- إصلاحات الكويت ضريبياً إيجابية لتنويع الإيرادات
- ارتفاع الإنفاق العام من عوامل تسريع التضخم محلياً
- مالية الخليج تحت ضغط تراجع الفوائض وعجز متوقع 2025
- الصين مفتاح الصادرات الخليجية وارتفاع التعريفات يهدد طلب الطاقة
قال البنك الدولي، في أحدث تقاريره الاقتصادية الصادرة خلال شهر يونيو، إنه رغم أن أسواق الطاقة العالمية لاتزال تؤدي دوراً بالغ الأهمية في جميع أنحاء دول الخليج، فإن الجهود المستمرة لتنويع النشاط الاقتصادي، تعزز نموذج نمو أكثر توازناً ومرونة وقدرة على الصمود.
ولفت إلى أنه في 2024، شهدت اقتصادات دول الخليج انكماشاً في قطاع النفط بنسبة 3 في المئة من جراء تخفيضات الإنتاج التي أقرتها منظمة «أوبك»؛ بهدف تحقيق استقرار أسعار الطاقة العالمية. ومع ذلك، ارتفع معدل النمو الإجمالي في المنطقة إلى 1.8 في المئة، بسبب التوسع المتسم بالمرونة في القطاع غير الهيدروكربوني الذي بلغ نحو 3.9 في المئة، وساعد في تحقيق هذا النمو والتوسع كل من البحرين وعُمان وقطر والسعودية والإمارات.
توسع الأنشطة
وبشكل عام، بيّن «البنك الدولي» أن 50 في المئة من التوسع في الأنشطة غير الهيدروكربونية يعود إلى الاستهلاك الخاص، أما النصف الآخر، فهو مدفوع بالاستهلاك الحكومي والاستثمارات الثابتة، منوهاً إلى أن جهود تنويع النشاط الاقتصادي الرامية إلى تقليل الاعتماد خاص على الهيدروكربونات تتطلب مزيداً من الإصلاحات الهيكلية.
وأضاف أن نجاح برامج التنويع يعتمد على تحسين نمو الإنتاجية، واستقرار الدعم السياسي فضلاً عن تعزيز كفاءة قدرات المالية العامة. مضيفاً أن نجاح هذه العوامل يتطلب تضافر جهود صانعي القرار السياسي، وفرض رقابة دقيقة وفعالة على تنفيذ المشاريع لدعم هذه التوجهات. وأنه في النهاية، يعتمد نجاح تنويع النشاط الاقتصادي، على قدرة اقتصادات دول الخليج، على استيعاب الصدمات والاضطرابات الخارجية، التي قد تؤثر سلباً على هذه العوامل.
وذكر التقرير أنه في اقتصادات دول الخليج، يمثل عدم اليقين المرتبط بالتجارة العالمية تحدياً بارزاً أمام جهود التنويع الاقتصادي وهذا الأثر قد يتضح من خلال المعروض من المواد والسلع، التي يتم الحصول عليها من مصادر خارجية، إضافة إلى الطلب على صادرات الهيدروكربونات.
كما يؤدي عدم اليقين في سياسات التجارة، إلى تقليص ديناميكية الأعمال والشركات والاستثمارات، بسبب المخاطر التي تهدد التدفقات النقدية المستقبلية، ما يحد فرص تحقيق النمو على المدى الطويل.
وعلى صعيد الطلب العالمي، بيّن البنك الدولي، أن عدم اليقين في شأن سياسات التجارة والتعريفات الجمركية، قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي، ما ينعكس سلباً على الطلب العالمي على الهيدروكربونات، التي تظل من أهم سلع التصدير لدول الخليج.
وقال: «مرة أخرى، قد تؤثر التغيرات في ديناميكية الأعمال والشركات والمستهلكين في الصين، بشكل واضح، على دول الخليج، وذلك بسبب الروابط التجارية القوية بينهما. وفي الوقت نفسه، قد يمثل عدم اليقين فرصة لتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية في دول الخليج».
سوق الطاقة
ولفت البنك الدولي إلى أن حالة عدم اليقين في شأن التجارة الناتجة عن التحولات الرئيسية قد تؤثر في سياسات التجارة خليجياً، بسبب تحول مسار الطلب على الطاقة. ويظهر هذا التأثير بشكل خاص في زيادة الرسوم الجمركية على الإنتاج في الصين، إذ تظل الصين واحدة من الوجهات الرئيسية لصادرات دول الخليج.
وأفاد بأنه في 2023 شكلت الصادرات إلى الصين النسبة الأكبر في سلطنة عُمان بواقع 36.2 5، تليها الكويت 18.6 في المئة والسعودية 14.9% وقطر 13.8 في المئة. أما البحرين والإمارات فليس لهما علاقات تصدير قوية بالصين.
وأشار إلى أنه قد تكون آثار زيادة التعريفات الجمركية، أكبر بالنسبة للبلدان التي تربطها علاقات تجارية وثيقة بالصين. لكن مع تصاعد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي في أعقاب زيادة التعريفات الجمركية، يتضمن سيناريو التطورات السلبية انخفاضاً طويل الأمد في الطلب على الطاقة في جميع أنحاء العالم. وفي إطار هذا السيناريو، يتوقع أن يواجه تعافي سوق الهيدروكربونات ضغوطاً كبيرة، مع إمكانية التأثير على اقتصادات دول الخليج بشكل عام. وفي ظل هذه الظروف تظل الجهود المستمرة لتنويع النشاط الاقتصادي بالغة الأهمية من أجل مستقبل المنطقة.
وقال البنك الدولي إنه تم الحفاظ على استدامة المالية العامة في مختلف دول الخليج، رغم أن تقلبات أسعار النفط الأخيرة وتخفيضات الإنتاج التي أقرتها «أوبك»، قد أضافت ضغوطاً على إيرادات المالية العامة. ورغم استمرار نمو الإنفاق العام، لاسيما في البحرين والكويت وعمان والسعودية، فيما حافظت بعض البلدان على فوائض في موازناتها 2024، حيث حققت عمان فائضاً بـ5.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بـ6.9 في المئة عام 2023، في حين سجلت الإمارات فائضاً بـ4.6 في المئة، وحققت قطر 0.7 في المئة.
ولحظ البنك الدولي تحسينات في أرصدة المالية العامة في البحرين والإمارات، مقارنة بـ2023، متوقعاً أن تواجه معظم دول الخليج عجزاً طفيفاً في الموازنة العامة 2025، نتيجة انخفاض عائدات النفط بسبب تراجع الطلب العالمي.
وذكر أن الخطوات الإيجابية تتمثل في استهداف تنويع قاعدة الإيرادات في الإصلاحات الضريبية، وخاصة تطبيق الحد الأدنى للضريبة التكميلية المحلية بنسبة 15 في المئة في البحرين والكويت والإمارات.
وتتباين مسارات الديون في دول الخليج، حيث تسعى عُمان وقطر والإمارات إلى تخفيض ديونها، في حين شهدت السعودية والبحرين والكويت زيادة في مستويات ديونها، وواصلت عُمان مسارها نحو تعزيز القدرة على تحمل أعباء الديون، حيث خفضت دينها العام 2.3 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي. واتبعت قطر إجراءات مماثلة تهدف إلى توحيد الديون وتثبيتها، في حين حافظت الإمارات على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغة 29.8 في المئة، وشهدت السعودية زيادة في مستويات الديون بـ1.5 نقطة مئوية، من إجمالي الناتج المحلي، والبحرين (1.5%) والكويت (4.1%)، ما يعكس الضغوط على المالية العامة، الناجمة عن انخفاض عائدات النفط،وتزايد نفقات المالية العامة.
ولا تزال آفاق الدين الحكومي مستقرة على المدى القريب، باستثناء البحرين، حيث تظهر مستويات الدين ارتفاعاً ملحوظاً، ويتوقع أن تصل 131 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2026.
الحساب الجاري
ولفت التقرير إلى أن دول الخليج حافظت على مركز خارجي قوي نسبياً رغم عدم اليقين في شأن التجارة والضغوط الناجمة عن انخفاض عائدات النفط. ففي 2024، ظلت فوائض الحساب الجاري إيجابية في جميع دول المجلس، باستثناء السعودية. وساعدت صادرات الخدمات في التخفيف من تأثير تراجع صادرات النفط، ما يعكس قدرة هذه الدول المتزايدة على الصمود في مواجهة التغيرات هيكل العالمية، غير أن فائض الحساب الجاري شهد تراجعاً في معظم الخليج بسبب ارتفاع الواردات من السلع الوسيطة والآلات، ما يعكس نمو الاستثمارات.
وذكر أن إيرادات تصدير النفط استقرت، ومع ذلك تبرز قطر باعتبارها الدولة الوحيدة التي شهدت تحسناً في رصيد حسابها الجاري، بمقدار 0.5 نقطة مئوية، من إجمالي الناتج المحلي في 2024، مدفوعة بأداء قطاعي السياحة والنقل.
التضخم في غالبية دول الخليج... منخفض
أشار البنك الدولي إلى أن معدل التضخم العام في جميع دول الخليج لايزال منخفضاً، رغم خفض أسعار الفائدة عام 2024. فقد بلغ متوسط معدل التضخم نحو 2 في المئة خلال 2024، ما يعكس انخفاضاً إضافياً مقارنة بالمتوسط البالغ 2.2 في المئة عام 2023. وفي 2024، وعلى عكس السنوات السابقة، شهدت جميع دول الخليج تخفيضات في أسعار الفائدة، وذلك تماشياً مع قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، نظراً لارتباط سعر الصرف بالدولار.
ورغم أن ارتفاع الإنفاق العام وعوامل أخرى ربما دفعت إلى تسريع وتيرة التضخم لا سيما في البحرين والكويت وعُمان والسعودية، أوضح التقرير أن احتواء التضخم لايزال سببه استمرار إعانات الدعوم وتثبيت أطر السياسة النقدية، من خلال ربط عملات دول الخليج بالدولار.
وذكر البنك الدولي أن السعودية والإمارات تشهد معدلات تضخم بسيطة، ولكنها مستقرة إلى حد كبير في مؤشر أسعار المستهلكين، عازياً السبب إلى ارتفاع أسعار العقارات والوحدات السكنية. ومن المحتمل أن تؤدي ضغوط الطلب وزيادة حالة عدم اليقين في شأن سياسات التجارة إلى بعض الضغوط السعرية على المدى القصير في دول الخليج. ومع ذلك، توقع استمرار استقرار الأسعار بشكل عام، مع بقاء معدلات التضخم منخفضة.
مضاعفات الإنفاق الاستهلاكي الحكومي على الناتج غير الهيدروكربوني
أفاد التقرير أن مضاعفات المالية العامة التقديرية، للإنفاق الاستهلاكي الحكومي على الناتج غير الهيدروكربوني خليجياً، تعتبر إيجابية، لكنها ضعيفة نسبياً. فعلى المدى القصير، تتراوح مضاعفات الإنفاق الاستهلاكي الحكومي بين 0.1 و0.45 وحدة، وذلك حسب الدولة المحددة التي يتم تحليلها. ويتوافق هذا بشكل عام مع التقديرات الحالية لدول المجلس وكذلك مع الأدلة والشواهد العالمية حول مضاعفات نفقات المالية العامة، رغم أن هذه المضاعفات غالباً ما تكون في المستويات الأدنى.
وبيّن أن تأثير الإنفاق الحكومي الأكبر، كان في السعودية والإمارات والأصغر في الكويت وعُمان. وبالنسبة للبحرين وقطر، جاء تأثير التغير في الناتج غير الهيدروكربوني، استجابة لنفقات المالية العامة إيجابياً، لكنه ليس ذا دلالة إحصائية كبيرة. ومن الناحية الاقتصادية، يشير هذا إلى أن زيادة بمقدار وحدة واحدة في الإنفاق الحكومي، يمكن أن تؤدي إلى زيادة في الناتج، بحجم يتراوح بين 0.1 و0.45 وحدة.