض الفاقد.

4 - تشجيع استخدام الحلول الطبيعية، مثل استزراع أشجار المانغروف وتدعيم الشعب المرجانية.

«جال الزور» شاهد عيان

أشار الهاجري إلى دراسة قديمة بأن «شواطئ الكويت مرت عليها أطوار تغيير الـ 40 ألف سنة الماضية، وكانت مرتفعات جال الزور شاهد عيان على سجل هذا التغيير، حيث تكون 6 مستويات لمستوى سطح البحر، كان الأول منها قبل 40 ألف سنة والأخير هو الذي يمثل مستوى سطح البحر الحالي».

اذهب للمصدر