أفادت السلطات الأوكرانية يوم الثلاثاء بأن روسيا نفذت غارات جوية جديدة على مناطق مدنية في أوكرانيا خلال الليل، في تصعيد قُتل فيه مدنيون وجرح آخرون. وقد أدانت كييف في الوقت ذاته إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن وقف أحادي الجانب لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام تبدأ الأسبوع المقبل.
وأوضحت السلطات أن الهجوم الصاروخي تسبب في تدمير عدد من المنازل في منطقة دنيبروبتروفسك الوسطى، ما أسفر عن مقتل فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين، من بينهم طفل يبلغ من العمر 6 سنوات.
إلى ذلك، أشار مسؤولون أوكرانيون إلى أن روسيا أطلقت 20 طائرة مُسيَّرة و31 قنبلة موجهة دقيقة على خاركيف، ثاني أكبر مدن البلاد. كما ذكرت السلطات أن حطام إحدى الطائرات المُسيَّرة الروسية التي تم اعتراضها سقط في أحد أحياء العاصمة كييف وأدى إلى اندلاع حريق.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها أسقطت 91 طائرة مُسيَّرة أوكرانية خلال الليل.
وتأتي هذه التطورات عقب إعلان الرئيس بوتين، يوم الاثنين، وقفًا أحاديًا لإطلاق النار يستمر 72 ساعة بدءًا من 8 مايو وحتى 10 مايو القادم، بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفيتي وحلفائه في الحرب العالمية الثانية.
وأفادت التقارير بأن روسيا رفضت بشكل فعلي اقتراحًا أمريكيًا يقضي بوقف فوري وشامل لإطلاق النار لمدة 30 يومًا، وذلك من خلال وضع شروط تُعدّ بعيدة المدى وغير واقعية. في المقابل، أبدت أوكرانيا قبولها للخطة الأمريكية، وفقًا لما صرّح به الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وتسعى كييف جاهدة إلى ضمان استمرار تدفق المساعدات العسكرية الأمريكية، التي تُعدّ حاسمة في دعم جهودها لصد التقدم الروسي، في ظل مخاوف متزايدة حول قدرة أوروبا على تعويض النقص حال تراجع الدعم الأمريكي.
من جانبه، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب، لكنه أعرب مؤخرًا عن شكوكه بشأن تصميم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الدخول في مفاوضات سلام جادة طالما استمرت الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية. وأشار ترامب إلى أنه يعتقد أن بوتين قد يكون يحاول خداعه.
موسكو وكييف تتبادلان الانتقادات اللاذعة
وانتقد المسؤولون الأوكرانيون بشدة إعلان بوتين وقف إطلاق النار من جانب واحد.
وفي هذا السياق، صرّح أندري ييرماك، رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية، يوم الاثنين 28 أبريل، بأن روسيا ما زالت تحاول تحقيق تقدم عسكري عبر اختراق خط الجبهة الذي يمتد لمسافة 1000 كيلومتر، في وقت تواصل فيه شن هجمات بعيدة المدى تستهدف المناطق المدنية.
وأضاف ييرماك: "يمكن لبوتين أن يصدر الأمر لقواته بالتوقف عن القتال فورًا، لكنه لا يفعل ذلك، وهو ما يدل على أنه يسعى فقط إلى خداع المجتمع الدولي".
كما اتهم زيلينسكي، في كلمته المسائية ذاتها، روسيا بمحاولة خداع الولايات المتحدة. وقال زيلينسكي: "روسيا رفضت باستمرار كل المقترحات وتستمر في التلاعب بالعالم، وهي الآن تحاول خداع الولايات المتحدة.
وأكد زيلينسكي أن وقف إطلاق النار "لا بد أن يكون فوريًا وكاملاً وغير مشروط"، مشترطًا أن يستمر لمدة لا تقل عن 30 يومًا لضمان بيئة آمنة وموثوقة يمكن من خلالها التفاوض على تسوية شاملة.
في المقابل، صرّح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الثلاثاء، بأن أوكرانيا لم تقدم ردًا رسميًا أو ملائمًا على مبادرة وقف إطلاق النار التي أعلنها بوتين، متهمًا السلطات في كييف بالتحايل والتسويف.
وأضاف بيسكوف للصحفيين: "إن عدم تقديم رد واضح ومباشر على هذه المبادرة الرئاسية يُعد في جوهره نوعًا من التلاعب".
وكان بوتين قد أعلن سابقًا عن وقف أحادي لإطلاق النار لمدة 30 ساعة بمناسبة عيد الفصح، إلا أن كييف اتهمت موسكو باستغلال تلك الهدنة للتموضع العسكري، وهو ما نفته روسيا. وبدورها، أبدت أوكرانيا استعدادها للرد بالمثل إذا تم الإعلان عن هدنة حقيقية وفعالة.
إلى جانب ذلك، تتواصل الاتهامات بين الطرفين بشأن خرق وقف إطلاق النار الذي أعلنته موسكو، حيث أكد كل طرف أن الطرف الآخر هو المسؤول عن الهجمات المستمرة.
يذكر أن بوتين كان قد سبق وأعلن شروطًا لوقف دائم لإطلاق النار، تشمل وقف إمدادات الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا وتجميد جهود التعبئة العسكرية في البلاد، وهي مطالب رفضتها الحكومة الأوكرانية.