#منوعات
ياسمين العطار اليوم 09:45
تمثل مسيرة أحمد سعيد المزروعي، المحامي والرئيس التنفيذي لشركة «سعيد سليّم للمحاماة»، نموذجاً ملهمًا، يجسد كيف يمكن للإرث العائلي أن يوجه المسارات المهنية، ويعزز الطموحات. فقد بدأ مشواره ضابطاً في شرطة دبي، ثم انتقل إلى منصة القضاء، قبل أن يتفرغ لممارسة المحاماة، مستفيداً من خلفية قانونية وعملية متكاملة. ويؤكد المزروعي أن والده، الذي عمل في سلك الشرطة لمدة 30 عاماً، كان الملهم الأول لغرس قيمة العدالة في نفسه، وهي القيمة التي تشكل حجر الزاوية في رحلته المهنية.. في هذا اللقاء، نستعرض تجربته وآراءه حول دور التكنولوجيا والابتكار في المجال القانوني، بالإضافة إلى تأثير عائلته ووالده في تشكيل رؤيته ومهاراته:
التكنولوجيا في خدمة العدالة
خلال مسيرته المهنية، بداية من المجال الشرطي، مروراً بالقضاء، ووصولاً إلى المحاماة.. سعى أحمد المزروعي جاهداً إلى توظيف التكنولوجيا لخدمة العدالة، وعن هذا يقول: «كانت تجربتي في توظيف التكنولوجيا بمجال العدالة مميزة. ففي شرطة دبي، أتيحت لي الفرصة للعمل في مجال الجرائم السيبرانية. ثم، كقاضٍ، استخدمت التكنولوجيا كوسيلة لدعم سير العمل في المحاكم. والآن، كمحامٍ، أسعى إلى تطبيق الابتكارات الرقمية؛ لتحسين الخدمات القانونية».
بيئة محفزة
وعن بداية شغفه بخدمة العدالة، أوضح: «عندما كنت صغيراً، كنت أحلُم بالسير على خطى والدي؛ لأصبح ضابط شرطة. كان والدي، الذي خدم في الشرطة لمدة 30 عاماً، ووصل إلى مناصب رفيعة، قبل الانتقال إلى القانون، وإنشاء مكتب محاماة خاص به عام 2010، مصدر إلهام كبيراً لي. وأدت نشأتي، في هذه البيئة، إلى غرس احترام عميق للعدالة بداخلي؛ ما شكل طريقي نحو مهنة شهدت تحولات ملحوظة».
-
أحمد المزروعي: شغفي بخدمة العدالة غَرْسُ والدي
البداية
بدأ أحمد المزروعي مسيرته عام 2002، بالانضمام إلى شرطة دبي، برتبة «ملازم»، وعن بداياته يقول: «تخرجت ملازماً، وكنت جزءاً من فريق العمل في قوة الشرطة. فمن بين مجموعة صغيرة من الضباط، ساهمت في حل ومعالجة عمليات الجرائم السيبرانية بدبي، التي كانت مجالاً جديداً وصعباً في ذلك الوقت. ولم يَحُلّ الفريق العديد من حالات الجرائم السيبرانية فحسب، بل وضع أيضاً الأساس لنظام بيئي رقمي أكثر أماناً في المنطقة. لذلك، شكل إخلاصي للعمل في حل الجرائم، وقيادة التحقيقات، وضمان تحقيق العدالة، فهمي للقانون. وقد وضعت هذه التجارب في قسم الشرطة أساساً متيناً للمرحلة التالية من حياتي المهنية، ساعدني في تعميق فهمي للقانون، من منظور تطبيقي، وميداني».
الانتقال إلى منصة القضاء
أكد أحمد المزروعي أنه، عام 2014، أتيحت له فرصة غيرت مساره المهني، وأضاف: «بمكرمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تم نقلي إلى المحكمة الجنائية قاضياً. اتسمت مسيرتي المهنية القضائية بالنجاح، فقد تم تكريمي أربع مرات متتالية كقاضٍ متميز، وعملت في المحكمة الجنائية الرئيسية الأولى، والمحكمة العقارية، والمحكمة المدنية. وقد أكسبتني هذه التجربة خبرة معمقة بإدارة القضايا المعقدة».
الممارسة القانونية الخاصة
وعن سبب تحول مساره المهني إلى المحاماة، كشف أحمد المزروعي أنه - بعد سنوات في القانون، وسلك القضاء - أدرك أن دعوته الحقيقية كانت في الممارسة القانونية الخاصة. وبالاعتماد على خبرته الواسعة، انتقل إلى القانون، وتولى دورَ كبيرِ المحامين والرئيس التنفيذي لشركة «سعيد سليّم للمحاماة»، مكتب المحاماة الخاص بوالده. ويقول: «قادت إدارتي (الشركة) إلى آفاق جديدة، منها: القانون الجنائي، والعقاري، وهما مجالان يُبرزان خبرتي الممتدة، بعدما عملت في الملاحقة القضائية والدفاع، وتعاملت مع القضايا القانونية المعقدة».
الإمارات نموذج في التشريع والابتكار
وفي معرض حديثه عن الطرق، التي تتبعها دولة الإمارات؛ لتطوير منظومة تشريعية وتنظيمية، تدعم التقدم التكنولوجي، وتضمن استخدامه بما يخدم المجتمع والاقتصاد، أردف: «تُثبت دولة الإمارات أن التقدم التكنولوجي الحقيقي لا يقتصر على تبني التقنيات الحديثة فحسب، بل يعتمد أيضاً على بناء منظومة تشريعية وتنظيمية، قادرة على استيعاب هذه التقنيات، واستخدامها بما يخدم المجتمع والاقتصاد. ومن خلال هذه الجهود المستمرة، تُواصل الإمارات ترسيخ مكانتها دولةً رائدةً في العالم الرقمي، تُوازن بين تطلعات المستقبل، ومتطلبات الحاضر؛ ما جعلها نموذجاً يُحتذى في مواءمة التشريع للتقدم التكنولوجي».
التطورات التكنولوجية والأنشطة المخالفة
أشار أحمد المزروعي إلى أن التطور التكنولوجي، رغم فوائده الكثيرة، فتح آفاقاً جديدة لظهور أنماط مستحدثة من الجرائم؛ ما استدعى تطوير التشريعات، ويضيف: «لم تعد الجريمة كما كانت في السابق، بل ظهرت بصور جديدة في الفضاء الرقمي، منها: الاحتيال المالي، وسرقة البيانات، ونشر الشائعات. وقد استلزم ذلك تحديثات تشريعية؛ لمقاومة أي انتهاك؛ بناء على استخدام تلك الوسائل الحديثة بصورها كافة».
بين العمل والحياة
وفي ما يتعلق بالتحديات الشخصية، أشار المزروعي إلى أن التوفيق بين المتطلبات المهنية، والحياة الشخصية، لم يكن بالأمر السهل، لكنَّ دعم العائلة كان عاملاً حاسماً.. وأوضح: «تطلب عملي - في إنفاذ القانون، أو القضاء، والآن العمل الخاص - تضحيات كثيرة في حياتي الشخصية. لكن بالدعم القوي من عائلتي، والالتزام بالحفاظ على التوازن، نجحت في التغلب على هذه التحديات كافة. كانت عائلتي مصدراً للقوة والوضوح؛ ويذكرني هذا بأهمية تحقيق التوازن بين التميز المهني، والرفاهية الشخصية».
عرفان.. وامتنان
وختم أحمد المزروعي، حديثه، بتوجيه الشكر والتقدير إلى كل الجهات القضائية والشرطية بالدولة، مثمناً جهودها في تطوير المنصات الرقمية القانونية، قائلاً: «أشكر جميع القطاعات العدلية والقانونية، متمثلة في: وزارة العدل، والمحاكم، والنيابات، والجهات الشرطية، بالإمارات كافة، لتوفيرها المنصات الرقمية المطورة، ومواكبتها جميع التقنيات والتحديثات، التي تساعد في استخدام أحدث التقنيات».