وفاء عيد تضع يديها على كتفي طفليها، أمام البابا فرانسيس، بعد وصولها إلى روما، عام 2016، وتوجد طائرة في الخلفية.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، وفاء عيد مع البابا، لدى وصولها مع عائلتها إلى روما، عام 2016
  • Author, ليبو ديسيكو
  • Role, مراسلة الشؤون الدينية في الخدمة العالمية
  • Reporting from روما
  • قبل 51 دقيقة

"لستم وحدكم".. كانت هذه هي رسالة البابا فرنسيس إلى المهاجرين في جزيرة لسبوس اليونانية، عندما زارها عام 2016، كما حثهم أيضاً على أن "لا يفقدوا الأمل".

كان ذلك في خضم أزمة الهجرة إلى أوروبا، عندما لجأ مئات الآلاف من الفارين من النزاعات والانتهاكات في دول مثل سوريا والعراق وأفغانستان وإريتريا إلى الاتحاد الأوروبي.

فاجأ الحبر الأعظم الجميع تقريباً، بما فعله في وقت لاحق من ذلك اليوم، فقد عرض أن يصطحب معه 12 من الأشخاص الأكثر ضعفاً على متن طائرته إلى إيطاليا. واختير هؤلاء الأشخاص، بمساعدة جماعة سانت إيجيديو الكاثوليكية، التي تُعرف بأعمالها الخيرية.

كانت وفاء عيد، وزوجها، وطفلاهما الصغيران الذين فروا من الحرب الأهلية في سوريا ضمن الـ 12 شخصا.

تقول وفاء إن البابا فرنسيس كان "مثل الملاك"، مشيرة إلى أن البابا سمح للمهاجرين بالصعود إلى الطائرة أولاً، لتجنب شدة حرارة الجو.

وفاء عيد ترتدي طرحة زرقاء، وتبتسم أمام الكاميرا

التعليق على الصورة، وفاء عيد فرت من الحرب الأهلية في سوريا مع زوجها وطفليها

وتقول وفاء : "جاء البابا إلينا مباشرةً، فور صعوده على متن الطائرة" وأضافت أن البابا فرنسيس وضع يده على رأس أطفالي وقال: "مرحباً، نحن سعداء".

قبل تدخل البابا فرنسيس، كانت وفاء تخشى إرسال عائلتها إلى تركيا، بعد اتفاق الاتحاد الأوروبي لترحيل الأشخاص الذين وصلوا بشكل غير نظامي ودون وثائق رسمية، لكن تصرف البابا غير كل شيء، بالنسبة لعائلتها.

ساعد فريق سانت إيجيديو عائلة وفاء في العثور على سكن، والاستقرار في إيطاليا. وتعيش العائلة حالياً في روما، حيث تعمل وفاء كعاملة نظافة.

وتقول وفاء: "أطفالي لديهم مستقبل، فهم يدرسون. أنا أعمل، وزوجي يعمل، أصبحنا نعيش حياةً طبيعيةً".

توبيخ الاتحاد الأوروبي

البابا فرنسيس يضع إكليلاً من الزهور في البحر، تخليداً لذكرى الضحايا، الذين غرقوا، أثناء محاولة الوصول إلى أوروبا

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، البابا فرنسيس يضع إكليلاً من الزهور في البحر، تخليداً لذكرى الضحايا، الذين غرقوا، أثناء محاولة الوصول إلى أوروبا

وقال الفاتيكان إن البابا أراد أن يقدم "بادرة ترحيب" باللاجئين، بدلاً من الإدلاء ببيان سياسي، لكن اعتُبر ذلك على نطاق واسع بمثابة توبيخ، لسياسة الاتحاد الأوروبي المتشددة.

وفقًا لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة، وصل أكثر من مليون مهاجر إلى أوروبا عن طريق البحر، في العام السابق.

وقالت المنظمة إن أكثر من 3770 مهاجراً لقوا حتفهم، أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط عام 2015 . وأوضحت أن معظم هؤلاء المهاجرين عبروا البحر، من شمال أفريقيا إلى إيطاليا، بينما غرق أكثر من 800 مهاجر في بحر إيجة، أثناء محاولتهم العبور، من تركيا إلى اليونان.

وقال البابا فرنسيس إن الحل يكمن في حل المشاكل في بلادهم الأصلية، ودعا إلى التعاطف مع الفارين من أوطانهم.

البابا فرنسيس يجلس في السيارة مبتسماً، وهو يغادر مركز أستلي، الذي يرعى الوافدين الجدد

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، البابا فرنسيس يغادر مركز أستالي، الذي يرعى الوافدين الجدد

لم يتفق الجميع مع موقف البابا فرنسيس، حيث قال السياسي الإيطالي اليميني ماتيو سالفيني إن واجبه يقضي برفض الهجرة غير الشرعية.

وجاءت رئيسة الوزراء الإيطالية الحالية جورجيا ميلوني إلى السلطة، داعية إلى فرض حصار في البحر الأبيض المتوسط، لوقف تدفق المهاجرين. ولم تنفذ ميلوني ذلك حتى الآن، بينما حافظت على علاقة دافئة مع البابا، لكن موقفها يعكس قوة شعورها تجاه هذه القضية.

وقبل ثلاث سنوات من زيارة لسبوس، كان البابا فرنسيس قد زار جزيرة لامبيدوزا جنوبي إيطاليا، والتي اعتبرها الكثير من المهاجرين بمثابة بوابة إلى الاتحاد الأوروبي.

وتلا البابا خلال هذه الزيارة قداساً من أجل المهاجرين، وأدان "اللامبالاة العالمية" تجاه محنتهم، ووضع إكليلاً من الزهور في البحر، تخليداً لذكرى أولئك، الذين غرقوا، في محاولة الوصول إلى أوروبا.

ابتسامة البابا بقيت في ذهني

كيدريك موساو كاسونغو، يرتدي سترة زرقاء داكنة، وينظر إلى الكاميرا، بينما شعره قصير، ويرتدي قرطين دائريين صغيرين، أحدهما يتدلى منه صليب.

التعليق على الصورة، كيدريك موساو كاسونغو، من جمهورية الكونغو الديمقراطية، دُعي إلى الفاتيكان

وزار البابا، بعد ذلك، مركز أستالي في وسط روما، الذي يعمل لرعاية الوافدين الجدد إلى إيطاليا. ويقدم المطبخ التابع للمركز وجبات الطعام لحوالي 300 لاجئ، وطالب لجوء يومياً.

يدير مركز أستالي الكهنة الكاثوليك "اليسوعيون"، وهو نفس النظام الديني الذي كان ينتمي إليه البابا فرنسيس، عندما كان كاهناً. ويقدم المركز خدمات مثل الرعاية الصحية الأساسية، والمساعدة القانونية، بالإضافة إلى المساعدة في الاندماج داخل المجتمع الإيطالي.

وكان البابا فرنسيس قد وصل في سيارة بسيطة "هاتشباك" من طراز فورد، واستغل الوقت، لالتقاط صور سيلفي مع بعض المهاجرين.

يقول رئيس المركز، الأب كاميلو ريبامونتي: "في الوقت الذي كان فيه الوضع السياسي الدولي غير مستقر للغاية، وتميز بإغلاق الحدود في العديد من البلاد، كان وجود البابا بجانب المهاجرين بمثابة مساعدة كبيرة".

كان كيدريك موساو كاسونغو، من جمهورية الكونغو الديمقراطية، أحد الأشخاص، الذين يدعمهم المركز. وفي عام 2023، بدأ البابا جولة أفريقية، شملت بلد كيدريك.

وكان كيدريك قد دُعي إلى الفاتيكان مع مهاجرين آخرين من كل دولة، كان من المتوقع أن يزورها البابا، لإعطاء الزعيم الكاثوليكي فهماً أفضل للأوضاع في تلك الدول.

يقول لي كيدريك: "حقاً شعرت بأنني موجود. أحيانًا يكون الأشخاص الأجانب غير مرئيين من جانب الآخرين، لكن أن أقف أمام البابا وأحييه وأمسك بيده، فقد كان ذلك بالنسبة لي لفتة عظيمة. شعرتُ بأنني مرحب بي أكثر، وأنني مرئي، ويُستمع إلى".

وقال كيدريك: "ابتسامة البابا هي الشيء الذي بقي في ذهني حقاً، عندما حيّاني وأمسك بيدي، هذه هي الصورة، التي أراها عندما أفكر في البابا".

https://www.bbc.com/arabic/world-59540892